الدوحة – سيف الحموري – كشف الدكتور مسعود جار الله المري مدير إدارة الأمن الغذائي بوزارة البلدية عن خطة لمعالجة تدني عائدات المزارع، وقال د.المري في حوار خاص لـ « العرب « إن الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2030 في دولة قطر تتضمن سلسلة من المبادرات والإجراءات التي تهدف إلى مواجهة التحديات المرتبطة بتدني عائدات أصحاب المزارع والعزب، تسعى الاستراتيجية إلى تحسين آليات التسعير لتحقيق.
وأضاف أن الاستراتيجية الجديدة ترتكز على ثلاثة محاور هي الإنتاج والأسواق المحلية، والاحتياطي الاستراتيجي ونظم الإنذار المبكر، والتجارة الدولية والاستثمار، وذلك لتعزيز الإنتاج المحلي، تأمين الاحتياطات الاستراتيجية، والتوسع في التجارة الدولية والاستثمار لضمان استدامة الأمن الغذائي في قطر. وفيما يلي نص الحوار:
◆ ما أبرز محاور الاستراتيجية الجديدة وعلى ماذا تركز؟
¶ بداية نشير الى أنه تم إعداد الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2030 بشكل مدروس وبالتعاون الوثيق مع جميع الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص بالدولة، لتكون استجابة شاملة وفعالة للتحديات المرتبطة بالأمن الغذائي، ولتعزيز قدرة الدولة على تحقيق الاستدامة في توفير الغذاء، وتركز الاستراتيجية على تعزيز الإنتاج المحلي، تأمين الاحتياطات الاستراتيجية، والتوسع في التجارة الدولية والاستثمار لضمان استدامة الأمن الغذائي في قطر. هذا، وتعتمد الاستراتيجية لتحقيق أهدافها على مجموعة من الركائز الأساسية التي تساهم في تعزيز استدامة الأمن الغذائي في دولة قطر، وهي كما يلي:
الركيزة الأولى: الإنتاج المحلي والأسواق المحلية:
تهدف هذه الركيزة إلى تعزيز الإنتاج المحلي من خلال دعم القطاع الزراعي باستخدام تقنيات الزراعة الحديثة والممارسات المستدامة، كما تسعى إلى تقليل التحديات الناتجة عن الانقطاع المحتمل في الإمدادات الغذائية العالمية وتحسين القدرة على تلبية احتياجات السوق المحلي بشكل مستدام.
الركيزة الثانية: الاحتياطي الاستراتيجي ونظم الإنذار المبكر:
تركز هذه الركيزة على بناء احتياطات غذائية استراتيجية أساسية لضمان توافرها في حالات الطوارئ والأزمات، بالإضافة إلى إنشاء مخزون استراتيجي من مدخلات الإنتاج الزراعي لضمان استمرارية الإنتاج المحلي في حالة حدوث اضطرابات في سلاسل الإمداد العالمية. كما تهدف إلى تطوير نظم إنذار مبكر للكشف عن المخاطر المحتملة واتخاذ إجراءات سريعة وفعالة، مما يعزز قدرة الدولة على التكيف مع الأزمات ويضمن استمرارية تدفق الإمدادات الغذائية والمدخلات الزراعية الضرورية.
الركيزة الثالثة: التجارة الدولية والاستثمار:
تهدف هذه الركيزة إلى تعزيز التعاون التجاري مع الدول المنتجة للغذاء وتنويع مصادر الإمداد الغذائي من خلال الشراكات الفعالة والاستثمارات الاستراتيجية، مما يقلل من المخاطر المرتبطة بالاعتماد على مصدر واحد ويعزز توافر الإمدادات الغذائية المتنوعة والمتجددة.
17 مبادرة
◆ كم عدد المشاريع الغذائية في الاستراتيجية الجديدة؟
¶ الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2030 تشتمل على 17 مبادرة موزعة على ثلاث ركائز رئيسية، تدعمها 146 تدبيرا لضمان التنفيذ الفعال، هذه المبادرات تهدف إلى تعزيز الاستدامة في مجال الأمن الغذائي من خلال تحسين الإنتاج المحلي، بناء احتياطات استراتيجية، وتعزيز التعاون التجاري الدولي. كما أن التدابير المختلفة التي تم وضعها تهدف إلى تحقيق تنسيق كامل بين الجهات المعنية من القطاعين العام والخاص لضمان تحقيق الأهداف بكفاءة وفعالية.
◆ متى يبدأ تطبيق خطة الفاقد الزراعي والهدر الغذائي؟
¶ نشير في هذا الجانب الى انه يجرى حالياً تنفيذ مشروع دراسة تحديد خط الأساس لمؤشري فقد وهدر الغذاء على مستوى دولة قطر وذلك بالتعاون بين وزارة البلدية وجامعة قطر، حيث تهدف الدراسة الى إنشاء خط الأساس لمؤشري فقد وهدر الغذاء على مستوى دولة قطر، وفقاً للمعايير الدولية، وتوليد المعرفة والمعلومات عن حالة الفقد والهدر على مستوى الدولة، ومراجعة وتقييم السياسات والتشريعات المرتبطة بفقد وهدر الغذاء الموجودة حالياً، لتزويد صانعي السياسات ومتخذي القرار بوسائل لتقييم السياسات القائمة، مع تحديد أساس علمي يمكن من خلاله جعل سلاسل الإمداد الغذائي أكثر فاعلية في مجال الحد من هدر وفقد الغذاء، وتنبع أهمية هذه الدراسة من كونها اللبنة الأولى في إعداد برنامج وطني للحد من فقد وهدر الغذاء في دولة قطر، وهو ما يعزز جهود الدولة لتحقيق استدامة أكبر في قطاع الغذاء.
توازن بين المنتجين والمستهلكين
◆ ما نصيب المزارع والعزب المنتجة من الدعم في الاستراتيجية الجديدة؟
¶ في الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2030 في دولة قطر، تحظى المزارع والعزب المنتجة بنصيب من الدعم، حيث تتضمن الاستراتيجية سلسلة من المبادرات والإجراءات التي تهدف إلى مواجهة التحديات المرتبطة بتدني عائدات أصحاب المزارع والعزب، تسعى الاستراتيجية إلى تحسين آليات التسعير لتحقيق توازن عادل بين مصالح المنتجين والمستهلكين، مما يساهم في زيادة العائدات الاقتصادية للمزارعين والعزب المنتجة، كما تهدف إلى تطوير آليات جديدة للتجارة المباشرة من اجل حماية المنتجين المحليين من تأثيرات المنتجات المستوردة، وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية. كما تعمل الاستراتيجية على تحفيز الكفاءة والاحترافية في القطاع الزراعي من خلال تقديم الدعم المرتبط بمخرجات الإنتاج، مما يساعد على تحسين كفاءة الإنتاج وزيادة الجودة، وفي إطار تعزيز الاستدامة والابتكار، تتضمن الاستراتيجية تطوير حزمة حوافز تشجع المزارعين على إنشاء بيوت محمية ذات تقنيات عالية أو تحديث البيوت المحمية القائمة باستخدام تقنيات أفضل، كذلك، تعمل الاستراتيجية على تطوير سياسات وآليات دعم تهدف إلى تحفيز المزارعين على التحول من إنتاج الخضروات في الحقول المكشوفة إلى البيوت المحمية، وهو ما يساهم في تعزيز استدامة الإنتاج الزراعي في ظل الظروف المناخية المتغيرة، بالإضافة إلى ذلك، يتم تطوير أدوات للتأمين الزراعي على المحاصيل، بهدف حماية المزارعين من الخسائر الناتجة عن الظروف المناخية القاسية والكوارث الطبيعية، مما يسهم في ضمان استمرارية الإنتاج الزراعي في قطر. من خلال هذه المبادرات والإجراءات، تهدف الاستراتيجية إلى دعم استدامة القطاع الزراعي، وزيادة العائدات الاقتصادية للمزارعين والعزب المنتجة، وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية والحيوانية المحلية في الأسواق.
◆ كيف تقيمون منجزات الاستراتيجية السابقة؟
¶ ساهمت الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2018-2023 بشكل فعال في تعزيز قدرة دولة قطر على تأمين احتياجاتها الغذائية وضمان استدامتها في ظل الظروف العالمية المتغيرة، فقد شكلت هذه الاستراتيجية درعاً واقياً في مواجهة تداعيات أزمة فيروس كورونا والتأثيرات الناتجة عن الأزمات الجيوسياسية التي شهدها العالم، وبفضل فعالية منظومة الأمن الغذائي، تمكنت دولة قطر من تحقيق استقرار في توفير الإمدادات الغذائية خلال فترة الأزمات، وهو ما ساعد في ضمان استمرارية تلبية احتياجات السكان. كما تمكنت دولة قطر من توفير إمدادات غذائية مستدامة وآمنة خلال استضافتها لبطولة كأس العالم «فيفا قطر 2022»، حيث تم توفير الغذاء بشكل مستدام للزوار والمشاركين في البطولة، وقد جاء هذا النجاح على الرغم من استضافة أكثر من مليون زائر من مختلف دول العالم، مما يعكس قدرة الدولة على إدارة هذا الحدث الكبير وضمان استقرار السوق المحلي.
النجاح الذي تحقق يعود في جزء كبير منه إلى التعاون الفعّال مع مجموعة واسعة من أصحاب المصلحة في القطاعين العام والخاص داخل الدولة، وكذلك إلى التنسيق المستمر مع شركاء تجاريين دوليين، مما يعكس التكامل بين مختلف الجهات لضمان توفير الإمدادات الغذائية بشكل مستدام وآمن، تعتبر هذه المنجزات بمثابة دليل على فاعلية الاستراتيجية القديمة وقدرتها على التكيف مع الأزمات العالمية، مما يضع اساساً قوياً للاستراتيجية الجديدة لتحقيق أهداف الأمن الغذائي في المستقبل.
تقنيات الزراعة الحديثة
◆ هل هناك استحداث لمشاريع جديدة تدعم مشاريع الإنتاج الغذائي الحيواني والزراعي؟
¶ بشكل عام فان الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي في الوقت الراهن توصي بتركيز الجهود على دعم القطاع الزراعي والحيواني من خلال تطبيق تقنيات الزراعة الحديثة والممارسات المستدامة. بدلاً من إطلاق مشاريع جديدة، بهدف تحسين الإنتاجية في المشاريع القائمة، مع الاستفادة من الابتكارات التقنية لتعزيز كفاءة الإنتاج وجودته، وذلك بهدف رفع مستوى الاستدامة وزيادة الكفاءة في استخدام الموارد، بما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي وزيادة مستويات الاكتفاء الذاتي.
◆ هل هناك حاجة لزيادة عدد المزارع او العزب المنتجة لتحقيق اهداف الاستراتيجية؟
¶ الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي 2030 لا تستدعي زيادة عدد المزارع والعزب المنتجة في الوقت الحالي، بل تركز على استغلال المزارع والعزب القائمة بشكل أمثل. يتم ذلك من خلال تحسين الإنتاجية، وتطبيق تقنيات الزراعة الحديثة المستدامة، وتطوير البنية التحتية والأنظمة الداعمة لتحقيق أقصى استفادة من الموارد المتاحة. كما تشمل الاستراتيجية تعزيز السياسات الزراعية التي تساهم في تحقيق الاستدامة وتعزيز التنافسية في القطاع الزراعي وتيسير الوصول إلى الأسواق المحلية.