كتب ناصر المحيسن – الكويت في الاثنين 23 ديسمبر 2024 10:06 مساءً – فيما صدر المرسوم بقانون 116 لسنة 2024 بتعديل بعض أحكام المرسوم الأميري 15 لسنة 1959 بقانون الجنسية الكويتية، أكدت قراءة قانونية لاثنين من الخبراء الدستوريين أن «التعديلات الصادرة تسري بأثر فوري وليس رجعياً، مع التأكيد على أن منح الجنسية أو اكتسابها وفقاً لأي مادة من مواد القانون، إن قام على غش أو تزوير، فإن ذلك يفسد جميع المعاملات، ومن ثم يكون قرار منح الجنسية كأن لم يكن طالما قام على غش وتزوير».
وبيّنت القراءة أن «سحب الجنسية ممن حصل عليها بالتبعية متروك لقرار وتقدير السلطة حال ارتكاب جريمة»، موضحة أن «هذا السحب في حالات معينة نص عليها التعديل، وهذا أمر ليس (أوتوماتيكياً) وإنما متروك لتقدير السلطة».
وذكرت أنه «إذا تبيّن أن هناك جنسية مُنحت بصفة أصلية لادعاء قرابة، فمن الوارد فقدها، استناداً لنفي النسب باستخدام وسائل الإثبات الحديثة مثل DNA».
ووفقاً للمذكرة الإيضاحية، فإن «قانون الجنسية يعتبر من أهم القوانين المعمول بها في الكويت التي تعد من الدول السباقة في تنظيم مسائل الجنسية، حيث سبق أن صدر القانون 2/ 1948 بتنظيم الجنسية الكويتية، مروراً بصدور المرسوم الأميري 15/ 1959 بقانون الجنسية، لمواكبة التطور المجتمعي، ومواجهة أي نوع من أنواع التلاعب أو العبث في الهوية الوطنية، لما لها من تأثير مباشر في المساس بأمن واستقرار المجتمع وتجانس تركيبته السكانية، ونظراً لما أفرزه التطبيق العملي لبعض أحكام المرسوم الأميري 15 /1959 بقانون الجنسية الكويتية لبعض المشكلات العملية في التطبيق».
ومن بين التعديلات، أنه لم يعد هناك عامل زمني لسحب الجنسية في حالات ارتكاب جرائم محددة، حيث كان في السابق محدداً بـ15 سنة، كما أضيفت أنواع جديدة من الجرائم.
ففي النص القديم للمادة 13 – بند 2، جاء أنه يمكن سحب الجنسبة من الذي كسبها بموجب مرسوم وبناء على عرض وزير الداخلية «إذا حُكم عليه خلال خمس عشرة سنة من منحه الجنسية الكويتية في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة».
أما البند 2 من المادة 13 في التعديل الجديد، أصبح نصه كالتالي: «إذا حكم عليه بحكم بات بعد منحه الجنسية الكويتية، في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، أو بجريمة من جرائم أمن الدولة الداخلي أو الخارجي، أو في جريمة المساس بالذات الإلهية أو الأنبياء أو الذات الأميرية».
«تثبت بحكم القانون بالتأسيس أو الولادة… لا بقرار إداري حتى تسحب بمثله»
الفيلي لـ«الراي»: إذا تبيّن منح جنسية «أصلية» لادّعاء قرابة فوارد فقدها استناداً لنفي النسب باستخدام «DNA»
– القانون يمنع الازدواجية… والتعديلات لم تتعامل مع فكرة انعدام الجنسية في حالة السحب
– هناك سحب لحالات يعتبرها قانون الجزاء جريمة… فهل «الإدارة» لن تقدم أدلتها للقضاء لتطبيق العقوبة وتذهب مباشرة للسحب؟
أوضح الخبير الدستوري الدكتور محمد الفيلي، أن «الأصل في القوانين أنها لا تسري بأثر رجعي، إلا إذا ورد في النص حكم يقرر ذلك صراحة، ويجب ألا يكون ذلك في المواد الجنائية مع الأخذ بالاعتبار الحكم الأصلح للمتهم».
وبيّن الفيلي لـ«الراي» أن «وجود أحكام تقرر السحب يجعلنا في غير وارد تطبيق فكرة الأحكام التنظيمية التي هي بطبيعتها تتعامل مع الوضع القائم، وتمده للمستقبل، ولا تنشئ مراكز قانونية تستكمل الماضي».
وأوضح أن «سحب الجنسية هو ما كان مرتبطاً بقرار. أما الكويتي بصفة أصلية فجنسيته تثبت بحكم القانون مترتبة على واقعة ولادته لأب كويتي، إما اعتباراً مثل حالة التأسيس، أو بالولادة لمن ثبتت جنسيته وقت الولادة، فلم تثبت له الجنسية بقرار إداري حتى يمكن سحبها منه بقرار إداري».
وبيّن أن «التعديلات نصت على حالات يتم فيها السحب، وهي كمبدأ وردت في القانون الجديد، ولكن يلاحظ أنه بالإضافة للسحب وفقاً لمصلحة البلاد (وهو أمر يحتاج للضبط) هناك سحب لحالات قانون الجزاء يعتبرها جريمة، فهل (الإدارة) لن تقدم أدلتها للقضاء لتطبيق العقوبة عليه، وتذهب مباشرة للسحب؟».
وأضاف «وفقاً للتعديلات، إذا تبيّن أن هناك جنسية بصفة أصلية منحت بناء على ادعاء قرابة بنوة أو أبوة، فمن الوارد فقدها استناداً لنفي النسب باستخدام وسائل الاثبات الحديثة، مثل DNA، لكن النص لم يحدد نطاقاً زمنياً للتطبيق».
وأشار إلى أن «التعديلات لم تأخذ بمعيار بات موجوداً على مستوى القانون المقارن، وهو أن السحب لا يجوز أن يؤدي إلى انعدام الجنسية»، لافتاً إلى أن «قانوننا يمنع على المتجنس ازدواج الجنسية، ويلزمه بالتنازل عن جنسيته السابقة، والتشريع الجديد لم يتعامل مع فكرة انعدام الجنسية في حالة السحب، وهو أمر وفقاً للمعايير الدولية مسألة غير مقبولة».
الحمود لـ «الراي»: سحب الجنسية ممن حصل عليها بالتبعية متروك لقرار وتقدير السلطة حال ارتكاب جريمة
أكد أستاذ القانون العام الدكتور إبراهيم الحمود، أن «تعديلات قانون الجنسية التي صدرت (أمس)، تسري بأثر فوري بمعنى عدم رجعيتها للماضي بأي حال من الأحوال»، مشيراً إلى أن «القوانين لا تطبق بأثر رجعي، ما لم يتم النص صراحة على ذلك، والمراسيم بقوانين تخضع كذلك للقاعدة العامة بعدم سريانها بأثر رجعي، ما لم ينص على ذلك، وفقاً للراجح في الفقه القانوني».
وقال الحمود، في تصريح لـ «الراي»، إنه «في الوقت الذي تسري فيه تعديلات قانون الجنسية بأثر فوري، يجب التأكيد على أن منح الجنسية أو اكتسابها، وفقاً لأي مادة من مواد القانون، إن قام على غش أو تزوير، يفسد جميع المعاملات، ومن ثم يكون قرار منح الجنسية كأن لم يكن، طالما قام على غش وتزوير».
وأضاف الحمود أن «سحب الجنسية في الحالات الواردة في تعديلات قانون الجنسية، تطبق على (المتجنس)، ولا تطبق على من هو كويتي بصفة أصلية، وفقاً لما هو متفق عليه في الفقه القانوني»، مشيراً إلى أن «سحب الجنسية لمن حصل عليها بالتبعية أمر جوازي في حالات معينة نص عليها التعديل، وهذا أمر ليس (أوتوماتيكياً) وإنما متروك لتقدير السلطة».
وأوضح أن «المشرع جعل سحب الجنسية بالنسبة لمن حصل عليها بالتبعية لتجنس والده، أمراً جوازياً في حالات معينة نص عليها التعديل، ومن ثم فهي ليست أوتوماتيكية، وإنما متروكة وفقاً لقرار وتقدير السلطة، في حال ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في الفقرتين 4 و5 من تعديل المادة 13، والمتعلقة بجرائم تمس كيان الدولة، فهذا أمر متروك للسلطة بسحب جنسية المتجنس ومن حصل على الجنسية بالتبعية».
التعديلات الجديدة
لا تجنيس لزوجة المتجنَّس
نص تعديل بعض أحكام المرسوم الأميري 15 /1959 بقانون الجنسية الكويتية، في مادته الأولى على استبدال بنص الفقرة الأولى من المادة 7، فقرة تقول «لا يترتب على كسب الأجنبي الجنسية الكويتية، أن تصبح زوجته كويتية، ويعتبر أولاده القصّر كويتيين ولهم أن يقرروا اختيار جنسيتهم الأصلية خلال السنة التالية لبلوغهم سن الرشد». واستبدال بنص الفقرة الثانية من المادة، لتصبح «تسري على الأولاد في حالة بقائهم على الجنسية الكويتية أحكام المادة السابقة».وتضمنت الفقرة حكماً لا يعتبر علاقة الزوجية سبباً مكسباً للجنسية بالنسبة لزوجة الأجنبي الذي اكتسب الجنسية، على نحو ما كان معمولاً به في المادة قبل التعديل.
لا تجنيس لزوجة الكويتي
تضمن التعديل في مادته الأولى أيضاً، استبدال بنص المادة 8، النص التالي «لا يترتب على زواج المرأة الأجنبية من الكويتي أن تصبح كويتية».وذكرت المذكرة الإيضاحية أن المادة المذكورة تضمنت حكماً يتعلق بعدم اعتبار علاقة الزوجية سبباً لاكتساب الزوجة الأجنبية للكويتي للجنسية الكويتية.
إلغاء حالات تجنيس أبناء الكويتية
جاء في المادة الثالثة من مرسوم التعديل، إلغاء البند «ثانياً» من المادة الخامسة من قانون الجنسية الكويتية، الذي ينص على أنه «يجوز منح الجنسية الكويتية بمرسوم – بناءً على عرض وزير الداخلية – للمولود من أم كويتية، المحافظ على الإقامة فيها حتى بلوغه سن الرشد، إذا كان أبوه الأجنبي أسيراً أو قد طلَّق أمه طلاقاً بائناً أو توفي عنها».وتضمن التعديل إضافة مادة جديدة برقم «7 مكرر أ»، تنص على أنه «يجوز بقرار من وزير الداخلية معاملة القاصر، المولود من أم كويتية بصفة أصلية المحافظ على الإقامة فيها، إذا كان أبوه الأجنبي أسيراً أو طلّق أمه طلاقاً بائناً، أو توفي عنها، معاملة الكويتيين لحين بلوغه سن الرشد».
إلغاء طلبات التجنيس لحملة إحصاء 1965
ألغى تعديل قانون الجنسية الجديد، في المادة الثالثة، البند «ثالثاً» من المادة الخامسة، التي تجيز تجنيس من أقام في الكويت عام 1965 وما قبله، وحافظ على الإقامة فيها حتى صدور المرسوم بمنحه الجنسية.ووفق هذا التعديل، تم إلغاء جميع طلبات من تقدم بالحصول على الجنسية الكويتية من حملة إحصاء 1965. وذكرت المذكرة الإيضاحية للقانون أن التعديل جاء «نظراً لما أفرزه الواقع العملي من صعوبة إحصاء المقيمين في الكويت عام 1965 وما قبله».
استخدام الوسائل العلمية الحديثة في المنح أو السحب
تضمنت الفقرة المضافة في التعديل الجديد لنص المادة 20 من القانون، حكماً يتعلق بجواز استخدام الوسائل العلمية الحديثة، في منح أو سحب أو فقد الجنسية، وفقاً للأسس والضوابط التي يصدر بها قرار من وزير الداخلية، حيث أناطت بالوزير إصدار قرار يحدد ضوابط وأسس ذلك الإثبات لمواكبة ما يطرأ على هذا المجال من وسائل حديثة.