الدوحة – سيف الحموري – أكدت الدكتورة زينب أبو بكر المصلح – الطبيبة والأكاديمية والباحثة في مجال الحجامة والطب التكميلي بمستشفى حمد وجامعة قطر، أن الممارسة العشوائية للحجامة ترتبط بعدد من الأعراض الجانبية والادعاءات الخاطئة للممارسين غير المؤهلين، والتي من خلالها يتعرض المرضى والمجتمع لانتشار أمراض تنتقل عن طريق الدم، وذلك من خلال استخدام أجهزة وأدوات غير معقمة وإعادة استخدامها بدون تعقيم، وعدم التخلص الآمن من النفايات الطبية.
وأشارت د. زينب المصلح في حوار لـ «العرب» إلى تدريب وتأهيل أكثر من 200 ممارس حجامة بخلفيات طبية مختلفة، بعضهم أطباء متخصصون في علاج الألم والبعض من تخصص طب الأسرة والبعض في العلاج الطبيعي وغيرها من التخصصات.
ونوهت بأنه لا عذر للمواطن والمقيم في اللجوء إلى ممارسات عشوائية مع الإضافة التي شكلها المدربون المؤهلون، وأن الكثير ممن شاركوا في التدريب مهتمون بالابحاث في هذا المجال، وأن هناك مؤتمرا عالميا ضمن نشاطات شبكة الباحثين في جامعة قطر سيكون في تاريخ 21 و22 ابريل 2025، يشكل فرصة لعرض كل النشاطات والأبحاث في مجال الحجامة والطب التكميلي. وإلى نص الحوار:
◆ هل ثبتت فوائد الطب التكميلي من الناحية العلمية.. وما أبرز هذه الفوائد؟
¶ يمثل الطب التكميلي نظامًا صحيا ذا أهمية اقتصادية نوعية، وتمارسه دول العالم أجمع وتطلق عليه مسميات مختلفة، وهو يمثل بعضا من موروث الآباء تتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل، ويلجأ إليه ما يقرب من ثلاثة أرباع سكان العالم لعلاج أمراضهم.
يعتمد هذا النوع من الطب على علاجات وطرق المفترض أنها آمنة باعتقاد من يلجأ إليها، ومجربة على ملايين البشر منذ آلاف السنين، وقد اعترفت الأمم المتحدة بممارسات الطب التكميلي منذ عام 2008 وصنفت هذه الممارسة بأنها ممارسة طبية تتطلب التدريب واكتساب أخلاقيات المهنة للحصول على الترخيص لمزاولتها.
وبدأت المؤسسات الأكاديمية والطبية بعمل أبحاث تتعلق بمنفعة ومأمونية هذه الممارسات، نشرت هذه النتائج في مجلات طبية محكمة، لذا تم دمج هذه الممارسات مع ممارسات الطب التقليدي في المستشفيات والمؤسسات الطبية في جميع دول العالم بقصد المحافظة على الصحة، وبقصد تشخيص الأمراض ومعالجتها أو اتقائها.
مشاكل وضوابط
◆ ما أبرز الضوابط التي وضعتها الدولة لممارسة الطب التكميلي والحجامة؟
¶ من ضمن مشاكل الطب التكميلي والتقليدي العالمية، والتي حرصت منظمة الصحة العالمية والعديد من وزارات الصحة والهيئات الصحية في عدد من دول العالم، على إيجاد الحلول لها هي ممارسة غير المؤهلين وغير المختصين لهذه الممارسات، أو ممارستها في أماكن غير مرخصة وغير معدة أو مهيئة للممارسات الطبية، لذا فإن التنظيم لهذه الممارسات يضمن ممارسة المختصين والمؤهلين كما يضمن تأهيل أماكن الممارسة، وضمان تواجد جميع وسائل مكافحة العدوى، كما يضمن أيضاً الرقابة التي تقوم بها وزارات الصحة على الممارسات الطبية.
ان الممارسة العشوائية للحجامة ارتبطت بعدد من الأعراض الجانبية والادعاءات الخاطئة للممارسين غير المؤهلين، والتي من خلالها يتعرض المرضى والمجتمع لانتشار أمراض تنتقل عن طريق الدم، وذلك من خلال استخدام أجهزة وادوات غير معقمة واعادة استخدامها بدون تعقيم، وعدم التخلص الآمن من النفايات الطبية، مما يؤدي الى احتمالية نقل الأمراض وتعريض المجتمع لنفايات طبية ومخاطر جمة.
كما ارتبطت الممارسة العشوائية بعدد من الأعراض الجانبية الأخرى مثل تكون الندبات، وحدوث الالتهابات، والعدوى نتيجة عدم استخدام وسائل مكافحة العدوى، وعمل الحجامة في أماكن غير مناسبة لهذه الطريقة العلاجية المهمة.
لذا فإن تنظيم الطب التكميلي والتدريب عليه واعتماد المؤهلين لممارسته يضمن ممارسة فعالة وآمنة، ويضمن ايضا حماية المجتمع من الممارسة العشوائية، والتي قد يكون لها العديد من الأضرار على الأفراد وعلى المجتمع.
تم تنظيم ممارسة الطب التكميلي والتكاملي في وزارة الصحة العامة في قطر منذ عام 2019 وهناك لجنة خاصة في وزارة الصحة معنية بتنظيم وترخيص هذه الممارسة، والتي هدفت من تنظيمها الى تصحيح مسارها وضمان الاستخدام الآمن والرشيد لممارسات الطب التكميلي، كما ان بعض الممارسات تم ادماجها حديثا ضمن خدمات مراكز الرعاية الصحية الأولية في مرحلة تجريبية، بهدف تعميمها في كل مراكز الرعاية الصحية الأولية.
ان الاستخدام الآمن لممارسات الطب التكميلي ومن ضمنها الحجامة يعد أساسا لإدماجها داخل منظومة الخدمات الصحية، وضمان منافعها التي أثبتت علمياً من خلال الكثير من الأبحاث الطبية التي نشرت في مجلات طبية محكمة، فالحجامة الآن تعد أحد الخيارات للمرضى في العلاجات التلطيفية وتخفيف الألم والتأهيل في قطر.
عقوبات على المخالفين
◆ وما العقوبات التي تقع على المخالفين لهذه الضوابط؟
¶ هناك قانون تم تصديقه من مجلس الوزراء ينص على تجريم الممارسات العشوائية للطب التكميلي بدون ترخيص وفي أماكن غير مرخصة، وتم اصدار عدد من العقوبات من عام 2019 للحفاظ على المجتمع والمواطن.
◆ هل حققت هذه الضوابط عنصر الردع للمخالفين وتراجعت المخالفات المتعلقة بممارسة الطب التكميلي؟
¶ بالطبع، لكن ما زال الموضوع يحتاج إلى تكاتف المجتمع والجهات المسؤولة لمزيد من الردع حتى تتلاشى هذه الممارسات من مجتمعنا بشكل قطعي.
هل من أبحاث محلية يتم العمل عليها تتعلق بفوائد الحجامة، وما وضع الحجامة في قطر مقارنة بدول العالم؟
نعم هناك أبحاث محلية.. وتم تدريب أكثر من 200 ممارس حجامة، الكثير منهم مهتم بالجوانب البحثية، وتم تشكيل شبكة للباحثين في مجال الطب التكميلي في جامعة قطر، ومن ضمن الفرق التي تنتمي لهذه الشبكة فريق الحجامة الذي له نشاط ملموس، حيث يلتقي أفراد هذه المجموعات بشكل دوري يتبادلون الأفكار والأبحاث المتعلقة في هذا المجال. وهناك مؤتمر عالمي تم الإعلان عنه، وهو من ضمن نشاطات شبكة الباحثين في جامعة قطر سيكون في تاريخ 21 و22 ابريل 2025، سيكون فرصة لعرض كل النشاطات والأبحاث في مجال الحجامة والطب التكميلي.
تأهيل الكوادر
◆ هل ما زالت هناك قلة في الكوادر المؤهلة والمدربة لممارسة الحجامة في قطر؟
¶ تم تدريب وتأهيل أكثر من 200 ممارس حجامة بخلفيات طبية مختلفة، بعضهم أطباء متخصصون في علاج الألم والبعض من تخصص طب الأسرة والبعض في العلاج الطبيعي وغيرها من التخصصات، لتشكل إضافة نوعية على الخدمات الصحية، فمع تواجد هذه الشريحة المدربة في القطاع الحكومي والخاص لا عذر للمواطن والمقيم للجوء إلى ممارسات عشوائية غير مرخصة في أماكن لا تصنف أنها منشآت صحية لا نضمن فيها مأمونية الممارسة.
أشاروا إلى أن الدراسات أثبتت فوائدها.. محامون ومواطنون لـ «العرب»: الالتزام بضوابط «الحجامة»
يقي من المخاطر.. والرقابة أداة مهمة
أكد محامون ومواطنون على أهمية الرقابة على العاملين في الطب التكميلي مثل الحجامة، وأن لهذه الرقابة دوراً في وقاية المستفيدين من المخاطر التي قد تنتج عن هذا الاجراء الطبي دون اتخاذ الإجراءات اللازمة، ومن بينها مخاطر انتقال العدوى.
ونوهوا في تصريحات لـ «العرب» بأن لجوء الكثيرين إلى الحجامة يرجع إلى ما اثبته العلم من فوائد لها، الأمر الذي جعلها تنتشر عالمياً، مشددين على أهمية التأكد من التزام العاملين بها من ضوابط، لضمان حصول الفائدة مع تجنب المخاطر المحتملة.
وأشاروا إلى أن المشرع القطري وضع الكثير من القوانين والمعايير التي تنظم عمل الممارسين الصحيين، بما في ذلك العاملين في مجالات الطب التكميلي، داعين إلى أهمية الالتزام بها والرقابة عليها.
علي الخليفي المحامي: الطب البديل يندرج تحت مظلة القوانين الصحية
أوضح المحامي علي الخليفي أن الطب البديل يندرج تحت مظلة القوانين الصحية الموضوعة لضمان سلامة المرضى، وأن الممارسين يخضعون لهذه المهنة للقوانين واللوائح المنظمة للصحة بشكل عام.
وقال الخليفي: لا يوجد قانون ينظم الطب البديل، ولكن يخضع للجهات المشرفة على الصحة العامة، وتعتبر الحجامة نوعاً من أنواع الطب البديل، وشكلا من أشكال الطب التقليدي الذي يمارس منذ القدم.
وأضاف: يستخدم العلاج بالحجامة في عدة أجزاء من العالم، وذلك بهدف تعزيز الصحة، والوقاية، والعلاج، كما أنه يُستخدم كذلك لتخفيف الألم المزمن وهي من الأمور المستحبة شرعاً وهي آمنة بشكل عام، ولكن ينبغي استشارة الطبيب المختص قبل البدء في أي علاج بالحجامة لتقييم الحالة الصحية وتحديد ما إذا كانت هذه العلاجات مناسبة وآمنة للفرد.
سعد الدوسري المحامي: ضــــوابــــط معنيـــة بتنظيم العمـــــل بالقطــــــــــــــــــاع الصحـــي
أكد المحامي سعد عبد الهادي الدوسري، أن المشرع القطري حرص على إضافة الكثير من المواد التشريعية التي من شأنها أن تنظم العمل في القطاع الصحي، نظراً للأهمية الكبيرة لهذا القطاع في مختلف دول العالم، الأمر الذي ضاعف من أهمية وضع الضوابط المنظمة له، بما في ذلك الطب التكميلي، وهو واحد من القطاعات الطبية الرائجة في الكثير من الدول العربية والإسلامية على وجه الخصوص، فضلاً عن الرواج العالمي الذي بات يتمتع به عالمياً.
وقال الدوسري: وزارة الصحة تضع الضوابط المعنية بتنظيم العمل في القطاع الصحي، إضافة إلى تحديد الاشتراطات الواجب توافرها في المنشآت الصحية والأشخاص العاملين بها.
وأضاف: ولضبط العمل في مجال الطب التكميلي، كالحجامة وغيرها من الإجراءات الطبية، فقد أصدرت الوزارة في أكتوبر 2017 تعميماً لإضافة مهنة الطب التكميلي للمهن الطبية المساعدة، وجاء في التعميم، أن الاجراء يأتي انطلاقاً من سعى المجلس القطري للتخصصات الصحية لضمان مأمونية وجودة الممارسات الصحية، والتأكد من قانونية الإطار الذي ينظم هذه الممارسات بما يتماشى مع التشريعات المنظمة لمنشآت الرعاية الصحية في الدولة.
ونوه التعميم إلى أن الخطوة تأتي إنفاذاً للقرار الوزاري رقم 14 لسنة 2017 الصادر في 2017/8/3 بإضافة مهنة الطب التكميلي للمهن الطبية المساعدة، وبناءً عليه أعلن المجلس القطري عن بدء تسجيل / ترخيص الممارسين الصحيين في مجال الطب التكميلي على منشآت الرعاية الصحية المرخصة فئة مستشفى عام ومركز صحي عام.
وتابع الدوسري: يتعين على العاملين في مهن الطب التكميلي استكمال طلبات التقييم للممارسين للتسجيل أو الترخيص على منشآت الرعاية الصحية، وفق اللوائح والسياسات المتبعة لدى المجلس القطري، ما يفرض على كافة العاملين في هذا المجال الالتزام بالضوابط الموضوعة من قبل الجهة المعنية وهي وزارة الصحة العامة.
ونوه إلى أن المشرع القطري حرص على تجريم وتشديد العقوبة على أي من العاملين في القطاع الطبي دون استيفاء الاشتراطات المعمول بها، وذلك حرصاً على سلامة كافة السكان، نظراً لاتباط هذه المهن بصورة مباشرة بصحة الجميع.
حسين البوحليقة: عدم الالتزام بالإجراءات الصحية يهدد بالعدوى
قال حسين البوحليقة إن الحجامة تعتبر جزءا من الموروث الثقافي والطبي، كما أنها من السنن، وأن الكثيرين يقبلون عليها حرصاً على التمتع بالصحة، وتنتشر في المجتمع القطري والخليجي والعربي، ونعتبرها جزءا مهما جداً في الجانب الصحي، خاصةً لمن يعانون من بعض الأعراض كآلام العضلات والجسم بصورة عامة، وغيرها من الأعراض التي يتناسب معها اجراء الحجامة.
وأضاف: عدم الالتزام بالإجراءات الصحية الصحيحة في اجراء الحجامة يمكن أن يتسبب في الكثير من المشكلات الصحية، خاصةً في حال ممارسة البعض للحجامة بدون استيفاء الشروط الصحية اللازمة.
وأشار إلى أهمية مراقبة المراكز التي توفر خدمة الحجامة بصورة دورية، مع تهيئة الشروط اللازمة لاستخدام المواد الأساسية والرئيسية للحجامة، بما يحقق المعايير المطلوبة، من حيث النظافة والشروط الضامنة لعدم انتقال العدوى، وغيرها من الاشتراطات التي تضعها وزارة الصحة العامة، وألا يتم تجديد الرخص لهذه الجهات الا بعد تفتيش دقيق على كافة المعايير.
ونوه إلى أن عدم اهتمام بعض المراكز العاملة في الحجامة بالنظافة أو التخلص من الأدوات المستخدمة في الحجامة يهدد بانتقال العدوى من شخص لآخر، خاصةً وإن لم يكن الشخص العامل في هذا المجال متمرسا ومتمكنا من القيام بهذا الأمر، وأن تكون المراكز مستوفية لكافة الاشتراطات، خاصةً المراكز الجديدة، وألا يُفتح المجال للكل للعمل في الحجامة.
ولفت إلى أن المتمكنين من العمل بالحجامة ليسوا بالعدد الكبير، الأمر الذي يفرض المراقبة، حتى لا يعمل بهذا المجال من لا يملكون الإمكانات اللازمة والمعرفة المطلوبة لممارسة هذا النشاط.