«افتح إيدك يا أستاذ».. كانت تلك الكلمات افتتاحية عدة فيديوهات يهادي فيها الطلاب معلميهم بالشيكولاتة والحلويات لتنتشر بكثرة على مواقع التواصل التواصل الاجتماعي للتحول إلى ظاهرة بعنوان «تريند المدرسين».
«تريند المدرسين» لاقى قبول الشارع المصري في بداية الأمر إلا أن مع زيادة الأمر عن حده، بدأ البعض يوجه انتقادات له متوقعين أن يساهم في فقد قيمة المعلم بين الطلاب، بل وصل الأمر إلى دعوة البعض لتوقف التريند واستغلال حماس الطلاب في أمر مفيد، كما رفض بعض المعلمين أن يصوروا تلك الفيديوهات مطالبين طلابهم بالحصول على أعلى الدرجات وستكون تلك هديتهم لهم.
بصورة هنيدي.. كوميكسات طريقة تحذر من «تريند المدرسين»
وظهرت كوميكسات على مواقع التواصل الاجتماعي حملت كلمات «هو المدرس مننا لما يفتح ايده ويتحطله الشكولاتة والكاراتيه والبسكويت هيعرف يمسك للعيال العصاية بعد كدا!» مصحوبة بصورة الفنان محمد هنيدي في فيلم رمضان مبروك أبو العلميين حمودة الذي أنتج عام 2008.
«تريند المدرسين» بين القبول والرفض.. ودعوات لـ 6 تريندات جديدة
المؤيدين لـ «تريند المدرسين» اعتبروه بمثابة تحية وتقدير من الطلاب للمعلمين عما يبذلوه معهم طوال الفصل الدراسي الأول مطالبين أن يكون تنفيذه في أضيق الحدود، وعلى الناحية الآخرى ظهر المعرضين لذلك التريند معتبرينه أنه يضيع الحاجز بين الطالب والمعلم بل وتحرج الطلاب الغير قادر ماديًا على شراء الهدايا للمعلمين في ظل ارتفاع تكلفة الملازم والدورس.
ودعا البعض إلى تعلق الطلاب بتريندات آخرى مثل: لا لتكسير صنابير المراحيض وتهشيم زجاج النوافذ والكتابة على الجدران والطاولات، لا للتلفظ بألفاظ نابية داخل المدارس وخارجها، لا لرمي النفايات داخل الفصل وفي ساحة المدرسة، أن يلتزم الجميع بالهدوء والاحترام أثناء تقديم الأستاذ للدرس، أن يلتزم الجميع بعدم التنمر على زملائه ويلتزم بهندام محترم وملابس لائقة وسلوكات إيجابية تجاه أساتذتهم، وأن يسعى الجميع لتحقيق النجاح.
شروط الهدية الإيجابية.. متى تكون بمثابة رشوة وغير مقبولة؟
وفي هذا الشأن، قال الدكتور عاصم حجازي، أستاذ التقويم التربوي بجامعة القاهرة، إن حينما تكون الهدية بشكل عفوي وليست بطريقة منظمة وعلنية ولا تتحقق من ورائها مصلحة لا تتحقق إلا بها وحينما لا يشوبها شائبة فحينئذ يمكن القول بأنها هي الهدية الإيجابية التي تزيد المحبة والألفة بين الأطراف.
وعن «تريند المدرسين»، أضاف أستاذ التقويم التربوي بجامعة القاهرة، في تصريحات خاصة لـ «الفجر» أن فيما يخص ترند المعلمين فالأمر فيه الكثير من الملاحظات:
- الطالب لا يملك مالا بشكل مستقل ولا يملك دخلا وإنما يقتطع من مصروفه أو يطلب مصروفًا إضافيًا من والده أو أحيانا قد يضطر للكذب للحصول على ثمن الهدية وأي معلم يؤمن برسالته السامية لا يقبل بشئ مما سبق.
- أن تقديم الهدايا يتم في العلن وبشكل جماعي يتم تصويره ونشره بهدف الحصول على الشهرة والشعبية الزائفة والتريند وليس لأغراض تربوية.
- أن عددا ليس بالقليل يقدم هذه الهدايا رغما عنه من باب الحياء والخجل وهذا بالتأكيد لا يقبله أي معلم يحترم ذاته وطلابه.
- أنها غير مقبولة إذا كانت تسبق امتحانات أو تقييمات أو تقدير المعلم لطلابه بأي شكل من الأشكال حيث إنها تعتبر رشوة.
- أنها تفتح مجالا للتنافس والتفاخر بين الطلاب وتفتح بابا للمقارنات وتصرف انتباههم عن التركيز على أهدافهم الأكاديمية.
- في حالة صغر سن المعلم واختلاف النوع بينه وبين طلابه قد تؤدي إلى ظهور نوع من التعلق المرضي بينه وبين البعض منهم.
واختتم: «بالتالي فإنها بهذا الشكل مرفوضة ولكن إذا قدم الطالب لمعلمه هدية بسيطة مناسبة لمصروفه أو قدمها له ولي أمره في نهاية العام وبعد انتهاء علاقة التدريس والتقييم بين الطالب والمعلم وبشكل فردي غير معلن كنوع من التقدير والاعتراف بالجميل فلا بأس في ذلك ولكن لا بد أن يكون ذلك بعلم ولي الأمر وموافقته».
معلمين: «تريند المدرسين» لمسة جيدة.. يجب استغلاله في زرع قيم ومبادئ لدى الطلاب
أما عن وجهة نظر المعلمين في «تريند المدرسين»، قال الأستاذ صالح نجدي، خبير في التعليم الفني، إن التريند يعتبر لمسة جيدة من الطلاب للمعلمين ولكن يجب استغلاله في زرع قيم ومبادئ لدى الطلاب مثل جذب الطلاب للمدارس والانتظام والحفاظ على بيئة المدرسة وممتلاكتها والابتعاد عن العنف.
وأوضح صالح نجدي، في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن المبادرة أدت إلى زيادة التواصل بين المعلمين والطلاب ولم تفقد المعلم هيبته، في بدأت في الجامعات ثم انتشرت بين المدارس، متابعًا: «أنا شايف المبادرة مش أفورة لأن مفيش طالب هيعمل كده مع المعلم الخاص به إلا إذا كان يحبه بالفعل».
وأردف: «نحن في التعليم الفني نعمل على منهج جديد منذ 5 سنوات يسمي الإرشاد والتوجيه المهني يدعو إلى التواصل بين الطلاب والمعلمين بين الطلاب في جلسات وليس حصص وهو منهج يشبه التنمية البشرية».
كما قالت إلهام إبراهيم، معلمة لغة عربية بمحافظة الجيزة، إن تريند المدرسين جيد بشرط أن يكون الطالب يمنح معلمه هدية حبًا فيه وتقديرًا له وليس تقليد لباقي زملاءه، موضحة: «الطالب اللي بيحب المعلم هيحترمه فيما بعد مش هيحس أنه كاسر عينه بالشيكولاتة اللي جبهاله خصوصا إننا في زمن التربية فيه بقت قليلة».
وأضافت معلمة اللغة العربية، في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن التقدير عامة مطلوب فإذا كان المدرس جيد مع الطلبة من الطبيعي أن يعبروا عن حبهم له بأي طريقة وكذلك إذا كان الطلاب جيدين مع المدرس ومتميزين دراسيًا من الطبيعي أن يكافئهم المعلم بأي مكافأة، مردفة: «أنا شايفة إن الموضوع شعور متبادل كويس جدًا لو نابع من جواهم مش تقليد».
أدمن جروب بتعليم ولادنا نبني بلادنا: «تريند المدرسين» قلل من قيمة العمل
وبالانتقال إلى أولياء الأمور، قالت شيماء علي ماهر، أدمن جروب بتعليم ولادنا نبني بلادنا، أن تريند المدرسين كان في البداية لفتة «حلوة» للطلاب كشعور طيب وتقدير للمعلم، لكن الآن عندما أصبح تريند منتشر بشكل كبير بين الطلاب والمعلمين قلل من قيمة العمل.
وأوضحت أدمن جروب بتعليم ولادنا نبني بلادنا، في تصريحات خاصة لـ «الفجر»، أن التريند أصبح واجب على الطلاب والذي لم يقوم بعمله غير مقبول أو منبوذ، متابعة: «ياريت أي تريند يطلع لا يكون واجب علي الجميع ويكون من العادي مرة واحدة فقط والتعبير عن الحب أو التقدير ليس بتقديم الحلوى أو الهدايا».
مؤسس جروب حوار مجتمعي تربوي: تريند المعلمين بدأ منطقي وأصبح «بايخ»
وعلى نفس المنوال، قالت منى أبو غالي، مؤسس جروب حوار مجتمعي تربوي، إن تريند المعلمين كان في البداية منطقي وتعبير عن حب الطالب لمعلمهم وبالتالي يقدمون له الهدايا أو الشيكولاتة أو الشيبسي.
وأوضحت مؤسس جروب حوار مجتمعي تربوي، في تصريحات خاصة لـ«الفجر» أن مع الوقت أصبح الأمر «بايخ» وشهد تمثيل من بعض المدرسين حتى يظهرون أو يلفتون الانتباه بل وصل الأمر إلى اتفاق بعض المعلمين مع الطلاب أن ينفذوا ذلك التريند.
وأشارت منى أبو غالي أن هناك عدد من الأمور الآخرى التي يمكن أن تظهر حب الطالب للمعلم بعيدًا عن تنفيذ ذلك التريند مثل الحصول على تقديرات عالية في المواد الدراسية، مردفة: «عندما يصنع الطلاب ممر شرفي لمدرس خرج على المعاش نشاهد الحب بشكل فعلي أم الآن ما يحدث مع المعلمين شئ مزيف».