كتب باسل النجار – الثلاثاء 17 ديسمبر 2024 04:21 مساءً – حال الخليج ـ مسقط
تسعى سلطنة عُمان وجمهوريةُ أنجولا الصديقة إلى تعزيز مجالات التعاون الثنائي في مختلف المجالات وفتح آفاق جديدة للتّعاون بما يخدم مصالحهما المشتركة وبما يُحقق شراكات استراتيجيّة واعدة ومتينة.
وتمثّل الزيارةُ الرسميّةُ التي سيقوم بها فخامةُ الرئيس جواو مانويل لورينسو رئيسُ جمهورية أنجولا بعد غدٍ لسلطنة عُمان، انطلاقة لمرحلة جديدة من العلاقات السياسيّة والتّعاون الثُّنائي بين البلدين الصّديقين، وخطوة مهمة لتعزيز الروابط التجاريّة والاقتصاديّة بما يخدم مصالحهما المشتركة.
وقال السفير علي بن سعيد الكثيري رئيس بعثة سلطنة عُمان لدى جمهورية جنوب أفريقيا لوكالة الأنباء العُمانية إنّ زيارة فخامة رئيس جمهورية أنجولا الرسميّة لسلطنة عُمان تحمل الكثير من التطلعات، منها تعزيز التعاون الاقتصادي والتجارة عبر استكشاف فرص الاستثمار المشتركة في قطاعات مثل الطاقة، والتعدين، والزراعة، والصناعة، إضافةً إلى إمكانية توقيع اتفاقيات أو مذكرات تفاهم تُعزز التبادل التجاري وتفتح الأسواق بين البلدين، مضيفًا أنّ الزيارة ستفتح المجال للتعاون في مجال الطاقة عبر تبادل الخبرات في مجالات النفط والغاز والطاقة المتجددة، ودراسة فرص الاستثمار المشترك في مشروعات الطاقة والاستدامة، إلى جانب تطوير العلاقات الثقافية والتعليمية عبر تعزيز التبادل الثقافي بين البلدين لتعزيز التفاهم والتقارب بين الشعبين، وتوقيع اتفاقيات تعاون في مجال التعليم وتبادل المنح الدراسية.
وأفاد بأنّ الزيارة ستُسهم في رفع التنسيق السياسي والدبلوماسي عبر تبادل وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتعزيز التعاون في المنظمات الدولية لدعم القضايا المشتركة، لافتًا أنّ من بين مجالات التعاون البنية الأساسية والنقل من خلال مناقشة فرص الشراكة في مشروعات البنية الأساسية وتطوير الموانئ والخدمات اللوجستية وتعزيز الربط البحري والجوي بين البلدين لتسهيل الحركة التجارية والسياحية.
ووصف رئيس البعثة العلاقات بين البلدين الصديقين بالودية والواعدة، إلا أنها ما تزال في مراحلها الأولى من التطوير مقارنة بعلاقات سلطنة عُمان مع بعض الدول الأخرى، مضيفًا أنّ العلاقات القائمة بين البلدين الصديقين تقوم على أساس متين للتعاون الثنائي عبر رؤية مشتركة قائمة على الاحترام المتبادل والرغبة في تعزيز الشراكات الاقتصادية والتنموية.
وذكر أنّه على الرغم من أنّ حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يزال محدودًا إلا أنّ هناك فرصًا كبيرة للتوسع في عددٍ من المجالات المشتركة، مؤكدًا أنّ تعزيز التعاون بين الجانبين يأتي ضمن الأطر الدولية والإقليمية، بما يدعم المصالح المشتركة ويُعزز الاستقرار في كل من أفريقيا والشرق الأوسط.
وأشار إلى وجود العديد من الفرص الاقتصادية الواعدة للاستثمار بين سلطنة عُمان وأنجولا، منها الموارد الطبيعية والإمكانات الاقتصادية التي يتمتع بها كلا البلدين.
وأضاف أنّ سلطنة عُمان تمتلك خبرات كبيرة في إدارة الموارد النفطية والطاقة المتجددة، مما يمكّنها من تقديم تقنيات مبتكرة وخبرات لتعزيز الإنتاجية والاستدامة في أنجولا التي تُعدُّ بدورها واحدة من أكبر منتجي النفط في قارة أفريقيا.
وفي مجال التعدين، قال رئيس البعثة:” يمكن للشركات العُمانية المشاركة في مشروعات التعدين وتطوير البنية الأساسية المرتبطة بهذا القطاع نظرًا لما تحويه أنجولا من موارد غنية ومعادن ثمينة، مثل الألماس، والذهب، والنحاس.
وبيّن أنّ مجال الأمن الغذائي من القطاعات المهمة التي تُتيح فرص التعاون بين البلدين الصديقين، قائلًا:” تمتلك جمهورية أنجولا أراضٍ زراعية خصبة ومناخًا مناسبًا لزراعة المحاصيل المختلفة، بينما تُعد سلطنة عُمان سوقًا ناميًا للمنتجات الزراعية، مما يُسهم في تحقيق الأمن الغذائي للطرفين.
ووضّح أن سلطنة عُمان وأنجولا تسعيان لتعزيز الربط البحري بينهما لتسهيل التجارة وتعزيز العلاقات الاقتصادية وتطوير السياحة المستدامة، والبنية الأساسية السياحية وتبادل الخبرات في التسويق السياحي، إضافة إلى التعاون في التصنيع الغذائي والصناعات الثقيلة، مع التركيز على تعزيز القيمة المضافة للموارد الطبيعية.
وأكّد السفير علي بن سعيد الكثيري رئيس بعثة سلطنة عُمان لدى جمهورية جنوب أفريقيا على أنّ سلطنة عُمان وأنجولا يمكن أن تكونان شريكين استراتيجيين في تعزيز التجارة الإقليمية والدولية، خاصة من موانئهما الكبيرة والمرافق اللوجستية، وكذلك الاستثمار في التقنيات الحديثة مثل الرقمنة والطاقة المتجددة للإسهام في تعزيز التنمية المستدامة في البلدين الصديقين.
وبدأت العلاقات الدبلوماسيّة بين سلطنة عُمان وجمهورية أنجولا في عام 2005م حيث تُشرف سفارةُ سلطنة عُمان في دولة جنوب إفريقيا على العلاقات العُمانية الأنجولية من الجانب العُماني، فيما تُشرف سفارة جمهورية أنجولا في الرياض على العلاقات بين البلدين من الجانب الأنجولي.
وشهدت العلاقات بين البلدين الصديقين أخيرًا زيارات أسهمت في تحقيق مزيد من التقارب والتعارف واستكشاف فرص التعاون وآفاق الشراكة بين البلدين، أبرزها زيارةُ صاحبِ السُّموّ السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب إلى أنجولا في مايو الماضي وشَهِدت التوقيع على اتفاقية تعاون في مجال الاستثمار. كما زار وفدٌ من مجلس الدّولة أنجولا في أكتوبر 2023 للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة الـ 147 للاتحاد البرلماني الدولي.
وتُعدُّ العلاقاتُ الاقتصاديّة والتجاريّة بين سلطنة عمُان وجمهورية أنجولا علاقات حديثة العهد لعدم وجود أي اتفاقيات أو مذكّرات تفاهم موقّعة بين البلدين الصديقين في هذا المجال وهو ما تعكسه الأرقام الخاصة بحجم التجارة البينيّة والاستثمار بينهما.
وتوضّح إحصاءات التجارة البينية أنّ حجم التبادل التجاري بين البلدين الصديقين بلغ بنهاية عام 2023م ما يُقارب 3.2 مليون ريال عُماني مقارنة بعام 2022م الذي بلغ نحو 1.3 مليون ريال محققًّا ارتفاعًا بنسبة 145.1 بالمائة مما يُشير إلى أنّ الميزان التجاري بين البلدين في عام 2023م كان لصالح سلطنة عُمان بفائض بلغ نحو 1.9 مليون ريال عُماني.
وأشارت الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أنّ إجمالي الصادرات العُمانية إلى جمهورية أنجولا بلغ في عام 2023م أكثر من 3 ملايين ريال عُماني، مقارنة بـ 1.3 مليون ريال عُماني في عام 2022 مسجلًا نسبة ارتفاع قدرها 131.9 بالمائة، ويرجع سبب الارتفاع الكبير إلى بدء تصدير الكابلات الكهربائية إلى جمهورية أنجولا.
وتُشير الإحصاءات إلى أنّ حجم التبادل التجاري بين البلدين الصديقين قد بلغ خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024 نحو 1.97 مليون ريال عُماني حيث بلغت قيمة الصادرات العُمانية إلى أنجولا 1.9 مليون ريال عُماني فيما بلغت قيمة الواردات العُمانية من أنجولا 69.4 ألف ريال عُماني.
وفيما يتعلق بحجم الاستثمار الأنجولي التراكمي المرخص في سلطنة عُمان، فقد بلغ عددُ الشركات المسجّلة التي بها إسهامٌ أنجوليٌّ حتى سبتمبر عام 2024م شركتين، في حين كانت في عام 2023م شركة واحدة مسجلة.
وارتفع حجم رأس المال المستثمر من (24) ألف ريال عُماني في عام 2023م إلى (44) ألف ريال عُماني حتى سبتمبر 2024م، مسجلًا زيادة بنسبة بلغت 83,3 بالمائة، ورغم أنّ ذلك يعكس زيادة في اهتمام الأنجوليين في تأسيس شركات في سلطنة عُمان، إلا أنّ عدد الشركات ورأس المال المستثمر ما زال ضئيلًا.