كتب ناصر المحيسن – الكويت في الأربعاء 18 ديسمبر 2024 08:30 صباحاً – يبدو أن الكويت على موعد مع كشف أثري جديد ومهم في محمية صباح الأحمد الطبيعية، لم تكتمل معالمه بعد، لكن ظهرت مؤشراته الأولية، وفقاً لما أكدته البعثة الإيطالية المكوّنة من عدد من الأكاديميين والمتخصصين في التنقيب عن الآثار، التي عملت بالتعاون مع متحف الكويت الوطني والمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وسعت لفك شيفرة هذا الكشف الجديد في منطقة كاظمة ومعرفة تفاصيله الجيولوجية والتاريخية.
قلعة عسكرية
وقال نائب مدير البعثة الإيطالية الأثرية في الكويت الأستاذ المساعد في جامعة لا سابيانزا في روما، جولي ماريسكا لـ«الراي»، إن «عمل البعثة يأتي بعد توقيع مذكرة تفاهم بين الجامعة والمجلس الوطني للثقافة في ديسمبر الماضي، وبدأنا العمل منذ قرابة أسبوعين، مع التركيز على منطقة كاظمة، وخاصة داخل محمية صباح الأحمد الطبيعية».
وأضاف «استعنا بالعمل الذي أنجزه باحثون قبلنا، وخاصة الدكتور سلطان الدويش الذي بحث في تلك المنطقة، وأنجز العديد من العمل الميداني، ونشر جزءاً من هذه النتائج في 2005، وكذلك نستكمل ما قامت به البعثة البريطانية في 2011 و2015 في شمال الكويت، بالرغم من أنها لم تقم بعمل ميداني في محمية صباح الأحمد»، مردفاً «لقد كنا محظوظين بالسماح لنا بالعمل في هذه المنطقة، وبالتالي استطعنا تطوير المعلومات التي حصل عليها زملاؤنا الباحثون البريطانيون».
وقال «نحن الآن بصدد كشف أثري من المحتمل أن يكون قلعة عسكرية لأول مرة يتم اكتشافها، وتظهر أنها تعود لفترة مملكة المناذرة أو اللخميون».
أكبر المعالم الأثرية
وحول عمر هذا المبنى، قال «ليس الأمر مؤكداً بعد ولكنها تبدو أنها تعود للقرن الثامن أو التاسع الميلادي، وليس من الواضح بعد إذا كان المبنى بالكامل ينتمي لهذه الحقبة الزمنية لأن أجزاء من هذا المبنى الذي تبلغ مساحته 280 متراً مربعاً، قد تكون أقدم من ذلك».
وأضاف: إذا أخذنا في الاعتبار أن «منطقة كاظمة هي المنطقة التي دارت عليها المعركة الشهيرة ذات السلاسل (ولكن يجب الحذر لأنه مُختلف عليها تاريخياً)، هذا يعني أننا أمام واحدة من أكبر المعالم الأثرية في محمية صباح الأحمد، وعلى الأقل المرئي منها، لكن احتمال أن يكون هذا الأثر قلعة عسكرية هو أحد الاحتمالات وليس الاحتمال الوحيد».
من أقدم المناطق
أما مدير البعثة الأستاذ في جامعة لا سبيانزا الدكتور كارلوا شريتي، فأكد لـ«الراي» أن «هذا الكشف ربما سيكون دليلاً على أن هذه المنطقة واحدة من أقدم المناطق التي تم العيش بها في منطقة الخليج»، موضحاً أن «المتبقي هو السرداب وبقايا الحوائط، هذه المباني كانت تبنى بأحجار في القاعدة والحجر الطيني في الحوائط، وهو نظام بناء مشابه لما هو موجود في مباني اليمن».
وبيّن أن «الكويت لعبت دورا مهماً في هذه الفترة الحرجة (قبيل ظهور الإسلام وبعده) لأنها كانت منطقة طبيعية للتواصل بين الجزيرة العربية وإيران ونحن نحاول أن نفهم ذلك، وقد تكون كلمة السر في فهم هذا الأمر هذه القلعة (المحتملة)».
تعمّق في الموقع
في السياق نفسه، قال المنقّب في قسم المسح والتنقيب الأثري في إدارة الآثار والمتاحف بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب حسن الفيلكاوي لـ«الراي»، الذي رافق البعثة طوال فترة عملها وقدّم لها كل المساعدات اللوجستية، «حتى الآن لا نستطيع الجزم بكون هذا الكشف قلعة عسكرية، لكن سنستمر بالتعمق في الموقع على أمل العثور على بعض الدلالات المادية التي تُشير إلى ماهيتها وزمنها بدقة».