الصبح أخبار – لسنا جهة موازية للقضاء ولا بديلًا عنه

يعد الأزهر الشريف من أقدم وأعرق المؤسسات  الدينية والتعليمية في العالم الإسلامي، ويُعد منارةً للعلم والدعوة الوسطية، ومركزًا لنشر علوم الدين واللغة العربية، فضلًا عن كونه مصدرًا للإشعاع الثقافي والفكري في العالم. يتميز الأزهر بتاريخه الطويل في تعليم الأجيال وتخريج العلماء والمفكرين الذين أسهموا في نهضة الأمة الإسلامية وحفظ تراثها.

يلعب دورًا محوريًا في تعزيز قيم التسامح والحوار بين الثقافات والأديان، ويعمل على ترسيخ مبادئ الإسلام المعتدل لمواجهة الأفكار المتطرفة.

يضم الأزهر الشريف، بين أروقته، لجنة عُرفت باسم “لجنة المصالحات”، وقد ذاع صيتها في الآونة الأخيرة لدورها في وأد الفتن داخل المجتمع. لمعرفة تاريخ تأسيس هذه اللجنة وآلية عملها، أجرينا في موقع “الفجر” حوارًا صحفيًا مع الدكتور حسن يحيى، الأمين العام للجنة العليا للدعوة وعضو لجنة المصالحات بالأزهر الشريف، ليقدم لنا توضيحًا حول الموضوع.

وإلى نص الحوار:

1/ متى تأسست لجنة المصالحات بالأزهر؟ وكم عدد أفرعها على مستوى الجمهورية؟

لجنة المصالحات من اللجان القديمة الموجودة بالأزهر الشريف، ولكننا نقول بأن الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر الجليل، قد أعاد إحيائها مرة ثانية، وذلك في عام 2014، بناءً على أحداث في صعيد مصر أدت إلى الكثير من القتلى والدماء، وأظهرت مشاهد إجرامية لا تليق بمجتمع مثل مجتمعنا، فكان لا بد من تدخل الأزهر الشريف لوئد هذه الفتنة وللقضاء على هذه الظاهرة في صعيد مصر بمحافظة أسوان.

ووقتها، قام الإمام الأكبر بإرسال مجموعة من كبار علماء الأزهر الشريف، وكان على رأسهم أ.د عباس شومان بصفته وكيل الأزهر حينئذن، معه أ.د محي الدين عفيفي، وأ.د عبد الفتاح الهواري، والشيخ محمد زكي رزق البداري، الذي كان أمينًا عامًّا للجنة العليا لشؤون الدعوة. ذهبوا جميعًا إلى موقع الأحداث وبدأوا في التعامل مع العائلتين، وبفضل الله في المقام الأول، وفضلهم هم ووزارة الداخلية ووزارة التضامن الاجتماعي والجهات المعنية، تم إنهاء هذه الفتنة. وعند عودتهم، كتبوا تقريرهم إلى شيخ الأزهر، ووقتها أصدر الإمام قرارًا بتشكيل لجنة عليا للمصالحات تتبع مشيخة الأزهر.

وكان لهذا القرار مردود فعل وصدى كبير، لأن وقتها كانت المصالحات تُتاجر بها ضد الطرف الأضعف، وبعضها كان يخضع للأحكام العرفية، بل وكانت أحيانًا تخضع لمزايدات على أحكام القضاء. كل هذه الأمور وغيرها رفضتها اللجنة العليا للمصالحات تمامًا. على العكس، عملنا في اللجنة العليا لا يخضع لأي تأثيرات خارجية، يحترم أحكام القانون، ولا يتدخل في أحكام القضاء إطلاقًا. أحكام القضاء سارية كما هي، والإدانات تجري وتأخذ مجراها القضائي، أما ما نحن معنيون به في اللجنة فهو حقن الدماء وإعادة توليف المجتمع مرة ثانية، حتى يمارس المجتمع حياته بشكل طبيعي، مثل أن يذهب أهل الزراعة إلى حقولهم، وأهل الصناعة إلى مصانعهم، والطلاب إلى مدارسهم وجامعاتهم في أمان.

وتشكلت اللجنة بشكلها الإداري الجديد، حيث سابقًا لم تكن تأخذ الشكل الإداري المنضبط بالقرارات والتوصيات، ولائحة العمل.

لأنها في السابق  كانت موجودة مع السادة الوعاظ في مناطق الوعظ، يمارسون عمل اللجنة العليا للمصالحات في لم شمل الأسرة بالطلاق والخلع، وهذا كله متواجد. ولكن ما أضافه الإمام الأكبر أنه جعل لهذه اللجنة كيانًا ولائحة وضوابط للعمل.

تم تعيين أ.د عباس شومان رئيسًا، ومعه 10 أعضاء. وبمجرد تعيينه، أصدر عدة قرارات بتشكيل اللجان الفرعية في مناطق الوعظ. وكان تشكيل اللجان الفرعية في منطقة أو محافظة توجد فيها لجنة للمصالحات. فكانت هذه اللجان يرأسها بالمحافظة رئيس الإدارة المركزية للمنطقة الأزهرية، ويكون أمين اللجنة مدير عام الوعظ، وأعضاء اللجنة هم الوعاظ من الأزهر الشريف بصفتهم منتشرون بين القرى والنجوع والمجتمع.

لأن لدينا في الأزهر الشريف الأمانة المساعدة للدعوة والإعلام الديني التابعة لمجمع البحوث الإسلامية. ويتبع هذه الأمانة على مستوى الجمهورية مناطق الوعظ، ويتبعون أمانة الدعوة، وتتبع أمانة الدعوة مجمع البحوث، ومجمع البحوث هو أحد قطاعات مشيخة الأزهر الشريف.

2/ كيفية اختيار رئيس اللجنة العليا للمصالحات؟

تُشكل اللجنة عن طريق شيخ الأزهر، الذي يختار الأنسب لهذا المنصب فنحن نحتاج أن يكون الرئيس أستاذ شريعة على رأسها ليفصل بين الأمور التي يعرضها الطرفان، لأنهم يعرضون أمورًا في بعض الأحيان لا تتناسب مع الشريعة، ويرفضها أ.د عباس شومان. لأننا داخل اللجنة نقوم بعمل محضر يوزع منه 3 نسخ: نسخة تكون مع الأزهر، ونسخة مع وزارة الداخلية، ونسخة مع الأطراف المتنازعة، لأنه يعتبر وثيقة بتدخل الأزهر لحل ووأد فتنة للأجيال القادمة، فيجب أن تحرر هذه الوثيقة على أصول شرعية دقيقة جدًا لا تختلف مع الشريعة ولا تصطدم بنصوصها.

ويكون قرار بقائه ساريًا من وقت تعيينه، ويجدد أحيانًا، لأن في بعض الأحيان يكلف أحد الأعضاء بالسفر أو يُكلف بعمل آخر يشغله عن عمله في لجنة المصالحات. فهذه اللجنة ميدانية وليست مكتبية، وهذا ينطبق على الجميع، الرئيس والأعضاء. بمعنى آخر، يتم تعيين الأعضاء على حسب الاحتياج وأيضًا للتنسيق مع الجهات المعنية، مثل وكيل الأزهر السابق أو أستاذ جامعي، لأنه دومًا ينسق مع جهات بالدولة مثل وزارة الداخلية ووزارة التضامن الاجتماعي، وهذا يكون محل اهتمام صانع القرار.

 

3/ ما هو تشكيل اللجان بالمحافظات وعدد العاملين بها؟ وهل يتلقى أعضاؤها تدريبًا خاصًا؟

على مستوى الجمهورية، أصدر الدكتور عباس التشكيل الرئيسي، حيث يكون رئيس اللجنة هو رئيس الإدارة المركزية لكل منطقة أزهرية، ويكون الأمين هو مدير عام الوعظ بصفته. بحيث إذا وصل لسن المعاش أو انتقل من المكان، أو رُقي في درجة وظيفية، يكون القائم برئيس الإدارة المركزية هو رئيس لجنة المصالحات بالمحافظة، والقائم بعمل مدير عام الوعظ يكون أمين عام اللجنة العليا للمصالحات. أما العدد في اللجان الفرعية، فلا يزيد في الغالب عن 10، لأنه يتم اختيارهم بعناية، وتكون مواصفاتهم كالآتي:

  1. يجب أن يكون على دراية بالشق القانوني حتى لا يُغرر به في المسائل القانونية.
  2. يتمتع باللباقة.
  3. يتمتع بحسن التواصل مع الجمهور.
  4. له حضور دعوي على الأرض حتى يكون محل ثقة.

أما بخصوص تدريب الوعاظ في اللجان الفرعية، فقد عُقد أكثر من تدريب:

التدريب الأول: “تدريب مهارات التواصل مع الجمهور”، بمعنى كيف نقنع الناس بأن حقن الدماء هو الأصل، وكيف نقنع الناس بأن الصلح خير، ونؤصل لقضية المصالحات تأصيلًا شرعيًّا يعتمد على الكتاب والسنة وعلى مجريات الأحداث والتطبيقات النبوية وما قام به في سيرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان هذا برنامجًا تدريبيًّا لمدة أسبوعين، تدرب فيه جميع العاملين باللجان الفرعية للمصالحات.

التدريب الثاني: كان يجمع بين الشق الشرعي والشق القانوني فيما يتعلق بمسألة الدية والإجراءات القانونية. ودائمًا نؤكد أنه لا مساس بالأحكام القضائية، لأننا لسنا جهة موازية للقضاء. بمعنى أوضح، أن اللجنة العليا للمصالحات ليست بديلًا عن القضاء، وليست منازعة للقضاء في اختصاصاته، لأن القضاء له هيبته واحترامه، ولا تتدخل اللجنة العليا في أحكام القضاء لا من قريب ولا من بعيد.

ويكون بذلك عمل اللجنة العليا للمصالحات اجتماعيًّا ودينيًّا مؤسسيًّا يقوم على رأب الصدع بين فئات المجتمع، ولم شمل المجتمع، وإعادة الحياة لما كانت عليه قبل الحادثة التي وقعت. أما الشق القضائي، فلديه رجاله وقضاته الذين نثق بهم في كل ما يصدر عنهم من أحكام.

4/ كم عدد الشكاوى والنزاعات التي تعاملت معها اللجنة خلال العام الحالي؟

يتم عمل إحصائية سنوية، وترفع إلى رئيس اللجنة أ.د عباس شومان، الذي يقوم بدوره برفعها إلى الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر. وفي الأيام القادمة، نحن بصدد إعداد الإحصائية الختامية لهذا العام. ولكن العام الماضي، كان لدينا 270 قضية مصالحات على مستوى الجمهورية، وهو ليس بالعدد القليل.

ويجب أن نفرق بين أمرين في قضايا المصالحات: بين المنازعات العادية وبين المصالحات الثأرية التي سفك فيها دماء وقتل فيها أشخاص. لأن هذا أمر مؤسف ويشل حركة المجتمع إذا حدثت في إحدى القرى، حيث تقوم بعمل حالة من الشلل الكامل للقرية وللأطراف المعنية، وكل أهالي القرية في العموم، لأن الكل يتخوف من الحركة. ودور لجنة المصالحات أن تعيد المجتمع لما كان عليه من قبل، وتؤخذ المواثيق والعهود على عدم تكرار ذلك.

وقد يظن البعض بأن 270 قضية مصالحات على مستوى الجمهورية عدد قليل، وهذا خطأ، لأنه عدد كبير جدًا. ونحن نحاول ألا تكون هناك قضايا ثأرية أو قضايا معلقة.

 

الدكتور حسن يحيى: المجتمع، بكافة أطيافه، لديه ثقة كبيرة برجال الأزهر.

 

 

5/ كيف يتواصل الأشخاص ممن لديهم نزاعات مع اللجنة العليا للمصالحات؟ وهل يتم التحرك سريعًا من قبل اللجنة؟

أماكن الأزهر على مستوى الجمهورية عامرة برجال الأزهر المخلصين لهذه القضية. التواصل له عدة طرق؛ أي شخص لديه مشكلة ثأرية يتوجه إلى منطقة الوعظ التابعة لمحافظته، وسوف يرى مدير عام الوعظ ولجنة الفتوى. يبلغ الشخص أنه لديه مشكلة ثأرية، فيقوم بملء طلب المصالحة. يقوم مدير عام الوعظ بتشكيل لجنة من السادة الوعاظ حسب نوع المشكلة، وتؤخذ موافقة رئيس الإدارة المركزية، الذي هو رئيس اللجنة. بعد ذلك، يقوم الوعاظ بالتحرك لمقابلة طرفي النزاع كل منهما على حدة، ويكتبون تقريرًا بما حدث وأوجه الحل. ثم يتدخل مدير الوعظ ورئيس الإدارة المركزية بشخصهما مع الطرفين. وللحقيقة، يجب أن أؤكد أن المجتمع بكافة أطيافه لديه ثقة كبيرة برجال الأزهر. فقد لاحظت في عدة قضايا تدخل فيها أشخاص عدة لمحاولة الصلح، ونحسبهم على خير، ولكن لم يوفقوا. وعندما يتدخل الأزهر، نرى ترحابًا واحترامًا وقبولًا من الجميع، إيمانًا بأن الأزهر لا يتدخل لمصلحة شخصية، وأن غرضه الوحيد هو المصلحة العامة بأن يكون مجتمعًا متماسكًا وآمنًا.

وبخصوص المدى الزمني لتحرك اللجنة، في بعض القضايا نتحرك في اليوم التالي حتى لا تتفاقم الأحداث ولمحاولة درء الفتنة بأسرع وقت.

 

 

6/ هل تعد لجنة المصالحات مختصة بالقضايا الثأرية فقط؟

القضايا تكون درجات. على سبيل المثال، إذا كانت قضية اختلاف بين الزوجين، يتم توجيه القضية إلى الوعاظ في المناطق ولها وحدة تسمى “لم الشمل الأسري”. أما إذا استشعرنا أن هذه القضية بها دماء أو من الممكن أن يحدث ذلك، يتم تحويلها إلى اللجنة العليا للمصالحات. لأنه في النهاية، عمل مؤسسي. قد تأتي لنا قضية ليست من اختصاصنا، فلتسهيل الأمورللناس نقوم بتحويلها تلقائيًا إلى الجهة المختصة بحل هذه المشكلة. وهذا هو نظام العمل داخل قطاعات الأزهر.

 

7/ ما أبرز التحديات التي تواجهها اللجنة في الوصول إلى اتفاق بين الأطراف؟ وكيف يتم التعامل مع الأطراف غير المتعاونة؟

أي عمل له صعوبات وتحديات، ولكن من أكثر التحديات التي تواجهنا هو الإرث القديم أو العادات السلبية التي تعتبر مخالفة للشرع الكريم. نحاول التغلب عليها باستخدام الأسلوب الدعوي والوعظي وتقريب وجهات النظر. وللأسف، في هذه الحالات، تأخذ منا وقتًا طويلًا، لأنك هنا تحاول بقدر الإمكان إزالة رواسب من سنوات عديدة توارثتها أجيال من أجيال. فتغيير الثقافة من أصعب ما يواجهه من يعمل في لجان المصالحات. والأمر الثاني هو تأجيج الصراعات لمصالح شخصية. نلاحظ كثيرًا أن الطرفين أصحاب النزاع يمكن حل الأمر وتسويته في عدة أيام، ولكن تكمن المشكلة في وجود أطراف من أقارب أصحاب النزاع، يريدون تأجيج النزاع ليس لمصلحة الشخص صاحب النزاع، ولكن لمصلحتهم الشخصية.

وبهذا يكون من أكثر التحديات أمران:

  1. الثقافات القديمة والمتوارثة التي نواجهها من خلال برامج دعوية ومبادرات يطلقها الأزهر كل فترة ومن خلال عمل الوعاظ.
  2. تأجيج الصراعات لمصالح شخصية وليس لمصلحة طرفي النزاع.

 

 

8/ هل هناك تعاون بين الأزهر ولجان أو مؤسسات أخرى لحل النزاعات؟

الأزهر يبسط يده للمجتمع كله بكل فئاته وأطيافه. لجنة المصالحات تحديدًا تتعامل بشكل رسمي ومنظم مع وزارة الداخلية، لأن أي قضية تكون وزارة الداخلية طرفًا فيها أو متابعًا لها. لدينا في لجنة المصالحات ممثل من وزارة الداخلية بترشيح من وزير الداخلية ضمن الأعضاء في اللجنة العليا. وأيضًا هناك ممثل لوزارة التضامن الاجتماعي لتمثيل المجتمع المدني والجمعيات الخيرية. وبذلك يكون تحرك الوعاظ الأزهر على أرض الواقع بالتنسيق مع مديرية الأمن. بمعنى أنه بعد أن يقدم الشخص طلب حل نزاع، يتم التشاور فيه مع وزارة الداخلية.

هذا التعاون مفيد لأنني كلجنة مصالحات  ليس لدي الخلفية الكاملة للحدث وأبعاد الجريمة، ولا أملك كافة الملابسات المترتبة على الموضوع. ولذلك، عند اجتماعنا مع وزارة الداخلية، يوضحون لنا ويقومون بتمهيد الطريق لمعرفة الشخص المناسب الذي يجب علينا التوجه إليه لحل هذا النزاع. وهذا تعاون مهم ومطلوب. لذلك، نحن لا نتحرك بمفردنا على الأرض، بل نتحرك مع كافة الجهات الرسمية المسؤولة في البلد.

 

9/ ما أبرز قصص النجاح التي حققتها اللجنة؟

كان هناك زيارة ميدانية لمحافظة أسيوط بخصوص المصالحات. التقى الدكتور عباس شومان مع محافظ أسيوط وكان شعار اللقاء “صعيد بلا ثأر”. وكانت تلك مبادرة أطلقها الدكتور عباس في ذلك الوقت، ولاقت الكثير من القبول والترحاب من مشايخ وعمد القرى والنجوع. وكان هناك آلاف من الحشود بديوان عام محافظة أسيوط. وتكرر هذا من قبل المحافظين على مستوى الجمهورية لمثل هذه المبادرات، ويعد هذا أمرًا محمودًا للمحافظين لأنهم يدركون خطورة الوضع. ومن ثم يتعاونون ويباركون مبادراتها. حتى أن أي صلح تعقده اللجنة العليا للمصالحات في الصعيد، يحضر المحافظ ومدير الأمن ونواب من مجلس الشيوخ أو مجلس النواب، يتواجدون بصفتهم الجهات التنفيذية الداعمة لعمل لجنة المصالحات، وبرعاية الإمام الأكبر شيخ الأزهر أ.د. أحمد الطيب

 

10/ هل تخطط اللجنة لتوسيع نطاق عملها أو تطوير آليات جديدة للمصالحة في المستقبل؟ 

في الفترة القادمة، معروض للدراسة من قبل الأمانة الفنية على رئيس اللجنة د. عباس شومان مقترح لعمل مؤتمر أو ندوة كبيرة تجمع أطراف المصالحات ممن استجابوا لنا في المصالحات الثأرية على وجه التكريم. ويدعى لها المجتمع المدني والمختصون والباحثون.

وأيضًا، هناك مقترح آخر بالاتفاق مع البوابة الإلكترونية للأزهر أن نقوم بإعداد موقع إلكتروني خاص باللجنة العليا للمصالحات على بوابة الأزهر. لأننا نعلم أن بوابة الأزهر الإلكترونية تضم مجمع البحوث، وهيئة كبار العلماء، وقطاع المعاهد الأزهرية، وتدار من خلال مشيخة الأزهر عبر وكيل الأزهر أ.د. محمد الضويني.

 لذلك ننسق  للإطلاق الموقع على بوابة الأزهر حتى نسهل على الناس التواصل مع اللجنة العليا للمصالحات عبر هواتفهم المحمولة، بدلًا من الذهاب إلى لجان المصالحات الفرعية في أي مكان. كما نخطط لإعداد صفحة خاصة بالمواد العلمية فقط للمصالحات، مثل كيفية التواصل مع المجتمع بشأن أهمية المصالحة النفسية والاجتماعية. وسنقوم بعرض مشاهد من جلسات الصلح، وكيف يلتقي الخصمان بعد رحلة من التوترات والدماء، وكيف يتعانقان وتعود الأمور إلى مسارها الطبيعي. وكيف يتم طرد الشيطان من بيت الأسرة، وكيف تفعل المبادرات مثل “مصر بلا ثأر”، رغم أنها قد لا تحظى بتغطية إعلامية كبيرة، لكنها لها مردود كبير على أرض الواقع.

 

11/ ما أوجه التعاون والاختلاف بين اللجنة العليا للدعوة ولجنة المصالحات؟

التنسيق بين اللجنة العليا للدعوة واللجنة العليا للمصالحات وثيق، لأن شئون الدعوة هي المعنية بتغيير الثقافات الفاسدة. وهي التي تقوم باستبدال عادات المجتمع السيئة بعادات شرعية وحسنة. ويتم ذلك من خلال اللجنة العليا للدعوة، ويتم تنفيذها على الأرض من خلال الأمانة المساعدة للدعوة والإعلام الديني لمجمع البحوث الإسلامية. لأن الأمانة المساعدة للدعوة تمتلك الأفراد على الأرض، بينما تمتلك اللجنة العليا اقتراح السياسات الدعوية. وكل هذا يجتمع لخدمة المخرجات الإصلاحية التي تقوم بها اللجنة العليا للمصالحات.

وبذلك تكون كافة قطاعات الأزهر متشابكة مع بعضها، وأحيانًا نلجأ في لجنة المصالحات إلى الأساتذة بقطاع المعاهد الأزهرية، بصفته هو الأستاذ والمربي والأكثر تأثيرًا في المجتمع. بمعنى أن الطلاب ممن حدث في منزلهم النزاع هم تلاميذ بقطاع المعاهد، فيكون الأستاذ هنا  لديه دراية بهم، وبحالتهم الاجتماعية، وظروفهم. والأهم أنه يحظى بقبول لديهم، لأنه قبل كل شيء يحمل رسالة تربوية. فيستطيع أن يرشدنا عند دخولنا المنزل الذي حدث فيه النزاع، وكيفية التواصل معهم. وبذلك، تكون كل جهات الأزهر متشابكة وتتعاون من أجل مصلحة المجتمع ككل.

محرر الفجر مع الدكتور حسن يحيى
الدكتور حسن يحيى