الدوحة – سيف الحموري – كشف البروفيسور عبد البديع أبو سمرة – مدير المعهد الوطني للسكري والسمنة وأمراض الأيض، ورئيس مشارك للجنة الوطنية للسكري والرئيس التنفيذي للجودة في مؤسسة حمد الطبية، أن الخطة الوطنية للسمنة والسكري وعوامل الخطورة 2024 – 2030، تتضمن مشروعا لوضع مُقرّر ضمن المناهج الدراسية في كل صف دراسي، حسب عمر الطالب ومقدرته الذهنية، ويكون هذا المقرر متعلقًا بالتغذية والنشاط البدني والسكري والقلب.
وأوضح البروفيسور أبو سمرة في حوار لـ «العرب» أن المقرر سيناسب مستوى وعي الطالب، وسيكون لهذا المشروع لجنة خاصة لتنفيذه بالمدارس، وكذلك العمل على رفع الوعي في الجامعات.
وأشار إلى أن خطط التوعية بمخاطر السمنة والسكري وعوامل الخطورة تشمل أماكن العمل، وفئات المجتمع المختلفة من كافة الجنسيات والأعراق. ونوه بجهود برنامج قطر للوقاية من أمراض السكري، وهو بحثي شامل لمنع الإصابة بالداء، ويستهدف من لديهم عوامل خطورة للإصابة بالسكري أو مرحلة ما قبل السكري، وأن مشروعاً بحثياً خاصاً بمن أصيبوا بمرض السكري حديثاً. وأوضح أن مؤسسة الرعاية الصحية الأولية تقوم بجهد كبير من خلال الفحص السنوي الشامل، بالتواصل مع الجمهور عبر الهاتف من أجل إجراء الفحص، لافتاً إلى أن الفئة المستهدفة بالفحص تصل إلى نحو 200 ألف شخص.
وأشار إلى أن زيادة الوزن مسؤولة عن ثلثي حالات السكري في قطر، وأن معالجة زيادة الوزن والسمنة تؤدي إلى تراجع الإصابة بالسكري عند 60 % من المصابين، كما أن تراجع السمنة يعني تحسن الكوليسترول والوقاية من أمراض القلب والسكتة الدماغية والسكتة القلبية. وإلى نص الحوار:
ما هى أهم ملامح الخطة الوطنية للسكري 2024 – 2030؟
تشمل الخطة الوطنية للسكري للأعوام القادمة كلا من السمنة والسكري وعوامل الخطورة، حيث إن السمنة وعوامل الخطورة من الأمور التي نعمل على التأكيد عليها من خلال الخطة الوطنية، وليس السكري فقط. وتُعدّ زيادة الوزن أحد الأسباب الرئيسية للسكري من النوع الثاني، كما نُقدّر أنها مسؤولة عن ثلثي حالات السكري في قطر. بالإضافة إلى السكري والسمنة، فإن عوامل الخطورة تساهم في الإصابة بأمراض أخرى كثيرة على رأسها تصلب الشرايين وأمراض القلب والسكتة الدماغية. وتقي معالجة السمنة وعوامل الخطورة من السكري ومن هذه الأمراض الأخرى، علمًا بأن هذا الأمر يحتاج إلى وعي كبير من أفراد المجتمع. ولهذا السبب، فإن تسمية الخطة الوطنية 2024 – 2030 تغيرت وأصبحت تسمى «الخطة الوطنية للسمنة والسكري وعوامل الخطورة».
الوقاية.. والخطورة
وما الركائز التي تقوم عليها الخطة الوطنية للسمنة والسكري وعوامل الخطورة؟
هناك ركائز أساسية لهذه الخطة ويتمثل أولها في الوقاية من خلال تجنّب عوامل الخطورة ومعالجة زيادة الوزن والسمنة، وهي مسؤولة عن ثلثي حالات السكري في قطر، ومعالجتها تؤدي إلى تراجع الإصابة بالداء عند 60 % من المصابين، إذ إنّ هذا التراجع يعني أنّ الشخص غير مصاب بالمرض. كما أن تراجع السمنة يعني تحسن الكوليسترول، والوقاية من أمراض القلب مثل تصلب الشرايين، والوقاية من السكتة الدماغية والسكتة القلبية، إذ من الممكن تفادي الإصابة بجميع هذه الأمراض عبر مكافحة السمنة، وهو ما يجب أن يعيه الجمهور جيداً.
وفي حالة التركيز فقط على انتظام مستوى السكر في الدم وعدم الاهتمام بعوامل الخطر المرافقة، كالاستمرار في التدخين، وعدم انتظام علاج ارتفاع الضغط والكوليسترول إن وجدت، فإن احتمال الإصابة بسكتة دماغية أو قلبية لا يتناقص. من ناحية أخرى، إذا تم علاج السمنة، فإن السكري يتراجع ويتحسّن كل من مستوى السكر في الدم، وضغط الدم ومستوى الكوليسترول بدون أدوية أو بقليل من الأدوية. أما في حال انتظام السكري عن طريق تناول الأدوية بدون الاهتمام بعوامل الخطورة المذكورة أعلاه فذلك لا يقي إلا بنسبة قليلة. بالتالي، نأمل أن يفهم مرضى السكري جيداً أن حمايتهم من السكتات الدماغية والقلبية مرتبطة بعلاج ارتفاع الضغط والكوليسترول وإقلاعهم عن التدخين، وعلاج السمنة، وكل ذلك دون أدوية، إذ إن الخطة الوطنية شملت الأمراض الثلاثة بخطة واحدة، السمنة والسكري وعوامل الخطورة.
الخطة ليست مجرد شعار
كيف تعالج الخطة الوطنية هذه المشكلات وصولاً إلى الوقاية منها؟
لا تعتبر الخطة الوطنية 2024 – 2030 مجرّد شعار يُرفع، فقد تم الاتفاق على 58 مشروعًا ضمن الخطة الوطنية لتحقيقها خلال السنوات الستّ المقبلة، وكل مشروع منها يعالج جزءًا من المشكلة. ومن هذه المشاريع ما يُطبق في مؤسسة حمد الطبية، أو مؤسسة الرعاية الصحية الأولية، ومنها ما يُطبق في سدرة للطب، ومن خلال مؤسسات القطاع الخاص، ومنها ما يُطبق من خلال وزارة الصحة العامة بأقسامها المختلفة، ذلك أن المشاريع موزعة على الكثير من الجهات.
كما أنّ من هذه المشاريع ما يتعلق بالتوعية بأهمية الغذاء الصحي والرياضة، وبتعميم الكشف المبكر عن الأمراض وعوامل الخطورة، ومنها ما يتعلق بالعلاج الفعال باستخدام الأدوية الحديثة، وجراحة السمنة وغيرها. وقد تم توزيع المشاريع بطريقة تحقق الأهداف المنشودة، وكل منها له وقت وتطبيق محدد، حيث إن تطبيقها مجتمعة يؤدي إلى تحقيق أهداف الخطة الوطنية.
ماذا عن أبرز هذه المشاريع والتي تستهدف أكبر عدد من السكان؟
يتجسّد الجزء الأساسي من الخطة الوطنية في التوعية وتمكين السكان، وهي مُهمّة يجب أن تُعطى أهمية بالغة، إلى جانب تسهيل الحصول على غذاء صحي معتدل ذي سعرات حرارية مناسبة للوزن ويكون غنياً بمصادر صحية للبروتينات والكربوهيدرات، والمعادن، والفيتامينات كالخضراوات والفواكه والمكسرات والبقوليات واللحوم قليلة الدهن. كما لا بدّ من تجنّب الأغذية غير الصحية التي تحتوي على سكريات بسيطة، ودهون مشبعة، ولحوم معلبة، وهي التي عادة ما تكون كثيرة السعرات الحرارية وقليلة المعادن والفيتامينات والألياف وبالتالي تؤدي إلى السمنة وتصلب الشرايين. كما تتضمن الخطة تأكيداً على أهمية ممارسة الرياضة، وتيسير السبل لذلك، والتأكيد على الإقلاع عن التدخين أو الابتعاد عن أماكن التدخين.
وتتطرق الخطة أيضا لمعالجة السمنة عن طريق الجراحة والأدوية الحديثة، مع الأخذ بعين الاعتبار أن العلاج ليس السبيل الوحيد، فضلا عن أهمية التوعية بالتغذية والنشاط البدني في المجتمع بصورة عامة، لما له من تأثير كبير على الوقاية واستمرارية العلاج.
توعية الطلاب
هل تشمل الخطة توعية طلاب المدارس والجامعات، باعتبار أنهم يمثلون فئة كبيرة من المجتمع؟
نعم، ذلك أن أحد المشاريع الهامة التي تتضمّنها الخطة الوطنية هو وضع مُقرّر ضمن المناهج الدراسية في كل صف دراسي، حسب عمر الطالب ومقدرته الذهنية، ويكون هذا المقرر متعلقًا بالتغذية والنشاط البدني والسكري والقلب، بحيث يناسب مستوى وعي الطالب، وبالتالي، يتضمن كل عام دراسي مقررًا يتطرق لهذا الأمر. كما سيكون لهذا المشروع لجنة خاصة لتنفيذه بالمدارس، وكذلك العمل على رفع الوعي في الجامعات.
ولا ينبغي أن ننسى أيضاً أن العمل على رفع هذا الوعي سيشمل أماكن العمل، وكذلك فئات المجتمع المختلفة من كافة الجنسيات والأعراق ليكون لدينا خطة للتوعية والتثقيف تشمل الجميع.
هل من أبحاث تعملون عليها ترتبط بأمراض السكري؟
يهدف برنامج قطر للوقاية من أمراض السكري، وهو برنامج بحثي شامل، إلى منع الإصابة بهذه الأمراض عند من لديهم عوامل خطورة للإصابة بها أو في مرحلة ما قبل السكري، أو السيدات المصابات بسكري الحمل. كما لدينا مشروع بحثي خاصّ بمن أصيبوا بمرض السكري حديثاً.
ويتمثل الهدف الأساسي من العلاج في دفع مرض السكري للتراجع إلى حالة ما قبل السكري، أو إلى الشفاء منه عن طريق إنقاص الوزن وتبنّي نظام غذائي صحّي ومناسب، وزيادة حركة الجسم، وهو ما يُعدّ هدفًا قابلًا للتنفيذ، ويشمل نحو ثلثي المرضى.
تطبيق الخطة
هل بدأ العمل على تنفيذ الخطة الوطنية للسكري؟
تحتاج الخطة إلى مراحل أخرى لتدخل حيز التطبيق، ذلك أنه بعد نشر خطة العمل، نسعى إلى تحويل البرامج إلى مشاريع تطبيقية، وهو ما يحتاج إلى المزيد من الوقت، لكننا نتوقع أن نبدأ في تنفيذه خلال العام المقبل 2025.
ماذا عن الكشف المبكر للسكري؟
توفر المراكز الصحية التابعة لمؤسسة الرعاية الصحية الأولية الفحص السنوي الشامل، حيث تقوم المؤسسة بجهد كبير من خلال التواصل مع الجمهور عبر الهاتف من أجل إجراء الفحص، خاصةً وأن الفئة المستهدفة كبيرة حيث تصل إلى نحو 200 ألف شخص. ويتواصل كل مركز مع الأشخاص المسجلين لديه.
من هذا المنطلق، أود التـأكيد على أهمية الفحص السنوي الشامل، والذي نأمل أن يتعرف الجميع عليه. فبمجرد الكشف عن هذه المخاطر، يُعالج المريض أو يرسل إلى العيادة التي يتلقّى فيها العلاج وفقا لنتائج الفحص، ذلك أنه إما أن يتلقاه في أحد مراكز الرعاية الصحية الأولية أو يُحال إلى مؤسسة حمد الطبية، حسب حالته الصحية، لمتابعة العلاج.