استنكر مؤسسة المرصد المصري للصحافة والإعلام، ما جاء في بيان لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، من اتهامات تطال الكاتب الصحفي خالد البلشي بصفته الشخصية والاعتبارية كنقيب للصحفيين، لمناقشته مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد، الأمر الذي يمثّل تهديدًا لحرية الرأي والتعبير، ويقلّص بشكل أساسي مساحات النقاش حول القضايا المحورية التي تمس المواطن بشكل مباشر، إذ يتهم البيان كافة المعارضين بتهم تتلخص في التضليل والتشويه والادعاءات المغرضة، تنميطًا وعقوبة لهم على استخدامهم حقهم في التعبير والمعارضة كحق أصيل يمنحه الدستور وتكفله القوانين الوطنية والعالمية.
وأعلن المرصد تضامنه وتأييده لموقف نقيب الصحفيين، ممثلًا عن الجماعة الصحفية عما طاله من تهديدات مثلتها لغة لا تليق أبدًا بمكانة البرلمان المصري.
وأكد رفضه القاطع لمسودة القانون على صورته الحالية، والتي تحوي مواد تشتمل على تعريفات مطاطة، وقابلة للتأويل، مما يوقع السلطات المخاطبة بأحكامها في حيرة، ومن ثم يتسم حكمها وتقديرها للمواقف بعدم الموضوعية؛ حيث ترسخ المواد المطروحة لتقييد المجال العام بصورة أكبر مما هو عليه، كما تهبط هبوطًا حادًا بمستوى حقوق الإنسان في مصر.
وقالت المؤسسة: “استخدم بيان اللجنة التشريعية لغة توحي بالاستقواء من حيث رفضها لكافة المقترحات والمناقشات جملة وتفصيلًا، ومن ناحية أخرى الإصرار على أن مشروع القانون يأتي استجابة للتحديات المجتمعية والنهوض بالحقوق والحريات، ومن ثم ختمت عريضة الاتهامات بتهديد مفداه أنها “لن تقف مكتوفة الأيدي أمام الادعاءات المغرضة”، ولم يقدم البيان ردًا قانونيًا واحدًا حول الانتقادات التي وُجهت لمشروع القانون، محتكرًا حق المناقشة وإبداء الرأي، ومفضلًا إقصاء المجتمع -الذي يمثله- بكافة أطيافه من الحوار والنقاش والتعبير عما يراه تهديدًا لسلامته وحريته”.
وأشارت المؤسسة إلى أن مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد يأتي في وقت يشهد فيه المجتمع المصري تزايدًا في التوترات وعمليات التقييد المتلاحقة والتي تطال الصحفيين والمبدعين وأصحاب الرؤى، وتعرضهم لعمليات ممنهجة من التعسف سواء في حبسهم احتياطيًا بالمخالفة للدستور والقانون أو في إعادة تدويرهم في قضايا جديدة، وفي ظل المطالبات بالتوقف عن هذه الممارسات التعسفية، نجد أنفسنا أمام مشروع جديد يضيف إلى حالة الحريات قيودًا كارثية تحد من حرية الأجيال القادمة.
وأوصى المرصد المصري للصحافة والإعلام بالآتي:
- ضرورة الاعتذار عما جاء بالبيان السابق ذكره من لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، بما يحفظ تاريخ البرلمان المصري ومكانته قبل كل شيء.
- طرح مشروع قانون الإجراءات الجنائية لحوار ونقاش مجتمعي جاد وقبول كافة الآراء والملاحظات دون إلقاء التهم، وهي الفلسفة التي قام عليها الحوار الوطني نفسه.
- مراجعة المواد المتعلقة بحرية الصحافة، يجب تعديل أو إلغاء المواد التي تقيّد حرية الصحافة أو تُجرم العمل الصحفي بطرق غير مباشرة، حيث أن الصحافة الحرة ركيزة أساسية في المجتمعات الديمقراطية.
- تعزيز ضمانات الدفاع: ضرورة التأكيد على حق المتهم في الدفاع، وضمان حضور المحامي في جميع مراحل التحقيق، وعدم استخدام غياب المحامي كذريعة لاتخاذ إجراءات قد تؤثر سلبًا على حقوق المتهم.
- تحديد ضوابط الحبس الاحتياطي: يجب إدخال نصوص واضحة تحد من استخدام الحبس الاحتياطي كأداة عقابية، وضمان عدم استغلاله بشكل مفرط وتعسفي كما يحدث الأن مع الصحفيين المحبوسين.
- تفعيل توصيات الحوار الوطني: يجب أن يأخذ القانون في الاعتبار توصيات الحوار الوطني السابق، خاصة تلك المتعلقة بالحبس الاحتياطي وضمانات حقوق الدفاع، لضمان أن القانون يلبي احتياجات المجتمع.
- الشفافية في التشريع: ينبغي تعزيز الشفافية في عملية صياغة وإقرار القوانين، بحيث تكون العملية واضحة ومتاحة أمام الرأي العام لمتابعتها والتفاعل معها والتعليق عليها.