دبي مركز عالمي رائد لشركات العملات المشفّرة

ابوظبي – ياسر ابراهيم – الأربعاء 4 ديسمبر 2024 05:53 مساءً – تواصل دبي ترسيخ مكانتها مركزاً عالمياً رائداً لشركات العملات المشفرة، متفوقة على مراكز تقليدية مثل سويسرا وسنغافورة. ويعود الفضل في هذا التحول بشكل رئيسي إلى مركز كريبتو التابع لمركز دبي للسلع المتعددة، وذلك وفقاً لتقرير حديث نشرته مجلة «فوربس». وتأسس مركز دبي للسلع المتعددة في عام 2002 دبي لدعم تجارة السلع المتنامية في دبي، وشهد تطوّراً ضخماً ليصبح قوّة اقتصادية كبيرة؛ فاليوم يستضيف المركز أكثر من 25 ألف شركة ويسهم بنسبة 7% في الناتج المحلي الإجمالي لدبي. وفي قلب دبي للسلع يقع مركز كريبتو، الذي يستضيف أكثر من 600 شركة ويستمر في التوسع بوتيرة قوية.

وتحدث أحمد بن سليم الرئيس التنفيذي الأول والمدير التنفيذي لمركز دبي للسلع المتعددة، للمجلة عن رحلة مركز كريبتو، حيث عاد إلى عام 2015 عندما بدأوا في مشاريعهم التجريبية الأولية المتعلقة بالبلوك تشين.

وقال : «لطالما ألهمتني فكرة اللامركزية والأصول البديلة؛ ولطالما آمنت بالتنويع، سواء في السلع أو في القطاع المالي؛ فكلما زادت الخيارات المتاحة للأعمال، أصبح السوق أقوى وأكثر مرونة». وأشار إلى أنه في عام 2021، أطلق دبي للسلع مركز كريبتو، بالتعاون مع «سي في لابس» السويسرية، ليوفر نظاماً بيئياً متكاملاً لشركات البلوك تشين والعملات المشفرة، بدءاً من الشركات الناشئة إلى اللاعبين الراسخين.

وركّز مركز دبي للسلع على تمكين الشركات من النمو المستدام. وقال بن سليم: «كنا حذرين للغاية في البداية. لم نسمح بدمج الشركات التي تتعامل مع أموال الآخرين، مثل البورصات، حتى تصبح اللوائح واضحة؛ وبدلاً من ذلك، شجعنا أنشطة مثل تطوير التكنولوجيا والتداول الخاص والتعاملات المباشرة، وهذا منحنا الأساس لبناء الثقة والمصداقية».

وشدد على أنَّ هذا النهج المدروس، جذب أكثر من 600 شركة للعمل حالياً تحت مظلة مركز كريبتو؛ ومع ذلك، يؤكد بن سليم أنَّ «الأمر يتعلق بالجودة وليس العدد؛ حيث إنَّ المركز يركّز على الشركات التي تتماشى مع رؤية دبي العالمية للابتكار والشفافية».

وصعود دبي كمركز للعملات المشفرة هو نتيجة عقود من الريادة في الأعمال والسياسات الداعمة للأعمال من قبل قيادتها، وموقعها الاستراتيجي، وبنيتها التحتية العالمية، وبيئتها التنظيمية التي توفر الضمانات اللازمة؛ حيث استفاد مركز دبي للسلع المتعددة من سمعة دبي كمركز محفز للأعمال.

ويشير أحمد بن سليم قائلاً: «عندما أطلقت دبي استراتيجيتها للبلوك تشين في عام 2018، كان ذلك إعلاناً واضحاً عن نواياها، حيث منحنا هذا الوضوح الثقة لاتخاذ إجراءات حاسمة، ما سمح لنا بإصدار بعض تراخيص الأعمال الأولى للعملات المشفرة في المنطقة».

سلّطت جائحة كورونا من 2020 إلى 2023 الضوء على جاذبية دبي، فبينما أغلق العالم أبوابه، ظلت دبي مفتوحة، وجذبت أعداداً كبيرة من العاملين عن بعد، بما في ذلك مؤسسو شركات العملات المشفرة وفرق عملهم. وبالنسبة للكثيرين، أصبح الانتقال إلى دبي قراراً تجارياً طويل الأجل، لذلك، أنشأوا عملياتهم، وأطلقوا تأثيراً متتالياً يستمر في دفع النمو بقوة اليوم. وأثبتت هذه الدورة، بحسب أحمد بن سليم، بشكل قاطع أن دبي هي مركز لجمع الأعمال والمستثمرين والمواهب، مما يدفع النمو بوتيرة غير مسبوقة.

أصول افتراضية

كان الوضوح التنظيمي حجر الزاوية لنجاح دبي مركزاً للعملات المشفّرة؛ حيث أسهم إنشاء هيئة تنظيم الأصول الافتراضية، في عام 2022 في أن توفر للشركات اليقين الذي تحتاجه للعمل بشكل قانوني وآمن.ويوضح بن سليم: «يوفر لنا التنظيم راحة إضافية؛ فقد رأيت دولاً ذات أنظمة قانونية ضعيفة تفقد فرصاً لأن الشركات لا تشعر بالحماية؛ لكن وجود إطار عمل واضح يطمئن المستثمرين ورواد الأعمال على حد سواء».

وعملية الحصول على تراخيص هيئة تنظيم الأصول الافتراضية عند إنشاء شركة في مركز دبي للسلع المتعددة بسيطة، حيث تحصل بعض الشركات على الموافقة الأولية في غضون أسبوعين.

تنوع ولامركزية

وعبر دور رائد في تجارة السلع، خاصة الذهب والألماس، لطالما كان مركز دبي للسلع في طليعة التجارة العالمية، بحسب «فوربس»، مشيرة إلى أن أحمد بن سليم يرى العملات المشفّرة على أنّها تطوّر طبيعي للسلع الأخرى». ويؤكد بن سليم أنه ليس داعية للعملات المشفّرة، ويوضّح وجهة نظره قائلاً: «أردت فقط جلب المزيد من الخيارات وغرس المزيد من الشفافية في الأسواق الشرق أوسطية».

وتركز خطط مركز دبي للسلع المستقبلية على مزيد من دمج البلوك تشين والأصول الرقمية مع التقنيات التكميلية؛ ويشمل ذلك توسيع مركز العملات الرقمية إلى مبانٍ جديدة وتطوير أوجه تآزر مع مركز الذكاء الاصطناعي ومركز الألعاب الذي تم إطلاقه مؤخراً.

ويقول بن سليم: «ما زلنا في البداية، الظروف تتماشى مع مزيد من النمو، ونحن في وضع يمكننا من دعم الموجة المقبلة من الابتكار». ويتوقّع بن سليم مستقبلاً متوازناً، حيث تتعايش البلوك تشين والأنظمة التقليدية؛ ويؤكد: «المستقبل ليس حول استبدال نظام بآخر، بل يتعلق بإنشاء خيارات وتعزيز التعاون».