– لماذا قررت الترشح فى مواجهة وزير الأوقاف وكيف دخلت الإعادة من المرة الأولى.
– الحكومة تتدخل بشكل صارخ والأمن يقبض على أنصاري ويوجه إليهم الاتهامات.
– اتخذت قراري بالانسحاب في الجولة الثانية صونًا للدماء بعد أن تأكدت من التزوير.
هذه ليست قصة حياة، بل شهادة حية على مرحلة تاريخية مهمة، عشتُ فصولَها، انتصاراتِها وانكساراتِها، حُلوَها ومُرَّها، اقتربتُ من صنَّاع هذه الأحداث أحيانًا، وكنتُ ضحيةً لعنفوانهم في أحيان أخرى، معاركُ عديدة دخلتُها، بعضُها أودى بي إلى السجون، لم أنكسر، ولم أتراجع عن ثوابتي وقناعاتي.
أروي هذه الشهادات، بصدق وموضوعية، بعضُ شهودها أحياء، والبعضُ رحل إلى الدار الآخرة، لكنَّ التاريخ ووقائعه لا تُنسى، ولا يمكنُ القفزُ عليها، وتزويرُ أحداثِها.
1 – رابطة أبناء قنا
فى شهر مارس من عام 1995 تلقينا دعوة خاصة من الأستاذ فكري مكرم عبيد، رئيس المجلس الأعلى لرابطة أبناء قنا، وذلك للمشاركة فى الاحتفال الذي قررت الرابطة إقامته في مقرها بميدان التحرير بالقاهرة بمناسبة ذكرى عيد قنا القومى الذى يوافق الثالث من مارس كل عام، وقد زارنا الأخ مبارك الشريف لأكثر من مرة مشددًا على ضرورة المشاركة فى الاحتفال.
وفى الموعد المحدد للاحتفال ذهبت أنا وشقيقى محمود، حيث تقابلنا مع جمع غفير من أبناء قنا المنتشرين فى غالبية مناطق القاهرة والجيزة، وقد لفت انتباهى هذا الحضور الكثيف للمقيمين منهم بمنطقة حلوان، والذين خلفت الكلمة التى ألقيتها فى الاحتفال مشاعر عديدة لديهم، وتبين أنهم يتابعون كل معاركى الصحفية، لم يكد ينتهى الاحتفال حتى فوجئت بمجموعة من أبناء مركز دشنا التابع لمحافظة قنا بقيادة الحاج عبد الستار والحاج عبد الوهاب الدشناوى يلتفون من حولى، ويوجهون لى الدعوة لزيارتهم فى حلوان، ومعى شقيقى محمود.
قبيل نهاية شهر مارس توجهنا للمرة الأولى إلى منطقة المساكن الاقتصادية بحلوان، حيث التقينا بجمهور كبير من أبناء قنا فى مقر جمعية أبناء دشنا بالمساكن، كان اللقاء دافئًا للغاية، تحدثت فيه إلى الحضور بكلمات أثارت حميتهم.. وخلفت داخل كل منهم أملاً لم يفصح عنه فى لحظتها، غير أن الأيام التالية أفصحت بنفسها عن هذا الأمل وتلك الرغبة.
كنا قد توجهنا إلى مقر الجمعية وبصحبتنا الصديق صلاح حاتم، المذيع التليفزيونى بالقناة الثانية وأحد سكان حلوان، والذى جرى تعارف وصداقة بينى وبينه خلال مرافقتنا للرئيس مبارك أثناء زيارته لليابان 1994، وفى وجود الحاج عبد اللطيف الدشناوى والحاج محمد أبو الحاج إبن مركز أبو تشت وآخرين.
وقد لفت انتباهى خلال وجودنا فى الجمعية شخص جلس إلى جوارى طيلة الوقت لم أكن أعرفه، ولكنه اقترب منى وقال لى «أنا عاوزك أنت والأستاذ محمود على انفراد بعد هذا اللقاء»، وحين سألته عن نفسه قال: «أنا الحاج عبد الحميد حامد» مدير آثار حلوان والصف ومن أبناء مركز قفط بقنا.
وقبيل مغادرة مقر الجمعـية، أبدى الحاج عبد الحميد حامد، تصميمًا على أن نتوجه معه إلى منزله بالقرب من منطقة ركن حلوان، وقد لبينا الدعوة بالفعل، وما إن جلسنا حتى فوجئنا به يبلغنا بما لم يكن فى الحسبا، قال بكلمات موجزة وحاسمة: «إننى أنقل لك رغبة أبناء قنا فى المنطقة بأن ترشح نفسك لعضوية مجلس الشعب فى الدائرة 25 بحلوان».
كان وقع الخبر علينا مثيرًا، فأنا لم أفكر من قبل فى خوض الانتخابات فى حلوان، وكان كل ما يشغلنى فى تلك الفترة هو دراسة العرض المقدم إلى من العديد من قيادات وأبناء مدينة قنا لترشيح نفسى فى دائرة بندر قنا، ولم أكن حتى ذلك الحين قد استقريت على رأى محدد، غير أن الاتجاه الأرجح فى ذلك الوقت كان يذهب فى اتجاه حسم الأمر للترشيح فى قنا، فهى بلدتى التى أعرفها عن ظهر قلب، تأملت العرض، وطلبت مهلة للتفكير.
وعلى الرغم من صعوبة وضع حلوان كدائرة انتخابية، فإن شيئا ما ألح علىّ فى تلك الفترة لخوض غمار المعركة فيها، فقد كان خوضى الانتخابات بها يعنى أنها ستتحول لمعركة انتخابية ذات طابع سياسى، فى مواجهة د.محمد على محجوب/ عضو مجلس الشعب لمدة 16عامًا و وزير الأوقاف، وهو من أبناء حلوان.
أدركت منذ البداية أنه من غير السهل مجابهة الدكتور محجوب فى الانتخابات، أو بمعنى أدق أدركت أن وقائع المعركة سوف تكون مكلفة وباهظة، وكان مبعثى لذلك اعتبارات عدة أهمها:
أولاً: أن د.محمد على محجوب لايزال وزيرًا فى السلطة، وقد مضى على وجوده بالوزارة نحو 9 سنوات، وهى فترة طويلة وكافية لإقامة روابط وعلاقات واسعة ووثيقة مع مختلف الأوساط فى حلوان والتبين ومايو.
ثانيا: أن د.محجوب، عضو عن الدائرة فى البرلمان منذ نحو ستة عشر عامًا، وهذا يعنى أن له الكثير من الخدمات والمجاملات لا يستطيع أحد إنكارها، مهما كانت طبيعة أو وضعية المرشح ضده، ناهيك عن إدراكه ومعرفته خبايا الدائرة الانتخابية، وكيفية كسب الأصوات، وفى المقابل كانت تلك أولى تجاربنا الانتخابية على الاطلاق.
ثالثًا: أن د.محجوب من المعروفين بالقدرة الفائقة على الحديث والتأثير فى المواطنين ببلاغته التى لا تنكر.
رابعًا: أن منطقة حلوان والتبين خاصة، محكومة إلى حد كبير بنظام العائلات، وقد أدركنا منذ البداية مدى ما يتمتع به د.محجوب، من قوة لدى بعض العائلات، خاصة فى حلوان البلد وعرب غنيم والتبين البلد وكفر العلو والمنشية وغيرها.
خامسًا: أننى شخص غريب عن حلوان، وهو أمر سيكون له تأثيره وانعكاساته ضدى.
كانت تلك الاعتبارات والموانع كفيلة بدفع أى فرد إلى التراجع عن الترشيح للانتخابات فى تلك الدائرة، إلا أن الحماس الذى لقيته من أبناء الصعيد تحديدًا. والرموز النقابية فى مختلف مصانع وشركات حلوان، دفعتنى إلى خوض المغامرة أيًا كانت العواقب.
وقد تمحورت رؤيتى للمعركة فى أن هناك العديد من المؤاخذات والملاحظات والمشاكل التى يجب التعرض إليها من أوضاع مجتمعية وبيئية فى حلوان بالإضافة إلى رؤيتى للمنطقة ذاتها والتى تقطنها أغلبية عمالية، نظرًا لانتشار الشركات والمصانع المختلفة على أطرفها وفى القلب منها، وهى منطقة تحتاج إلى المزيد من الخدمات للنهوض بها، أما النقطة الثالثة والمهمة فتتعلق بظاهرة التلوث التى تهدد شعب حلوان والتبين بالأمراض القاتلة، ولذا وضعتها فى مقدمة برنامجى الانتخابى لكونها إحدى القضايا بالغة الأهمية والخطورة فى الآن ذاته.
2- القرار الحاسم
حين اتخذت قرارى، رحت ومنذ نهايات شهر مارس أزرع أرض حلوان والتبين ومايو بجولات ولقاءات ومشاركات لا تنتهى، وقد أسهمت حاجة المنطقة إلى الخدمات، فى احتضان الجماهير لى ووقوفها إلى جانبى بشكل ملحوظ.
انطلقت فى جولاتى من منطقة عزبة الوالدة، حيث لم يتجاوز حضور أول لقاء عقدته عشرين فردًا، إلا أن هذا العدد أخذ فى التزايد كلما تجولت من منطقة لأخرى.
وما بين أول زيارة لعزبة الوالدة فى نهايات مارس 1995، وآخر مؤتمر انتخابى عقدته فى عزبة الوالدة أيضًا مساء السادس والعشرين من نوفمبر 1995 أى قبل الانتخابات بثلاثة أيام فارق مذهل، يكشف إلى أى حد التفت الجماهير من حولى فى الدائرة واتسعت حتى أصبح هناك يقين لدى الجميع بأننى الفائز فى الانتخابات المقرر لها التاسع والعشرون من نوفمبر، فقد حضر المؤتمر الأخير أكثر من عشرين ألف مواطن فى مؤتمر هز كافة أرجاء حلوان.
كنت أتحدث مع الجماهير بقلب مفتوح فى المؤتمرات الانتخابية الحاشدة وكانت الكلمات عن أوضاعنا المعيشية والوطنية والقومية تزلزل القلوب وتهز الضمائر بعنف، فمن النداءات للمواطنين باليقظة، لمواجهة المخططات التى تدبرها إسرائيل وأمريكا ضد مصر وأمنها القومى ساعية إلى تركيعها والسيطرة على قرارها السياسى، إلى كشف ما يتعرض له شعب العراق وليبيا من حصار جائر وظالم، إلى تسليط الضوء على ما يتعرض له المسلمون فى البوسنة والهرسك من مذابح بشعة على أيدى المعتدين الصرب وسط تواطؤ وصمت دولى مفضوح.
تصديت فى مؤتمراتى بقوة لقطار الخصخصة الذى راح يطحن بعجلاته العمال والمقهورين، محذرًا من النتائج الوخيمة التى ستترتب على المضى قدمًا فى تلك السياسات، واعتبرت أن قضية الدفاع عن العمال هى قضيتى المركزية والأولى، وكان شعارى فى الانتخابات «دفاعًا عن العمال والمقهورين»!!
مضيت فى حملاتى الانتخابية، متنقلا من منطقة إلى أخرى، من عزبة الوالدة إلى عرب الوالدة وعرب غنيم والمساكن الاقتصادية والمساكن الشعبية وعرب راشد ومنشية ناصر وحلوان البلد وكفر العلو وعرب أبو دحروج وعرب البراوى والحكر البحرى والحكر القبلى والتبين ومساكن المرازيق ومدينة الصلب وكافة مجاورات مدينة 15 مايو.
ومع كل جولة، كانت الجماهير تتضاعف أعدادها.. ويتصاعد تضامنها، وراح المواطنون ينظمون أنفسهم فى جماعات لمناصرتى، ثم سرعان ما تحولت إلى تكتلات ضخمة تعد بعشرات الآلاف.
كانت حلوان ومناطقها قد تحولت إلى ملحمة يهتف فيها الأطفال باسمى فى الشوارع، وراحت السيدات فى منازلهن يدعين لى بالفوز ويستقبلننى بالزغاريد من خلف الأبواب ومن فوق أسطح المنازل ومن بلكوناتها كلما تجولت فى أحد المناطق، وانتقل التأييد بعد ذلك إلى الخطباء فى المساجد والمترددين على النوادى وإلى العائلات فى المنازل، وأصبحت حديث كل بيت.
فى هذا الوقت صدرت صحيفة «صوت حلوان» برئاسة شقيقى محمود فى السادس والعشرين من يوليو 1995 وانتظمت فى الصدور بشكل أسبوعى كل أربعاء، حيث كان لها أكبر الأثر فى نشر أخبار مؤتمراتى وجولاتى الانتخابية على نطاق واسع، و اكتسبت «صوت حلوان» مصداقية واسعة لدى الجماهير منذ لحظاتها الأولى، وكانت تنفد فور صدورها، رغم أنها كانت تطبع عشرات الألوف من النسخ، وكان لافتا للنظر هذا التكدس الجماهيرى لشراء الصحيفة أمام محطة مترو حلوان لحظة صدورها مساء كل ثلاثاء.
لقد تحولت «صوت حلوان» بذاتها إلى مؤتمر متنقل تدخل البيوت، حيث كان يتخاطفها الناس ليقرءوا ما فيها بنهم شديد.
وقبل موعد الانتخابات بأكثر من شهرين كانت المؤشرات والتوقعات تؤكد أننى الفائز بلا جدال فى الانتخابات، وكانت تلك أيضًا تقديرات أجهزة الأمن التى راحت ترصد وعن كثب تطورات ما يجرى على الساحة الانتخابية.
كان مؤتمر منطقة المساكن الاقتصادية الذى حضره الفريق أول محمد فوزى، وزير الحربية الأسبق، والقيادى الناصرى الشاب حمدين صباحى، قد أذهل المنافسين، وهو المؤتمر الذى سبقته مسيرة ضخمة ضمت الآلاف وغطت كافة أرجاء المنطقة، وحقق نجاحًا كبيرًا خلال انعقاده.
كانت الحملات ضدى شرسة، لقد شن البعض حملة ضدى تزعم أن ذهاب الكرسى لشخص صعيدى من شأنه أن يثير الفتنة فى حلوان.
كان كل ما أثير ضدى خارجًا عن حدود المعقول تمامًا، فلم أرفع خلال الانتخابات شعارًا خاصًا بأبناء الصعيد وحدهم.. بل كنت أتحدث بلسان كل رجل وكل طفل وكل سيدة فى حلوان والتبين ومايو، دونما تفرقة بين هذا الشخص أو ذاك.. ولكن البعض راح يستخدم منطق «فرق تسد» لحسم المعركة لصالح منافس.
كنا قد أعددنا العدة ليوم الحسم منذ فترة طويلة، حيث أنشأنا غرفة عمليات خاصة من الشباب لإدارة العملية الانتخابية، واتخذنا من إحدى الشقق بشارع راغب بحلوان، مركزًا لغرفة العمليات بعيدًا عن الشقة الكائنة بعمارات المروة التى تم تخصيصها مقرًا لـ «صوت حلوان».
لقد أديرت معركة بالغة الضخامة بإمكانات محدودة للغاية.. ونجح الشباب فى فرض إرادتهم، ووضع المنافسين فى موقف الدفاع، رغم كل ما يمتلكونه من إمكانات رهيبة.
وفى يوم التاسع والعشرين من نوفمبر عام 1995، وهو اليوم المحدد لإجراء انتخابات مجلس الشعب، صباحًا انطلقت أنا وشقيقى محمود منذ حوالى السادسة صباحًا وبصحبتنا عشرات الشباب من أقاربنا وأهالى بلدتنا الذين آثروا المجيء خصيصًا لمشاركتنا تلك المعركة الانتخابية حامية الوطي، . جاء بعضهم من قنا وآخرون من السويس، كما وصل العديد من المتطوعين من محافظات أخرى كأسيوط وسوهاج والإسكندرية، بالإضافة إلى أقاربنا وأبناء بلدتنا المقيمين فى بولاق الدكرور وغيرها من مناطق الجيزة والقاهرة.
انطلق موكب من السيارات يحمل الشباب والرجال الذين راحوا يهتفون طيلة الطريق إلى اللجان الانتخابية «بكرى.. بكري» ويرفعون صورى واللافتات المؤيدة لى ورمزى الانتخابى «السيارة».
توجهنا أولاً إلى بعض اللجان الكائنة بمنطقة المساكن الاقتصادية بحلوان كلجنة مدرسة النهضة ومدرسة عبد العزيز مروان وغيرهما، ثم وزعنا أنفسنا أنا وأخى محمود، حيث اختار كل منا مجموعة من اللجان، وكانت لجنة حلوان البلد للسيدات من بين اللجان التى اختار أخى الذهاب إليها، بينما توجهت أنا إلى لجان المشتل ومكتب الصحة «حلوان البلد» معقل المنافس الانتخابى.
وعندما وصل أخى محمود إلى لجنة مدرسة حلوان الابتدائية والتى تضم نحو ثمانية آلاف صوت انتخابى من السيدات، حتى فوجئ بعمليات تزوير واسعة النطاق تجرى عينى عينك، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل راحوا يمنعون، وبالقوة، السيدات من أنصارى من الدخول للتصويت فى الصناديق، مستخدمين معهن وسائل التضليل والإرهاب، بل وراحوا يطردون مندوباتى من اللجان الانتخابية حتى يخلو لهم الجو للتزوير كما يشاءون.
لقد استفزنى ما يحدث أمام عينى، حتى أن البعض راحوا يلتفون حول أخى، ويحاولون الاحتكاك به، فى محاولة لافتعال مشكلة أو أزمة معه، وإزاء هذه التجاوزات لجأ أخى إلى العميد محمد رفعت الذى كان مكلفًا بالاشراف على تلك اللجان، إلا أنه لم يبال بشيء، بل وكان واضحًا تمامًا أنه راض عن كل ما يجرى.
3- محاولة اغتيالى
قام أخى بالمرور على اللجان الثمانى فى طوابق المدرسة المختلفة، محذرًا رؤساءها من تلك التجاوزات التى تتعارض مع الحياد المطلوب منهم، ولكن لا حياة لمن تنادى، مما دفعه إلى الخروج من المدرسة غاضبًا باحثًا عن المستشار رئيس اللجنة القضائية العامة المشرفة على الانتخابات لإبلاغه بما يتم من تزوير فاضح، وليطلب منه ضبط تلك المخالفات والتجاوزات.
وفى أثناء خروجه تقابل مع الأخ عبد القادر، أحد أبناء قنا المقيمين فى حلوان ومن تجار الموسكى، فحمله بسيارته إلى قسم شرطة حلوان بحثًا عن المستشار رئيس اللجنة القضائية، وكان معه عيسى الشريف، وطنطاوى أبو الحاج، وحين وصل إلى قسم شرطة حلوان تم إبلاغه هناك بأن رئيس اللجنة القضائية موجود بقسم شرطة التبين، ركب معه السيارة فى تلك اللحظات حربى محمد همام، وأحمد منصور وغيرهما، الذين كانوا قد وصلوا ضمن شباب البلد الذين جاءوا لمؤازرتنا، فعادوا مرة أخرى إلى الطريق المار عبر لجنة مدرسة حلوان الابتدائية إلى التبين، حيث فوجئ أخى بتكدس شديد أمام اللجنة، وعندما سأل عما يجرى أبلغه بعض أنصارنا بأننى كنت أتجول أمام اللجان الانتخابية القريبة حين نما إلى علمى أن بعض من أنصار المنافس يحتكون بشقيقى محمود داخل اللجنة، فاقتحمت اللجنة على الفور بحثًا عن أخى، إلا أن العشرات من المتربصين أحاطوا بى وحاولوا الاعتداء علىّ.
هبط محمود من السيارة مسرعًا وتوجه نحو باب المدرسة، لحظتها كنت خارجًا والمعتدون متجمهرين من حولى يحاولون الفتك بى.. ألقى أخى محمود نفسه على ظهرى من الخلف لحمايتى من أى ضربات غادرة، خاصة أن المعتدين راحوا يرشقوننى بالطوب ويضربون بالعصى كل من حولى، كان المعتدون يتجاوزون الخمسمائة فرد، بينما لم يكن يتجاوز عددنا نحن الأفراد العشرة.. أحاط بى أنصارى وحاولوا إخراجى من هذا المكان بسرعة، وتلقى حربى محمد همام، ضربة عصا غليظة على رأسه كانت موجهة إلى رأسى، بينما أصيب محمود الحسانى، وحمدى عبد الحميد بإصابات خطيرة فى رأسيهما بسبب الحجارة التى ألقيت علينا.
وحين أدرك المعتدون أنهم لن يحققوا غرضهم، خاصة بعد أن اقتربنا كثيرًا من الشارع الرئيسى راحوا يطلقون علينا الرصاص، إلا أنه مر فوق رءوسنا ونجونا من تلك المؤامرة بسلام.
وعلى الفور توجهنا إلى قسم شرطة حلوان لنحرر محضرًا بواقعة الاعتداء، وقد أصبت أنا بانفعال عصبى شديد من جراء ما حدث، فرحت أوجه انتقادات لاذعة لتواطؤ بعض رجال الشرطة وإلى المعتدين، ووقفت فى قلب الشارع أخطب فى المواطنين وأروى لهم وقائع المؤامرة التى جرت.
وقد اقترب منى العقيد محمود منتصر، مأمور قسم حلوان واللواء فتحى الصادى، مدير العلاقات العامة بوزارة الانتاج الحربى محاولين تهدئتى إلا أن محاولاتهما باءت بالفشل.
فى تلك اللحظات اقترب منى أحد أنصارنا، وانتحى بى جانبا، قائلاً لى إن هناك أربعين رجلاً مسلحين من أبناء الصعيد وقد علموا بما جرى لكم، وهم فى أقصى حالات الغضب ويريدون الانتقام الفورى لما حدث معكم، وعلى الرغم من حالة الانفعال والغضب التى سيطرت عليّ فى تلك اللحظات فإننى رحت أحذره، وقلت له أبلغ هؤلاء أننا لا نريد إراقة دماء، لأن هذا الباب إذا فتح فلن يغلق بعد ذلك أبدًا، وحتى يكون كلامى أكثر تحديدًا ووضوحًا، قلت له أبلغهم أن من سيفعل شيئا من هذا القبيل فسوف نتبرأ منه ولن نعرفه للأبد، وإننا يجب أن نتناسى ما حدث سريعًا.
كان هذا هو دأبنا فى كل الحالات، لقد خضت الانتخابات لم يكن بهدف إثارة مشكلات أو خلق أزمات، بل كان هدفنا هو خدمة أهالى حلوان والتبين ومايو متى استطعنا، وكنا ندرك أن أهلنا فى حلوان البلد لن يرضوا بما حدث معنا من مجموعات معروفة، وهذا هو ما حدث من رموز أبناء حلوان البلد الشرفاء، أبناء العائلات والأصول.
ولتخفيف حدة التوتر التى تصاعدت فى هذا الوقت بعد انتشار نبأ محاولة الاعتداء علينا فى حلوان البلد، عدت أنا وشقيقى محمود، لنمر على اللجان الانتخابية المختلفة، فتوجهنا إلى لجان مساكن الصلب ومحطة الكهرباء فى التبين البلد ومحطة الكهرباء على الكورنيش ولجان عزبة الوالدة ولجان مدينة 15 مايو، وما إن اقتربت الساعة من الخامسة مساء، موعد إغلاق صناديق الانتخابات حتى رحنا نرافق الصناديق إلى مقر لجنة الفرز بنادى الحديد والصلب بالتبين، وكانت توجيهاتنا لكل من مندوبينا والوكلاء هى المراقبة الدقيقة للصناديق وعدم تركها بعيدًا عن أعينهم ولو للحظة واحدة حتى يتم ايداعها مقر لجنة الفرز.
كانت لجان مدينة 15 مايو هى آخر لجان قمنا بتفقدها ثم توجهنا إلى لجنة الفرز عبر الطريق الخلفى «الأوتوستراد»، حيث بدأت صناديق الانتخاب تتوافد، ومندوبونا بصحبتها، كما بدأ المئات من المواطنين يتدفقون من كافة الأنحاء، وكانت سخونة المعركة تنبئ بأن صدامًا فى الأفق واقع لا محالة، وأن هذه الليلة لن تمر كغيرها من الليالى السابقة.
4 – لجنة الفرز
بمجرد وصولنا إلى مقر لجنة الفرز فى نادى شركة الحديد والصلب بالتبين اختار بعض المعادين أحد الجوانب المحيطة بالنادى وراحوا يتكدسون بأعداد كبيرة، بينما اختار أنصارنا موقعًا مقابلاً لهم، وفى تلك اللحظات كنت قد مضيت إلى داخل اللجنة بصفتى مرشحًا لأتابع أولاً بأول عملية فك الشمع من الصناديق الانتخابية.
وعلى الرغم من كافة التجاوزات التى حدثت نهار هذا اليوم، التاسع والعشرين من نوفمبر1995، فإن الأمن كان يبدو إلى حد كبير حريصًا على الحيادية، والنزاهة، وأسهم هذا الموقف فى غل يد أنصار المنافس عن تزوير غالبية الصناديق الانتخابية التى تقع فى مناطق تمركزهم، مثل كفر العلو والتبين البلد، وإن كان الأمر قد اختلف فى لجان حلوان البلد التى جرى تزويرها.
ونظرًا لإدراكي أن عملية الفرز سوف تستغرق وقتًا طويلاً، فقد تكفل الأخ خالد سعيد، بالتوجه إلى منزلى لإحضار ما تم إعداده من وجبات غذائية للمجتمعين أمام لجنة الفرز، خاصة أن الكثير منهم أصابه التعب والجوع نظرًا للجهد المتواصل الذى بذلوه على مدى ساعات النهار للمحافظة على صناديق الانتخاب ضد محاولات تزويرها.
فى حوالى الساعة السادسة والنصف أرسلت فى طلب شقيقي محمود، للمشاركة فى مراقبة ومتابعة عمليات الفرز بعد أن حصلت على موافقة رئيس اللجنة القضائية على ذلك.
وخلال دخوله مقر لجنة الفرز شاهد تجمعًا من أنصار المنافس وقيادات الحزب الوطني بالمنطقة يحتلون مدخل اللجنة،
قبل أن يعطي المستشار رئيس اللجنة القضائية إشارة البدء لفرز صناديق الانتخابات نمت إلى مسامعى هتافات معادية يرددها أنصار المنافس فى الخارج من ميكروفون مثبت على إحدى السيارات، بينما التزم أنصارنا الصمت ولم يردوا عليهم، حيث كنت قد طلبت منهم عدم الاستفزاز أو قبوله من الآخرين حرصًا منى على سلامة العملية الانتخابية حتى نهايتها.
وحين أدركت خطورة ما يمكن أن يحدث جراء تلك الهتافات، خاصة بعد أن استشعرت الغضب الذى أبداه أنصارنا الذين استفزتهم تلك الشتائم، توجه أخى محمود ومعه أخى أحمد إلى اللواء فيصل المشرف على قوات الشرطة الموجودة بالمنطقة لتأمين العملية الانتخابية، وحذره من أن الاستمرار فى اطلاق الهتافات والشتائم يمكن أن يتسبب فى مجزرة بين أنصار الطرفين المحتشدين أمام بعضهما البعض.
وقد توجه اللواء فيصل، على الفور إلى السيد محمد أمين سالمان، عضو مجلس الشورى وهو من أبناء حلوان البلد طالبًا إليه التدخل لمنع هذه الشتائم التى تنطلق من أنصارهم، إلا أن الأمر ازداد اشتعالا وراح أنصار المنافس يصعدون من لهجتهم العدائية ضدى.
عند هذا الحد ترك شقيقي محمود، اللواء فيصل، وتوجه إلى داخل لجنة الفرز بعد أن حذره من العواقب الوخيمة التى قد تشهدها تلك الليلة بسبب هذه الشتائم الذى يصدر من أنصار المرشح المنافس.
وفى داخل لجنة الفرز كان المستشار رئيس اللجنة القضائية قد قرر فرز ستة عشر صندوقًا دفعة واحدة بإشراف أحد المستشارين، وذلك فى محاولة لسرعة الإنجاز، حيث يبلغ عدد صناديق الدائرة نحو 48 صندوقًا.
ومنذ اللحظات الأولى كان شقيقى قد أعد العدة لتدوين عدد الأصوات لكل المرشحين، وقد كانت مفاجأة مذهلة تلك التى رحنا نشهدها أمام أعيننا، لقد حققت وعن جدارة وبفارق كبير بلغ نحو ألف وخمسمائة صوت فى كافة لجان مساكن المرازيق ومايو والمساكن الاقتصادية.
أصبح تقدمى عنصرًا مشتركًا مع مرشحى العمال خاصة محمد مصطفى، مرشح الحزب الوطنى وعلى فتح الباب، مرشح التيار الإسلامى وخليفة على حسنين، المرشح المستقل وعمرأبو الفضل عكاشة، إبن منطقة التبين.
وحتى الساعة الرابعة صباحًا كانت كل المؤشرات تؤكد فوزى لا محالة، لدرجة أن الخبر تسرب إلى الخارج وراحت بعض المناطق ومن بينها عزبة الوالدة تشهد احتفالات صاخبة فى هذا الوقت المبكر من الصباح.
وكانت المفاجأة فقد جاءت الصناديق الأخيرة حاملة أصوات مناطق حلوان البلد التى شهدت عمليات تزوير واسعة لتغير من وقع النتيجة، وليتقدم المرشح المنافس د.محمد على محجوب، بنسبة كبيرة من الأصوات دون أن يتمكن من الفوز.
وكان أن تقدمت بطعن فى ثلاثة صناديق كان التزوير فيها «عينى عينك»، إلا أن رئيس اللجنة القضائية وافق فقط على استبعاد الصندوق رقم “46” لجنة مشتل حلوان البلد، حيث كان عدد الأوراق المدونة به أكبر من عدد الناخبين المسجلين فى الكشوف.. كان التزوير فى هذا الصندوق فاضحًا، حيث استخدم المزورون قلما واحدا وعلامة (صح) واحدة لتسويد كافة الصناديق لصالح المنافس (فئات) ولصالح محمد مصطفى إبراهيم، مرشح الحزب الوطنى (عمال) وهو ما أدى إلى إبطاله واستبعاده من عمليات الفرز.
ومنذ نحو الساعة الرابعة والنصف صباحًا راح شقيقى يجمع عدد الأصوات التى حصلت عليها وتلك التى حصل عليها المنافس، فأدركت أن المنافس لن يحصل على الفوز كما كان البعض يعتقد، وأننى سأدخل معه إعادة بلا جدال، وهذا فى حد ذاته يعد انتصارًا كبيرًا، لأن أحدًا لم يكن يتخيل أن شخصًا يخوض الانتخابات للمرة الأولى يمكن أن يدخل إعادة مع وزير له باع طويل فى العمل البرلمانى، وفوق هذا وذاك يتمتع بقبلية وعشائرية كبيرة فى المنطقة.
تمسك القضاة بما توصلوا إليه من أرقام واحصاءات، حيث كانت المحصلة النهائية حصول د.محمد على محجوب على سبعة آلاف صوت وحصولى على ستة آلاف وخمسمائة صوت، وتقرر اجراء الإعادة بينهما لعدم حصول أى منهما على نسبة الخمسين فى المائة + واحد من أصوات الناخبين المقيدين بالدائرة اللازم للفوز، كما تقررت الإعادة كذلك على مقعد العمال بين كل من محمد مصطفى، وعلى فتح الباب، حيث حصل الأول على أكثر من خمسة آلاف صوت، بينما حصل الثانى على نحو ثلاثة آلاف وخمسمائة صوت.
5 – اشتباكات وأزمات
وكما توقعنا فقد شهدت المنطقة المحيطة بالنادى اشتباكات عنيفة فى مساء تلك الليلة بين أنصارنا وأنصار المنافس، بدأت الاشتباكات بهجوم مباغت شنه نحو خمسمائة من أنصار المنافس بالعصى والطوب والكرات المشتعلة دون مبرر أو سابق انذار، إلا أن أنصارنا تصدوا لهم بعنف، وردوهم على أعقابهم خاسرين، ولم تتوقف الاشتباكات بين الجانبين إلا بعد تدخل قوة أمنية بقيادة المقدم محب القرموطى نائب مأمور قسم التبين آنذاك، حيث أطلقت القنابل المسيلة للدموع لتفصل بينهما.
وبينما كان التوتر على أشده فى الخارج، كان نحو خمسة وعشرين من الفتوات ذوى الأجسام الضخمة يحاولون الاحتكاك بى وبشقيقى طيلة وجودنا بلجنة الفرز التى اقتحموها دون إذن من المستشار رئيس اللجنة القضائية، وحين تزايدت استفزازاتهم لنا وقفت وسط لجنة الفرز موجهًا حديثى للجميع وأمام المستشار رئيس اللجنة القضائية حيث قلت: «إن أى مساس بى أو بشقيقى محمود لن يمر بسهولة»، وطلبت من رئيس اللجنة طرد الفتوات الذين دخلوا مقر اللجنة دون وجه حق.
عند هذا الحد، أوقف رئيس اللجنة عملية الفرز، وصمم على إخراجهم، ولم يستأنف عملية الفرز مجددًا قبيل خروجهم من مقر اللجنة بالفعل، إلا أنهم ما لبثوا أن عادوا مرة أخرى إلى داخل اللجنة فى تحد غريب للمستشار والقضاة أعضاء اللجنة، وإن كانوا التزموا الصمت هذه المرة حتى تم الانتهاء من عمليات الفرز تمامًا.
بعد انتهاء الفرز، انتقل رئيس اللجنة وأعضاؤها من القضاة إلى غرفة جانبية لحصر الأصوات فى شكلها النهائى تمهيدًا لإعلان النتيجة، بينما ظللنا نحن موجودين داخل غرفة الفرز ذاتها وإلى جوارنا المرشح العمالى عمر أبو الفضل عكاشة الذى يرجع إليه الفضل فى استبعاد الصندوق (46) من الفرز، حيث قدم لرئيس اللجنة محضرًا حرره خلال مروره على لجنة المشتل، ومشاهدته بعض أنصار محجوب وقد أغلقوا على أنفسهم باب لجنة الانتخاب وراحوا يزورون الأصوات لمصلحة محجوب.
وقد حاول أحد الأشخاص من أقاربه طيلة ليلة الفرز اقناعه بالتنازل عن الطعن فى الصندوق حتى يضمن نجاح الوزير، إلا أن عمر أبو الفضل عكاشة ظل مصممًا على موقفه حتى اللحظة الأخيرة.
6 – فى انتظار النتيجة
فى هذا اليوم طال انتظارنا لقرار اللجنة المشرفة على الانتخابات منذ الساعة الخامسة حتى الساعة التاسعة صباحًا ترقبا لإعلان النتيجة، وفى التاسعة والربع تقريبًا اقترب العقيد بهجت فخرى، مأمور قسم التبين منى ومن شقيقى محمود، وأبلغنا بصوت خافت أن النتيجة حسمت لصالح إجراء إعادة يوم 6 من ديسمبر، إلا أنه طلب منا أن نخفى الخبر ولا نعلنه لأنصارنا إلا بعد مغادرة المنطقة، خاصة أن أنصار الوزير متربصون بالخارج، وسيفتعلون أى مشاكل مع أنصارنا الموجودين أمام النادى إذا علموا بنتيجة الإعادة.
وقد طلبنا من الزميلين اللذين كانا معنا فى تلك اللحظات وهما محمود عبد المنعم المحامى، وفوزى المنياوى، ألا يبلغا أحدا بالنتيجة حتى نغادر المنطقة تمامًا.
وبالرغم من هذه التوجيهات إلا أن الأخ محمود عبد المنعم المحامى لم يستطع ضبط أعصابه من جراء شعوره بالفرحة العارمة، فبينما كنا نتجه إلى البوابة الرئيسية للنادى فى طريقنا للخارج ويحيط بنا بعض الفتوات، وما أن لمح محمود عبد المنعم، بعضا من أنصارنا يتجمعون خارج البوابة ومن بينهم شقيقى أحمد وبقية الأخوة والأخ جمال عباس رمضان زوج شقيقتى حتى رفع يده بعلامة النصر.. وراح يصرخ فى هيستيريا “إعادة.. إعادة.. الله أكبر”، وكاد الزمام يفلت من يد الأمن، وتتجدد الاشتباكات لولا تحذيرات اللواء فيصل للجميع بالتزام الهدوء.
ويبدو أن تعليمات صدرت لرجال الشرطة فى المنطقة بحراستنا حتى نغادر المنطقة بسلام، خاصة أن الزميل الصحفى أحمد فرغلى أجرى عند الفجر اتصالا هاتفيًا مع اللواء رءوف المناوى، مدير العلاقات والإعلام بوزارة الداخلية من أمام لجنة الفرز حذر فيه من أن هناك اتجاهًا للاعتداء على أنا وشقيقى محمود من بعض الفتوات.
وعلى ذلك أصدر اللواء فيصل تعليماته إلى العقيد بهجت فخرى بأن يقود بنفسه فريقًا من سيارات الشرطة لحراسة سيارتنا حتى خارج حدود حلوان.
وبالفعل خرجنا وسط حراسة مشددة.. ورافقنا العقيد بهجت فخرى وقوة الشرطة، وخلال مرورنا على مناطق حلوان والتبين، كانت أجواء الهدوء تخيم على المنطقة انتظارًا لنتيجة الانتخابات الفعلية التى لم تكن قد أعلنت بعد،
وعند وصولنا إلى منطقة ركن حلوان شاهدنا الحاج كمال طايع أحد كبار أنصارنا، فسألنا عن النتيجة فى أثناء تهدئة السيارات فى تلك المنطقة، وحين علم أننى سأخوض جولة الإعادة مع الوزير راح يهتف من أعماقه «الله أكبر»، وصحبنا بسيارته حتى المنزل، وسرعان ما تدفق عدد من رموز أبناء حلوان ليهنئوا بهذا الانتصار الكبير، فقد كان مجرد خوض الإعادة مع الوزير بمثابة انتصار فى نظر الجميع.
وعلى الرغم من إعلان التليفزيون المصرى نتيجة الإعادة فى الدائرة فى إطار عرضه نتائج الانتخابات على مستوى الجمهورية فإنه عاد فى نحو الساعة الواحدة والنصف ليتراجع عما أعلنه، ويذيع أن عمليات الفرز لاتزال مستمرة فى حلوان.. وقد استشعرنا أن فى الأمر شيئا ما، خاصة أن الفرز انتهى منذ نحو الخامسة صباحا وحسم الأمر بالإعادة، غير أن التليفزيون عاد مرة أخرى فى نهاية اليوم ليعلن أن نتيجة الانتخابات هى الإعادة بين وزير الأوقاف محمد على محجوب ومصطفى بكرى رئيس تحرير جريدة الأحرار.
7- الجولة الثانية
مضت الجولة الأولى للانتخابات يوم الأربعاء 29 من نوفمبر 1995 بما لها وعليها، ورحنا نستعد لجولة الإعادة الحاسمة التى تقرر لها يوم الأربعاء 6 من ديسمبر.
كان يوم الجمعة الأول من ديسمبر 1995 يومًا مشهودًا فى تاريخ حلوان، فالمواطنون الذين كانوا يحلمون بنائب جديد يعبر عنهم رأوا فى خوض الإعادة اقترابا من تحقيق هذا الحلم، كانت الفرحة تعم كل النفوس، رجالاً، ونساءً، وشبابًا، وأطفالاً.
فى هذا اليوم، تلقينا دعوة من أبناء منطقة عرب أبو دحروج، لزيارتهم وأداء صلاة الجمعة معهم، وبعد الصلاة فوجئنا بتجمع جماهيرى ضخم لم نشهده من قبل أمام منزل صالح المنياوى أحد أبناء المنطقة، تحدثت إلى الجماهير المحتشدة، مؤكدًا ثقتى بالنصر فى جولة الإعادة، وناشدت المواطنين ألا يتخلوا عن أداء واجبهم الانتخابى فى الجولة المقبلة بينما راح عدد من الشباب يشكلون حائط صد حولى بهدف حمايتى.
كانت الفرحة أكبر من أن توصف، إنطلقت زغاريد السيدات، وراح الرجال يهللون، ويكبرون.. وعبر بعضهم عن بهجته بإطلاق الرصاص فى الهواء.. وعلى وقع الحماس الذى ساد الجميع انطلقت مسيرة حاشدة مرت بكافة أرجاء منطقة “عرب أبو دحروج” ومنها إلى “عرب البراوي” ومنها إلى «الحكر البحرى» ثم «الحكر القبلى»، وبلغت مساكن المرازيق عند آذان المغرب، حيث أدى آلاف المشاركين فى المسيرة – والذين تجمعوا من المناطق التى مررت بها – الصلاة معى قبل أن ينتقل الجميع إلى مقر جمعية أبناء الأقصر وإسنا بالمرازيق، حيث تدفقت الحشود بأعداد غفيرة بينما رحت أخطب فيهم وأدعوهم إلى الالتزام بضبط النفس.
لقد ولدت ضخامة المسيرة حالة من القلق فى أوساط رجال الأمن الذين أبدوا تخوفهم من حدوث صدام كبير، خاصة مع بعض الأهالى من المناصرين للدكتور محجوب، غير أننا أبلغنا العقيد بهجت فخرى مأمور قسم التبين بأننا لا نستهدف الاحتكاك بأحد.
فى هذه اللحظات، وبينما كان الجميع يهم بالانصراف من المنطقة، دعانى الأخ محمد جبريل، من أبناء الحكر البحرى لاصطحابى فى سيارته وانطلق مسرعًا باتجاه الكورنيش دون أن تكون لديه سيارات أخرى للحماية.. وما هى إلا لحظات حتى جاءت إحدى فتيات المنطقة لتبلغ شقيقى محمود أن اتصالاً تليفونيًا جاءهم من مقر صحيفة «صوت حلوان» طلبوا نقله لى بسرعة عاجلة، مضمونه أن شخصًا مجهولاً اتصل بمقر «صوت حلوان» وأبلغهم أن بعض الأفراد من أنصار المنافس نصبوا كمينًا على الكورنيش ويقفون الآن مسلحين فى انتظار مصطفى بكرى وأنصاره للاعتداء عليهم.
وما أن علم شقيقى بتلك الأنباء حتى راح يبحث عن أى وسيلة للحاق بى وتحذيرى مما يدبر لنا جميعًا، ولكن المسيرة التى قام بها أنصارنا على الكورنيش سدت الطريق من أمامه، وحالت دون عبوره الطريق، وما هى إلا لحظات حتى فوجئ بالمئات وقد خرجوا على الكورنيش حاملين العصى والأسلحة النارية وراحوا يلقون بالحجارة على المسيرة من فوق الكوبرى المواجه لمنطقتهم، حيث دارت اشتباكات واسعة أصيب فيها العديد من الطرفين.
وكان من سوء الحظ أن السيارة الميكروباص التى حملتهم لمنطقة مساكن المرازيق تعطلت فجأة وتوقفت فى موقع المعركة، وقد حاول شقيقى من جانبه أن يرغم من معه بالسيارة على التصدى للمهاجمين، إلا أنه فوجئ بهم يحملونه بسرعة إلى سيارة بديلة نقلتهم إلى حلوان عبر طريق الحكر البحرى والشركة القومية للأسمنت إلى الأوتوستراد حتى قلب حلوان، ولم يطمئن شقيقى إلا حين قابلنى فى واجب التعزية لأحد الأصدقاء.
بعد التعزية توجهنا إلى مقر صحيفة «صوت حلوان»، حيث رحنا نتابع تطورات ما جرى فى التبين من اعتداء على مسيرتنا، وهو أمر تطور بشكل خطير فيما بعد، إلا أنه انتهى بالصلح بعد أن تدخل بعض كبار الشخصيات فى التبين البلد لإصلاح ذات البين.
فى أعقاب ذلك مضت الأيام المتبقية على موعد اجراء انتخابات الإعادة فى السادس من ديسمبر1995، تحمل كل يوم مخاطر جديدة، وقد كان واضحًا فى ضوء ما لمسناه فى الجولة الأولى أن هناك موقفًا جديدًا، خاصة لدى أجهزة الأمن تجاه مجريات الجولة الثانية.
لقد حصلنا على توكيلات المندوبين والوكلاء العامين بسهولة ويسر فى الجولة الأولى إلا أننا قوبلنا بتعقيدات لا أول لها ولا آخر وعمليات مماطلة فى الجولة الثانية، حيث رفض العقيد محمود منتصر مأمور قسم حلوان تسليمنا التوكيلات حتى ليلة الانتخابات، وراح فى اللحظة الأخيرة يطلب إحضار المندوبين أنفسهم لتسلم التوكيلات، أو تقديم عناوينهم كاملة، وهو أمر أثار لدينا المزيد من الشك والريبة، ونتيجة لذلك لم نتمكن من الحصول على جزء كبير من توكيلات المندوبين، حيث ظلت بعض اللجان خاوية من مندوبينا الأمر الذى سهل لأنصار المنافس التزوير بسهولة ويسر فى الإعادة.
وقد لوحظ كذلك أن الأجهزة الحكومية منحت المنافس تسهيلات كاملة فى استخراج ما يعن له من بطاقات انتخابية فى مرحلة ما قبل جولة الإعادة، وهو أمر مخالف لكافة القوانين والأعراف.
كانت الأجواء السائدة عشية انتخابات الإعادة مختلفة تمامًا عن أجواء الجولة الأولى، وأدركنا منذ ذلك الحين أن قرارًا اتخذ على أعلى المستويات بإسقاطى فى الانتخابات أيًا كان الثمن، وقد كان.
8- الانسحاب من جولة الإعادة
كان ما جرى صباح يوم الإعادة السادس من ديسمبر أشبه بمرثية حزينة تنعى الانتخابات ونزاهتها، وتضع علامات استفهام كبيرة حول مستقبل الديمقراطية فى البلاد، لدرجة أن ما حدث فى هذا اليوم أطلق عليه وبصدق «مأتم للديمقراطية».
منذ الصباح الباكر، بدأنا جولتنا التفقدية للجان الانتخابية بزيارة اللجان الكائنة بمدينة 15 مايو، وهى اللجان التى منحت الغالبية العظمى من أصواتها فى الجولة الأولى لصالحى.
وبعد الانتهاء من جولتنا التفقدية توجهنا إلى غرفة العمليات التى أقمناها بمقر صحيفة «صوت حلوان»، لنتابع وقائع المعركة من هناك، قبل أن نعود لاستكمال بقية جولاتنا التفقدية على لجان التبين وحلوان.
وما هى إلا لحظات حتى فوجئنا والساعة لم تكن قد بلغت العاشرة بعد بالعشرات من مندوبى اللجان وأنصارنا يحضرون إلى مقر غرفة العمليات، بعضهم مصاب بجروح وبعضهم تبدو عليه آثار الضرب، وبعضهم يشكو تعرضه للطرد من مقر اللجنة، بينما تم القبض على العشرات منهم.
كانت التقارير تنهال علينا كسيل المطر من كافة المناطق تؤكد جميعها أن رجال الشرطة أنفسهم هم الذين يتدخلون لطرد مندوبينا من اللجان، حتى إن مندوبنا فى إحدى لجان محطة الكهرباء وهو فؤاد شاكر تعرض للضرب والطرد من اللجنة فى وجود القيادات الأمنية.
لقد أدركنا حينئذ صدق كل ما استشعرناه فى اليوم السابق، خاصة حين تناهت إلى مسامعنا أنباء الاجتماع الذى عقد فى ركن فاروق بين عدد من القيادات الأمنية وقيادات الحزب الوطنى، حيث تم حسم الأمر لصالح المرشح المنافس.
فى نحو الساعة الحادية عشرة والنصف صباحا، وبعد مناقشة مستفيضة للتطورات المتسارعة اتخذت واحدا من أصعب القرارات على نفسى، ألا وهو الإنسحاب من الانتخابات بعد أن أدركت أن استمرار التوتر المتصاعد على هذا النحو سوف يدخل حلوان برمتها فى دوامة من المعارك التى تتفجر فيها الدماء ولا يعلم الا الله أين ومتى يمكن أن تتوقف وذلك بعد التشاور مع الزملاء.
وفى جو مفعم بالمرارة والأسى بدأت فى إعداد خطاب الانسحاب من المعركة الانتخابية الذى ضمنته الأسباب التى حدت بى إلى اتخاذ هذا القرار والمتمثلة فى التدخل الصارخ وعمليات طرد المندوبين والاعتداء على الأنصار وإعتقالهم وتلفيق الاتهامات لهم.
وبعد أن فرغت من خطاب الانسحاب أرسلته إلى المستشار رئيس اللجنة القضائية المشرف على الانتخابات.. وطلبت من بقية المندوبين الانسحاب من اللجان الانتخابية.
كان قرار الانسحاب مرًا كمرارة العلقم، بيد أنه لم يكن أمامى من خيار آخر، بعد أن أدركت أن النتيجة محسومة بالتزوير لصالح المرشح المنافس، وأن الاستمرار يعنى فقط تعريض حلوان لحمامات من الدماء، ما أغنانا عنها، وقد خلف القرار، حالة من الصدمة فى أوساط المندوبين والناخبين، الذين لم يتفهموا مغزاه إلا بعد أن هدأت الأجواء، حيث راح الجميع بمن فيهم خصومى يشيدون بحكمة القرار فى معالجة الأزمة التى لولاها لظلت حلوان مسرحا لاشتباكات دامية لفترات طويلة.
وبعد إعلان الانسحاب من الانتخابات فى ظهر ذلك اليوم عدنا إلى المكتب لعقد مؤتمر صحفى بمقر صحيفة «الأحرار» لكشف وقائع ما جرى ومبررات الانسحاب، ولدى وصولنا مقر الصحيفة بوسط العاصمة كان عدد من مراسلى الصحف المحلية ووكالات الأنباء العالمية فى انتظار عقد المؤتمر الصحفى الذى كشفت فيه ابعاد ما جرى.. وأجبت خلاله عن كافة أسئلة الصحفيين والمراسلين.
ولم يكن ما تم فى الصباح إلا فصل من فصول المسرحية الهزلية التى تواصلت طيلة ساعات النهار والليل، فما أن فرغنا من المؤتمر الصحفى حتى فوجئنا بالتليفزيون يذيع تقريرا عن انتخابات حلوان يزعم فيه أن أجهزة الأمن تمكنت من ضبط زجاجات مولوتوف وقنابل حارقة وسنج وسيوف لدى أحد انصار مصطفى بكرى بعزبة زين بحلوان وهو عماد الدين عبد السلام حافظ.. وأنه اعترف بأنها كانت معدة لاستخدامها فى المعركة الانتخابية وقد أمرت النيابة بحبسه على ذمة تلك القضية.
كما راح التليفزيون يذيع كل نصف ساعة تقـريبا لقاءات مع القيادات الأمنية التى أعلنت فى هذه اللقاءات أن عمليات اعتقال تمت لعدد من انصار المرشح المستقل مصطفى بكرى بعد أن أثبتت التحريات أنهم ينتمون إلى الصعيد،
كما أجرى لقاء مع اللواء حبيب العادلى مدير أمن القاهرة، فى ذلك الوقت، والذى تحدث عن الانتخابات فى حلوان والقبض على أنصارى.
وكان نص البيان الذى أعلنته وزارة الداخلية فى ذلك الحين والذى أذاعته لمرات عدة فى التليفزون يقول: «إن معلومات وردت بأن بعض الأشخاص يعدون مواد حارقة بمنزل أحدهم ويدعى عماد الدين عبد السلام عبد الحافظ – 19 سنة – من محافظة قنا.. وذلك للقيام بعمل تخريبى أثناء العملية الانتخابية، فتم استئذان النيابة وبتفتيش مسكن المذكور الكائن بعزبة زين بحلوان عثر على 63 زجاجة بيبسى ممتلئة بالبنزين وجركن ممتلئ بالبنزين وكمية من الأقمشة المعدة لاستخدامها كفتائل لعملية الاشتعال، وبضبط المتهم المذكور اعترف بأنه من أنصار المرشح مصطفى بكرى وأن حيازته للمضبوطات بقصد إحداث خلل أمنى فى أثناء العملية الانتخابية لصالح المرشح المذكور.. وجار ضبط باقى المتهمين واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم».
ثم أصدرت وزارة الداخلية البيان التالى: بتاريخ اليوم 6 ديسمبر الجارى تم ضبط كل من:
-1 أشرف محمد شرف – 26 سنة – فران.
-2 عبد الحميد كمال عبد الحميد – 38 سنة – سائق.
-3 خميس محمد عبد الله – 26 سنة ـ فكهانى.
-4 رضا عبده على بدرى – 22 سنة ـ كهربائى.
-5 أيمن السيد عنتر – 18 سنة – فكهانى.
-6 إبراهيم أحمد نصر أحمد – 18 سنة – عامل.
وجميعهم من أبناء الوجه القبلى داخل سيارتين نصف نقل الأولى برقم 58064 نقل القاهرة، والثانية برقم 37835 نقل الجيزة، وبهما عدد خمسة أجولة بداخلها كميات من الحجارة والزجاج المكسور وقطع من الحديد الخردة والشوم وبعض السنج، واعترف المذكورون بأنهم من أنصارالمرشح مصطفى بكرى ويعتزمون إحداث شغب أمام بعض اللجان الانتخابية فى أثناء سير العملية الانتخابية، وجار اتخاذ الإجراءات القانونية قبلهم.
وراح التليفزيون ينقل لقطات حية من قسم شرطة حلوان للمتهمين والمضبوطات التى زعم أنه تم ضبطها بحوزتهم، كما أجرى التليفزيون لقاءات مع العقيد محمود منتصر، مأمور القسم الذى راح يشرح كيف تمت عمليات ضبط المتهمين والمضبوطات التى بحوزتهم وكان تركيز التليفزيون أكبر على المضبوطات لتصوير الأمر، وكأن هناك محاولة تخريبية متعمدة دبرها أنصار مصطفى بكرى للإخلال بالأمن فى حلوان، وهو أمر كان أبعد ما يكون عن الحقيقة، ولم تتوقف عمليات اعتقال أنصارى عند هذا الحد بل طالت العشرات الآخرين.
لقد بدا جليا أن هدف كل ما جرى واذاعته على نطاق واسع بالتليفزيون والراديو منذ الصباح الباكر هو دفع الناخبين إلى البقاء فى منازلهم أو مواقع عملهم وعدم توجههم للإدلاء بأصواتهم فى صناديق الانتخابات، أى أنها كانت بمثابة حرب لإرهاب الناخبين، وقد توقعنا فى تلك اللحظات أن تواصل الأجهزة استكمال مسرحيتها بطلب القبض علىّ أو التحقيق معى تحت زعم مسئوليتى عن الاتهامات الموجهة لأنصارى، غير أنه يبدو أنهم اكتفوا بقرار الانسحاب الذى اتخذته.. واعتبروا أنه يحقق الهدف المطلوب.
انتهت انتخابات الإعادة بالنتيجة المحسومة بعد انسحابى قبل ظهر ذلك اليوم، وبالرغم من ذلك فقد حصلت على حوالى ثمانية آلاف صوت بينما فاز الوزير بثلاثة عشر ألف صوت معظمها أصوات مزورة.
وبعد حوالى العامين ونصف العام من انتخابات مجلس الشعب التى أجريت فى السادس من ديسمبر 1995 فى الدائرة 25 بحلوان والتبين ومايو، أصدرت محكمة النقض تقريرها فى الطعن الذى تقدمت به، حيث جاء قرار محكمة النقض ليكشف التجاوزات والمخالفات الجسيمة التى أحاطت بالانتخابات وخلصت إلى الحكم ببطلانها تمامًا، وقد بررت المحكمة أسباب البطلان فى العديد من التجاوزات منها تصويت الناخب الواحد لأكثر من مرة، و اكتشاف تصويت الأموات، كما شابت الانتخابات تجاوزات أخرى جسيمة أدت إلى إصدار المحكمة حكمًا ببطلان الانتخابات، لكن المجلس سيد قراره رفض تنفيذ الحكم، حاول البعض إثنائى عن الاستمرار لكننى أخذت عهدًا على نفسى بالاستمرار فى التواجد مع أهلنا فى حلوان والتصميم على الترشح فى أول لنتخابات قادمة مهما كان الثمن، وهو ما حدث فى انتخابات عام 2000، والتى مثلت فصلًا جديدًا فى المواجهة.
جاء ذلك، في الحلقات التي ينشرها «الجمهور» يوم الجمعة، من كل أسبوع ويروي خلالها الكاتب والبرلماني مصطفى بكري، شهادته عن أزمات وأحداث كان شاهدًا عليها خلال فترات حكم السادات ومبارك والمشير طنطاوي ومرسي والسيسي.
اقرأ أيضاًشهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: صنعاء وإن طال السفر
شهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: لقاء ساخن مع ديفيد هيرست
شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري: خنجر في الظهر
شهادات وذكريات.. يرويها مصطفى بكري: من الأحرار اليومية إلى سجن الجمالية!!