قضية التيك توك

قضية التيك توك

يعد تطبيق التيك توك والذى أصدرته شركة صينية بايت دانس فى السوق الصينية عام 2016 باسم «دوين» ثم تيك توك عام 2017 وسمحت بتطبيقه على جميع أنظمة الهاتف المحمول فى جميع أنحاء العالم، يعد قضية سياسية واجتماعية واقتصادية خطيرة لأن هناك جزءًا من الشراكة فى التطبيق بين مستثمرين صينين وآخرين أمريكيين وقد تجاوز الموضوع الجانب الأخلاقى للتطبيق إلى المجال الاقتصادى أما الخطر الداهم الذى يهدد الاستقرار الأسرى ويخدش براءة الأطفال الذين يتم استخدامهم من أجل تحقيق مكاسب مالية وهو ما يعد إحدى مظاهر الاستغلال للطفولة وأيضًا للمرأة ومع أن دولًا مثل الهند منعت وحظرت هذا التطبيق فى عام 2020 إلا أن هناك دولًا أخرى مثل باكستان والعراق مازالنا فى مرحلة إصدار القوانين التى تحكم المحتوى الإعلامى لهذا التطبيق المثير للجدل.
ويعد ترامب من الرؤساء الذين تصدوا لهذا التطبيق، ففى الولايات المتحدة الأمريكية صدر قانون من الكونجرس فى مارس 2024 بحظر هذا التطبيق إن لم يتم شراء كامل الحصة الاستثمارية للمستثمرين الأمريكين وذلك حتى يتمكنوا من تقنين الأوضاع وسن القوانين المنظمة لهذا الإنفلات الأخلاقى الذى يطرح محتوى فارغ تافهة يضر بالمجتمع والأسرة ويعد منافيًا للكثير من الأعراف والقيم الإنسانية، حتى فى تلك المجتمعات التى يقولون عنها بلاد الحريات فهى مازات تحافظ على سلامة وبراءة الطفولة وترفض أى انتهاك لخصوصية الصغار واستغلالهم جنسيًا أو حتى اقتصاديًا وأيضًا هناك منظمات عدة ترعى حقوق المرأة والأسرة وترى أن هذا التطبيق يتيح للمستغلين فرصًا إعلامية تحقق عوائد اقتصادية من خلال استغلال النساء والفتيات فى محتوى مسيء على المشاع وفى العلن دون أى قانون يحمى المرأة والمجتمع.. وفى مصر أثار أحد نواب البرلمان قضية حظر تطبيق تيك توك كما حدث فى الهند وفى بعض دول شرق آسيا وما يجرى فى أروقة الكونجرس الأمريكى من صراع بين المال والحرية والانسان وحقوقه المزعومة، وقد حاول النائب عرض مخاطر التطبيق ومناشدة وزارة الإتصالات المصرية والمجلس النيابى بإصدار قوانين منظمة وحاكمة تمنع ما ينشر من محتوى غير أخلاقى لتحقيق مكاسب وجنى أرباح وصلت بالبعض لعرض نسائهم وصغارهم فى سوق التيك توك كما سوق النخاسة القديم وكأنها حلقة مفرغة من ماض يعيد رسم الحاضر بصور جديدة ومستحدثة فى شكل تطبيقات تبدو تكنولوجية متقدمة ولكنها فى الحقيقة مازالت تستغل البشر الأضعف خاصة النساء والأطفال.. فهناك رسائل عبر الهواتف يتم إرسالها لدعم بعض الحسابات الخاصة بالتيك توك للوصول إلى نسب مشاهدة عالية ومن ثم يصبح صاحب الحساب هو أيضًا منصة إعلانية لمنتجات أخرى بعضها معروف ومصرح به والآخر مشبوهة وليس له أى علامة تجارية صحيحة.. إذا فهى سلسلة متصلة فى حلقات جوفاء ما بين استغلال واستثمار محتوى إعلامى فاسد وتدمير للأخلاق وجرح للبراءة وصورة مسيئة للمجتمع لا تعكس الواقع وإنما تزيفه؛ لهذا فإن قضية الحظر وإن كانت ذات جوانب خاصة بالحريات والتجارة فإنها بلاشك قضية يجب أن تثار من أجل إصدار حزمة من القوانين الحاكمة للمحتوى لضبط للاستثمار وحوكمة للحريات الأخلاقية.. التيك توك تطبيق قد يقدم المحتوى الجيد وقد يساهم فى التعليم والفنون والثقافة وتقديم المواهب والمساعدة فى عرض القضايا الهامة بصورة جاذبة تكشف الحقائق كما حدث فى أحداث غزة حين تحول الجميع إلى مراسلين للأخبار يسجلون الأحداث حية فى وقتها وحينها… ومع كل هذا يظل الجانب السيئ والسلبى فى التطبيق أكثر تأثيرًا وانتشارًا ويحتاج إما للحظر والحجب وإما للقوانين السريعة لحماية الطفل والمرأة والمجتمع والاقتصاد.