كواليس وأسباب تخلي إيران عن بشار الأسد (التفاصيل الكاملة)

بعد أكثر من عقد على اندلاع الثورة السورية، يشهد المشهد السوري تحولات دراماتيكية إثر سقوط نظام الرئيس بشار الأسد الذي ظل لسنوات مدعومًا من قِبل إيران، القوة الإقليمية التي كانت الحليف الأبرز له، ومع سقوط دمشق في يد المعارضة المسلحة، ظهرت ملامح تراجع الدعم الإيراني، ما يشير إلى انقسام محتمل في التحالف الاستراتيجي الذي ساعد الأسد على البقاء في السلطة طوال فترة الصراع.

إيران والأسد.. تحالف دام عقدًا وتراجعات مفاجئة

وكانت إيران الداعم الأكبر لنظام الأسد منذ بداية الأزمة السورية في 2011. قدمت طهران دعمًا عسكريًا من خلال إرسال الحرس الثوري الإيراني ومستشارين عسكريين إلى سوريا، إضافة إلى دعم من حزب الله اللبناني، وهو ما ساهم في بقاء الأسد على رأس السلطة.

وشهدت العلاقة بين الجانبين توترات متزايدة في السنوات الأخيرة، خاصة بعد أن بدأت دمشق تتخذ خطوات لتقليل الاعتماد على الدعم الإيراني، بما في ذلك إعادة هيكلة التحالفات العسكرية والاقتصادية.

دلائل تراجع النفوذ الإيراني في سوريا

إغلاق المؤسسات الإيرانية
وأغلقت الحكومة السورية عددًا من المؤسسات التعليمية والثقافية التي تديرها إيران، مثل المدارس التي كانت تُستخدم لتعزيز النفوذ الثقافي الإيراني في البلاد. وأثار هذا الإجراء استياء طهران، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “ذا سبيكتاتور” البريطانية.

تقليص التواجد الإيراني
كما لوحظت مظاهر عدم الترحيب بالدبلوماسيين الإيرانيين في دمشق، مع تضييق منح الإقامات للمواطنين الإيرانيين وتقليل موافقات استئجار العقارات في العاصمة، في خطوة تعكس تغييرات جوهرية في العلاقة بين الجانبين.

تزايد الاعتماد على روسيا
واعتمد النظام السوري بشكل متزايد على الوجود الروسي العسكري والدبلوماسي على حساب النفوذ الإيراني، خاصة في المناطق الحساسة مثل العاصمة دمشق.

التحديات الأمنية.. استهداف إيراني مكثف

وخلال الأشهر الأخيرة، تصاعدت الهجمات الإسرائيلية على القواعد الإيرانية في سوريا، مستهدفة مستودعات أسلحة وقادة من الحرس الثوري الإيراني.

  • في حادثة بارزة، استهدفت غارة إسرائيلية القنصلية الإيرانية في دمشق في أبريل 2024، مما أسفر عن مقتل عدد من قادة الحرس الثوري.
  • تشير تقارير إلى احتمال تواطؤ النظام السوري في كشف مواقع إيرانية حساسة، ما أدى إلى تصاعد الشكوك بين الطرفين.

وتؤكد صحيفة “نيوز لاينز” الأمريكية أن هذه الضربات المتكررة أضعفت القدرات اللوجستية والعسكرية لإيران في سوريا، مما زاد من تآكل نفوذها في البلاد.

التغيرات الاقتصادية والسياسية.. توجه نحو الدول العربية

التقارب مع الخليج
في الأشهر الأخيرة، سعى نظام الأسد إلى إعادة بناء العلاقات مع الدول العربية، بما في ذلك دول الخليج مثل الإمارات والسعودية. وتم توقيع اتفاقيات تطبيع تهدف إلى تخفيف العزلة الإقليمية للنظام، وهو ما لم يكن ممكنًا دون تقليص النفوذ الإيراني في سوريا.

الضغوط الاقتصادية
مع انهيار الليرة السورية وتفاقم الأزمة الاقتصادية، وجدت دمشق نفسها مجبرة على البحث عن شركاء جدد لتحسين وضعها المالي، وهو ما دفعها لتقليل الاعتماد على إيران التي تعاني هي الأخرى من عقوبات اقتصادية مشددة.

الانعكاسات على التحالف السوري الإيراني

وتتجلى ملامح التوتر في العلاقات بين دمشق وطهران في عدد من السياسات الجديدة التي انتهجتها سوريا:

  • تعزيز العلاقة مع روسيا كحليف استراتيجي أساسي.
  • تقليص التواجد الإيراني العسكري والثقافي في المناطق الاستراتيجية.
  • تحسين العلاقات مع الدول العربية لتأمين دعم سياسي واقتصادي.

سوريا بعد سقوط النظام.. مشهد جديد

ومع سيطرة المعارضة المسلحة على دمشق، تواجه سوريا مرحلة جديدة من التحولات السياسية والعسكرية، ويأتي ذلك وسط تضاؤل الدور الإيراني، وبروز قوى إقليمية ودولية جديدة تسعى إلى إعادة تشكيل المشهد السوري.