ليس بمقال.. بل فضفضة عامة وبحث عن شغف الحياة المفقود في ثنايا أرواحنا الصبح أخبار –

وسط إيقاع الحياة اليومية المتسارع، يتسلل إلى أرواحنا شعور غامض يصعب وصفه أو تصنيفه فهو ليس اكتئابا بالمعنى التقليدي، ولا هو يأس قاتم، بل حالة أشبه بفقدان الشغف، وكأننا ننفصل عن ذواتنا شعور يسكن أعماقنا بصمت، يختبئ في زوايا الروح، ينتظر أن يُكتشف.

تلك الإنجازات التي أضاءت حياتنا يومًا تبدو الآن مجرد نتائج عادية، والفرح الذي كان يملأ قلوبنا أصبح كظل باهت لا يصل إلىالجوارح.

هذا ليس استسلامًا ولا شكوى، بل تجربة إنسانية معقدة نشعر بها دون أن ندرك أحيانا طبيعتها الحقيقية، إحساس اللامبالاة تجاه ما كان يلهمنا ويحفزنا أصبح يصدمنا، خصوصا لمن اعتادوا على السعي الدؤوب والتمسك بأهدافهم.

فعلى الصعيد الشخصي، وبالنسبة للأشخاص الذين يغلب عليهم حب العمل لحد الهوس، وأولئك الذين يكرسون حياتهم لتحقيق الإنجازات والنجاحات، يشكل هذا الشعور تحديًا كبيرًا. وكأن عجلة الأيام تبتلع كل ما يجعل لحظاتنا مميزة فهذا الشعور غريب

ويكاد يكون عصيا على الوصف، وكأن شعلة الحياة التي كانت تدفعنا للأمام انطفأت فجأة، حتى في لحظات نجاحنا التي كانت دومًا مصدر طاقتنا وسعادتنا.

فنحن اليوم أمام مفترق طرق غريب، المحطات التي عبرناها أصبحت مجرد علامات في رحلة فاقدة للوجهة الواضحة، لا تحمل ذات النكهة التي تعودنا تذوقها، تلك اللحظات التي كنا فيها جزءًا من الحياة الاجتماعية والنقاشات المثمرة باتت تفقد بريقها تدريجيا، ً وأصبحت المواقف والمحادثات تبدو سطحية أكثر مما ينبغي.

ورغم امتناننا العميق لنعم الله التي لا تُحصى، فإن هناك شعورً ا بالفراغ الداخلي يدعونا للتوقف ومراجعة النفس بصدق.

هذا ليس رفضًا للواقع ولا استخفافًا بالنعم، ولا هو تمرد بأي شكل من الاشكال وإنما مواجهة لعاصفة هادئة داخلية تثير تساؤلا ت عميقة؟؟ ربما يكون الروتين جزءًا من المشكلة فحياتنا أصبحت أقرب إلى برنامج يومي مكرر: نستيقظ، نعمل، نمارس أدوارنا الاجتماعية ونعود لنفس النقطة مرارًا وتكرارًا. فكل شيء صار عقلانيا منطقيا، ً واجبات تُنجز فيما يغيب عنها الروح، ضحكات باتت زائفة، وفي محاولة لاستعادة هذا الشغف المفقود، قد يلجأ البعض إلى البحث عن تجارب جديدة، أو العودة إلى الدراسة، أو الانشغال بالمزيد من المهام.

لكن مؤخراً ندرك أن الحل لا يكمن في المزيد من الركض، بل ربما في البح ث داخل الأعماق في اللاوعي الداخلي الذي أصبح يحتاج الى نوع اخر من الغذاء، شيء يتجاوز العالم الخارجي ومطالب الحياة اليومية.

لكن التساؤل هنا أين ذلك الدفء الذي جعلنا يوما نتذوق اللحظات الصغيرة بشغف وعفوية؟ كيف لنا ان نجد المفتاح لذلك؟ كيف يمكن أن نعيد إشعال شمعة الشغف في قلوبنا؟ أسأل الله أن يهب لي ولكل من يمر بهذه الحالة السكينة وراحة البال وسلام الروح.

وفي النهاية، البحث عن شغف الحياة رحلة داخلية تحتا ج إلى الوعي والصبر والصدق مع الذات، فأنا لم اكتب هذه الكلمات لكي ابحث عن حلول او استجداء للتعاطف، وبالنسبة لي فأنا لست بحاجة الى كلمات تعزز قوتي، فأنا شخصية قوية بالله وبذاتها ولكنني كتبتها لأشارك حالة ربما تتردد داخل الكثيرين ممن يعانون بصمت وأردت ان اقول إن هذه اللحظات التي تفقد فيها الحياة بريقها، ليست نهاية الطريق فالأمل يبقى دائمًا حيا، ً وإن بدا خافتا في القدرة على إعادة صياغة حي اتنا بشغف وطاقة

متجددة. وأخيرًا، أحمد الله على نعمه التي لا تُعد وأسأله أن يعيد السلام والرضا لقلوب كل من يمضي في مسارات مشابهة لهذه الرحلة الصامتة.