بعد رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، الذي ظل يحكم البلاد لأكثر من أربعة عقود، دخلت سوريا مرحلة تاريخية جديدة قد تكون مليئة بالتحديات. تبرز عدة محاذير بالنسبة للمشهد السوري، التي قد تعيق عملية الانتقال السياسي والاستقرار في البلاد. فقد رحّب المجتمع الدولي بتلك التحولات، مثل الأمين العام للأمم المتحدة، فإنّ الحذر يبقى سمة أساسية في التعامل مع الوضع السوري.
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأزمات الإنسانية والسياسية تظل على رأس أولويات النقاشات الدولية، مع التركيز على حماية حقوق السوريين ومراعاة تنوعهم، بالإضافة إلى التحديات الأمنية المترتبة على تحولات مفاجئة.
خطر الانزلاق نحو الفوضى والفراغ الأمني
إحدى أكبر المخاوف التي تهيمن على أذهان المجتمع الدولي بعد سقوط الأسد هي احتمالية الفوضى التي قد تعصف بالبلاد. الفصائل المسلحة التي لم تشارك في العملية السياسية، قد تزداد قوتها، مما يزيد من الوضع الأمني هشاشة. هناك قلق من أن سوريا قد تجد نفسها أمام تقسيمات طائفية أو جغرافية بين القوى المتنازعة.
التحديات السياسية والانتقال السلمي
في ظل عدم وجود توافق داخلي واضح على البديل للنظام، يبدو أن عملية الانتقال السياسي ستكون مليئة بالتحديات. لا تزال هناك مخاوف من استيلاء فصائل مسلحة على السلطة، أو صراع بين القوى الإقليمية والدولية المتورطة في النزاع السوري، مما يجعل من الصعب تحديد خارطة الطريق المستقبلية. المطلوب هو انتقال سياسي “جامع” يلبي تطلعات جميع السوريين دون تمييز، وهو أمر قد يكون بعيد المنال في ظل التعقيدات الراهنة.
التدخلات الأجنبية وتعقيد الوضع
السعودية وأمريكا كانتا من بين الدول التي عبرت عن تأييدها لسقوط الأسد، مع دعوات لتوفير دعم سياسي للشعب السوري. ومع ذلك، تبقى التدخلات الأجنبية تمثل تهديدًا كبيرًا للسيادة السورية. خاصةً في ظل تدخلات إقليمية كالسعودية وتركيا، التي قد تكون لها أجندات مختلفة بالنسبة لمستقبل سوريا.
التحديات الاقتصادية وتأثيرها على المستقبل
في ظل الدمار الذي خلفه الصراع، تعتبر الأزمة الاقتصادية واحدة من أكبر التحديات. فقد انهار الاقتصاد السوري بفعل العقوبات والعزلة الدولية، ناهيك عن تدمير البنية التحتية. يتعين على الحكومة المستقبلية العمل على إنعاش الاقتصاد وتأمين احتياجات الشعب السوري في وقت حساس للغاية.
إعادة بناء الدولة والمحافظة على سيادتها
تتمثل إحدى المخاوف في ضرورة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وعدم تقسيمها. قد يكون من الضروري أن تسعى الدول الكبرى والمجتمع الدولي إلى ضمان عدم تفكيك الدولة السورية أو تحولها إلى دولة فاشلة.
إن التحول الذي تشهده سوريا بعد رحيل بشار الأسد يمثل فرصة تاريخية ولكن مملوءة بالمخاطر. كما يظهر الموقف الدولي، يجب أن يتم التعامل بحذر مع المرحلة القادمة، فالمشوار نحو السلام والاستقرار يتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية بعيدًا عن الانقسامات والفوضى. وإذا كان الشعب السوري هو من يجب أن يقرر مستقبله، فإن نجاح هذا القرار مرهون بحلول دبلوماسية وعملية دقيقة للمضي قدمًا في مرحلة ما بعد الأسد.