الصبح أخبار -السينما والتنبؤ بالمستقبل بين الإبداع والاستشراف ندوة بمعرض القاهرة الدولي للكتاب

استضافت قاعة الصالون الثقافي ندوة بعنوان “المجتمع الرقمي ومحور السينما والتنبؤ بالمستقبل”، التي تناولت العلاقة بين السينما كفن استشرافي قادر على استباق الأحداث، ومدى تأثير التطور التكنولوجي والرقمي على هذا الاتجاه، وذلك في اليوم الثامن من فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56.

 

وأدارت الندوة الناقدة والصحفية علا الشافعي، التي تمتلك خبرة واسعة في النقد السينمائي وكتابة السيناريو، بالإضافة إلى عملها في الصحافة وتوليها مناصب بارزة مثل رئاسة تحرير جريدة اليوم السابع وعضوية المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. وأكدت في مستهل اللقاء أن السينما ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل هي مرآة تستشرف المستقبل وتعكس التحولات المجتمعية والسياسية والعلمية، مشيرة إلى أهمية وجود نقاد متخصصين لتحليل هذه الأعمال بعمق.

 

شهدت الندوة مشاركة نخبة من المتخصصين، من بينهم كاتبة السيناريو ثناء هاشم، والمخرج أكرم فريد، والكاتب نادر الرفاعي، حيث استعرض كل منهم رؤيته حول كيفية تعامل السينما مع المستقبل، وأبرز الأعمال التي جسدت رؤى استشرافية قبل أن تتحقق على أرض الواقع.

 

تناولت د. ثناء هاشم دور السيناريو في استشراف المستقبل، مؤكدة أن الكاتب الجيد يحتاج إلى خلفية واسعة في الفلسفة والتاريخ والعلم ليتمكن من بناء رؤية دقيقة للأحداث القادمة.

 

وأشارت إلى أن العديد من الأعمال الأدبية، مثل كتابات كافكا، نجحت في التنبؤ بتغيرات جوهرية في العلاقات الإنسانية في ظل الرأسمالية.

 

كما أوضحت أن أفلام الخيال العلمي، رغم ارتباطها بالمستقبل، نشأت في الأساس كرد فعل على الأزمات الكبرى مثل الحروب والكوارث، التي دفعت البشر إلى التخوف من التطور التكنولوجي. وشددت على ضرورة دعم الإنتاج السينمائي المحلي، وإعادة الاعتبار لدور المنتجين الصغار والموزعين المصريين، خاصة في ظل سيطرة الكيانات الكبرى على الصناعة، مما أدى إلى تراجع عدد الأفلام المنتَجة سنويًا.

 

أما المخرج أكرم فريد، فتحدث عن أبرز الأفلام المصرية التي حملت طابعًا استشرافيًا، ومنها:
• “البرئ” للكاتب وحيد حامد، الذي قدم رؤية استباقية لدور السلطة وتأثيرها.

“هي فوضى” للمخرج يوسف شاهين، الذي عكس حالة الفوضى المجتمعية قبل حدوثها،  أعمال المخرج محمد خان، التي تضمنت تنبؤات سياسية ضمن سياقاتها الدرامية.

 

وأكد فريد أن السينما لديها القدرة على إثارة فضول الإنسان تجاه المستقبل، مشيرًا إلى أن التكنولوجيا الحديثة، مثل أدوات الذكاء الاصطناعي، يمكن أن تساهم في إثراء جماليات الصورة والإخراج، دون أن تشكل تهديدًا للإبداع السينمائي.

 

كما أبدى أسفه لتأثير السوشيال ميديا على تقييم الأعمال الفنية، حيث أصبح اختيار الممثلين يعتمد على عدد متابعيهم بدلًا من موهبتهم، وأصبحت الدعاية السينمائية قائمة على التسويق المدفوع، مما يحد من القدرة على قياس التفاعل الحقيقي مع الأعمال الفنية.

 

من جانبه، ناقش الكاتب نادر الرفاعي الفرق بين الأفلام التي تطرح نبوءات فردية للمستقبل وتلك التي تقدم رؤى مجتمعية استشرافية. 

 

وأشار إلى عدد من الأفلام التي قدمت قراءات مستقبلية، مثل:  “السوق السوداء” و“شاهين”: قدما تصورات حول تحولات المجتمع المستقبلية، و “العزيمة”: رغم قوته الدرامية، لم يكن يحمل بعدًا استشرافيًا واضحًا “المتمردون” للمخرج توفيق صالح: منع من العرض بسبب رؤيته التنبؤية الجريئة.

 

وأكد الرفاعي أن السينما المصرية لم تعد تقدم أعمالًا استشرافية قوية كما في الماضي، بسبب سيطرة الاعتبارات التجارية على الصناعة، وتراجع النقد السينمائي الموضوعي، حيث أصبح بعض النقاد يمارسون المجاملات بدلًا من التحليل الجاد. 

 

كما انتقد اعتماد تدريس النقد السينمائي على كتب قديمة دون مواكبة المستجدات الحديثة في صناعة الأفلام.

 أداة فعالة لاستشراف المستقبل

اختُتمت الندوة بالتأكيد على أن السينما تظل أداة فعالة لاستشراف المستقبل، سواء من خلال القضايا الاجتماعية أو السياسية أو العلمية، لكن لتحقيق ذلك، يجب دعم السيناريو الجيد، والاستفادة من التقنيات الحديثة، مع الحفاظ على رؤية نقدية متجددة تواكب تطورات الصناعة.

 

إذا كانت السينما مرآة تعكس المجتمع، فهي أيضًا نافذة تطل على المستقبل، تطرح تساؤلات تتجاوز زمنها، وتمنح الجمهور فرصة للتأمل في الغد الذي لم يأتِ بعد.

حاصله علي كلية الاعلام جامعة القاهرة أعمل في الصحافة منذ 2019 امتلك خبرة في الصحافة الإلكترونية وهوياتي الرسم والسباحة أحب الإطلاع على كل جديد في الحياة.

إرسال التعليق

You May Have Missed