الصبح أخبار – السم في «العسل».. أهم عملية نصب في تاريخ مواقع التواصل الاجتماعي
ابوظبي – ياسر ابراهيم – الأربعاء 5 فبراير 2025 09:00 مساءً – يظن البعض أن العاملين في مجال التكنولوجيا، وخاصة هؤلاء الخبراء التقنيين أصحاب الصفحات المليونية، هم أكثر قدرة على التعامل مع عمليات السرقة والنصب الإلكتروني، باعتبارهم خبراء تقنيين قادرين على فهم التقنية والابتعاد عن القرصنة وعمليات السرقة الإلكترونية، ولكن هؤلاء الخبراء كانوا عرضة لأهم وأكبر عملية نصب إلكتروني في التاريخ.
ربما ينطبق الأمر على تأمين قنوات كبار اليوتيوبرز والمؤثرين التقنيين، تلك القنوات التي يعمل على تأمينها فرق من خبراء التأمين، ولكن عندما يأتي الغدر من عملاق له ثقله ووزنه، ولا يكون الأمر متعلقاً بقرصنة حسابات وإنما بعملية نصب بمعناها الحرفي هنا يكون الأمر طريفاً وفي الوقت نفسه خسارة بالملايين.
تبدأ القصة في عام 2012، عندما ابتكر ريان هودسون امتداد عبر المتصفح مهمته البحث عن كوبونات التخفيضات في متاجر التسوق الإلكتروني الكبرى، مؤسساً شركة «Honey» التي تعني عسل، وهي الشركة التي ارتفعت أسهمها، لتشتريها شركة باي بال الأمريكية مقابل 4 مليارات دولار في 2020، في ذلك الوقت الذي بدأت التجارة الإلكترونية في الازدهار في وقت كوفيد 19، لتبدأ باي بال في الترويج أكثر للامتداد.
الامتداد هو عبارة عن أداة بحث يتم تحميلها على المتصفح تعمل في الخلفية، وكلما المستخدم شراء سلعة من أحد تطبيقات التجارة الإلكترونية أو المواقع مثل أمازون أو غيره من مواقع التجارة الإلكترونية، يبحث امتداد «Honey» على قسيمة تخفيض أو خصم في كل مواقع الإنترنت، ليحصل المستخدم على أعلى خصم ممكن لسلعته.
وبالفعل بدأت شركة باي بال الشهيرة التي كانت في يوم ما مملوكة لإيلون ماسك، في الترويج للامتداد الذي يتم تحميله بسهولة على المتصفحات الشهيرة مثل جوجل «كروم» و«إيدج»، وعقدت الشركة اتفاقيات رعاية لحلقات أهم صناع المحتوى التقني في العالم مثل ماركيز براونلي «إم بي كيه إتش دي» وآرون روبيش «مستر هوز ذا بوس» ولاينس سباستيان «لاينس تيك تيبس» وغيرهم من أهم وأشهر صناع المحتوى التقني بل وغير التقني أيضاً في العالم، والذين روجوا للامتداد واعتبروه أنه «أموال» دون مقابل في إشارة إلى أن الامتداد يوفر الكثير من الأموال على المستخدمين، داعين ملايين من متابعينهم لتحميل الامتداد فوراً على متصفحهم.
إذاً أين هي عملية النصب؟ حتى الآن هو تطبيق خدمي يعطي تخفيضاً للناس عند الشراء، فما المشكلة؟ المشكلة كشفها النيوزيلاندي جونثان جونو صاحب قناة «ميغا لاغ»، والذي أجرى بحثاً على التطبيق فوجده يسرق صناع المحتوى ويستولى على أموال من حقهم.
سر النصب
أغلب صناع المحتوى بجانب أرباح يوتيوب نفسها ينتفعون مما يسمى «أفيليت لينك»، وهي خاصية تتيحها مواقع التسوق الإلكترونية لصناع المحتوى ليضعوا روابط لسلع يتحدثون عنها أو يروجون لها في صندوق وصف محتواهم، تلك الروابط تقودهم للمنتج في موقع التسوق الإلكتروني، والموقع يعطي نسبة لصانع المحتوى عند شراء أي مستخدم للمنتج من خلال هذا اللينك، وهنا دخل امتداد «هاني» ليضع السم في العسل، مستغلاً تحميله على متصفح المستخدم فمجرد أن يدخل المستخدم لموقع التسوق يعرض عليه «هاني» تخفيض أكبر، وسواء وافق المستخدم أو لم يوافق يستولي «هاني» على الرابط ويضع أكواد خاصة به بدلاً من أكواد صانع المحتوى فيحصل الموقع وشركة باي بال على الأموال التي كانت من المفترض أن تذهب لصانع المحتوى.
وبهذه الحركة استولت الشركة على ملايين الدولارات من أغلب صناع المحتوى في العالم، بعض الناس قالت عندما تكشف الأمر في نهاية 2024 إن المستخدم العادي ليس متضرراً وان الضرر واقع فقط على صانع المحتوى، ولكن جونو أكد أن الموقع لا يعطي الحد الأقصى من التخفيض للمستخدم، بل على العكس يكون حريصاً على أن يحصل المستخدم على أقل نسبة خصم وأضعف قسيمة شراء ممكنة، عارضاً تسجيلاً صوتياً في بودكاس علني لمديرة التسويق بشركة «Honey» وهي تجيب على سؤال حول علاقة الشركة بمواقع التسوق الإلكتروني الكبرى، لتؤكد أن شرتها تحرص على مواقع التسوق وأنه بناء على اتفاقيات تسويقية يحصل المستخدم على أقل قسيمة خصم متاحة، حتى لا تخسر الشركات!
وفور كشف الفضيحة تهاوت أسهم شركة «هاني» لأقل معدلاتها، حتى تلقت الطعنة الأولى في 29 ديسمبر 2024 بأول دعوى قضائية بالفساد ضد باي بال باعتبارها مالكة لـ«هاني»، تبع ذلك مجموعة من الدعاوي القضائية ضد الشركة من أصحاب قنوات يوتيوب وصناع محتوى وصحفيين، انهالت الدعاوي على الشركة من كل حدب وصوب، البعض منها بتهم الفساد، والبعض الآخر مطالبات بالتعويضات، والتي ما تزال حتى الآن في القضاء الأمريكي، وعلى الأغلب سيكون مصير الشركة الغلق وقد تنال باي بال الكثير من العقوبات والتعويضات التي قد تهز سمعة الشركة في العالم.
إرسال التعليق