الصبح أخبار – الإمارات نموذج ناجح في إعادة تقييم إدارة الموارد المالية

ابوظبي – ياسر ابراهيم – الثلاثاء 11 فبراير 2025 12:33 صباحاً – تواجه الكثير من دول العالم تحديات اقتصادية وبيئية واجتماعية، وهو ما فرض على تلك الدول إعادة تقييم عمليات إدارة مواردها المالية لتحقيق النمو المستدام، حيث يتطلب ذلك تبني استراتيجيات مبتكرة تعزز الكفاءة المالية، وتدعم القطاعات الناشئة، وتضمن تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة والعدالة الاجتماعية.

وتعد الإمارات من الدول الرائدة عالمياً في تبني استراتيجيات مبتكرة لإدارة مواردها المالية، بهدف تحقيق النمو المستدام وتعزيز مكانتها مركزاً اقتصادياً عالمياً.

ففي ظل التحديات العالمية، وأبرزها التحولات التكنولوجية المذهلة والتغيرات المناخية وانتشار مفاهيم الاقتصاد الجديد، تعمل حكومة الإمارات على إعادة تقييم عملياتها المالية لضمان استدامة النمو الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.

تنويع الاقتصاد

حرصت دولة الإمارات على تنويع مصادر الدخل، فتعمل منذ سنوات على تقليل اعتمادها على النفط بتنويع الاقتصاد. ويعد هذا التوجه أحد الأسباب الرئيسة في رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لمعدلات نمو اقتصاد الدولة في العام الجاري والتي ستصل إلى 5.1 %، بحسب الصندوق.

وتمثل الاستثمارات في قطاعات مثل التجارة، والخدمات المالية، والتكنولوجيا جزءاً أساسياً من استراتيجية الدولة لتعزيز الإيرادات غير النفطية. أما بالنسبة لقطاع مهم مثل السياحة.

فقد توقع تقرير صادر عن «المجلس العالمي للسفر والسياحة» أن يرتفع إسهام القطاع في الاقتصاد الوطني في سنة 2024 ليصل إلى 236 مليار درهم أي ما يعادل 12 % من مجمل الناتج المحلي للدولة.

كما رفعت الدولة شعار «التحول نحو الاقتصاد الأخضر»، وتبنت في هذا الإطار استراتيجيات طموحة للحد من الانبعاثات الكربونية، مثل «مبادرة الإمارات للحياد المناخي 2050».

كما قامت الدولة بتوجيه الكثير من الاستثمارات نحو مشاريع الطاقة المتجددة، مثل مجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية، الذي يعد أحد أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في العالم.

كذلك حرصت الإمارات على تعزيز الشفافية وتحقيق الكفاءة المالية، فتعتمد الحكومة على تقنيات حديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين، الذي يتوقع أن ينمو حجم سوقه بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 42 % في الفترة (2025 – 2030)، لتحسين إدارة الموارد المالية وضمان الشفافية في الإنفاق العام.

ومن بين الوسائل المهمة لتنويع مصادر الدخل لدى حكومة الإمارات: تحفيز الابتكار والبحث والتطوير، فخصصت الدولة ميزانيات كبيرة لدعم الابتكار في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي، والفضاء، والطاقة النظيفة، والقطاع الصناعي، ما يعزز القدرة التنافسية للاقتصاد المحلي.

فعلى سبيل المثال، تبرز إنجازات قطاع الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة لسنة 2024، التزام الدولة تعزيز التنمية المستدامة وتحقيق سلاسل الإمداد الوطنية وتحقيق الاكتفاء الذاتي، فزاد إسهام القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 57 % ليصل إلى أكثر من 210 مليارات درهم.

وكذلك يعد الذكاء الاصطناعي أحد المجالات الرئيسة في تنويع اقتصاد الإمارات، فتبرز الدولة مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن ينمو سوقها إلى 46.33 مليار دولار بحلول سنة 2030، وهذا التوسع تقوده استراتيجية الذكاء الاصطناعي 2031 ومراكز الابتكار المتقدمة.

كما أرست الإمارات قواعد مشجعة للاستثمار في الطاقة النظيفة والمتجددة، وتصدرت إقليمياً وحلت في مرتبة متقدمة ضمن أكبر دول العالم استثماراً في مشاريع الطاقة النظيفة لتعزيز الاستدامة والمحافظة على الموارد الطبيعية لمصلحة الأجيال القادمة.

وتستهدف استراتيجية الإمارات للطاقة 2050 الوصول إلى مزيج طاقة يجمع بين مصادر الطاقة المتجددة، والنووية، والنظيفة لتلبية المتطلبات الاقتصادية في الدولة، كما تهدف الإمارات إلى استثمار 600 مليار درهم بحلول سنة 2050 لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة ودفع النمو المستدام لاقتصاد الدولة.

                                                  تنويع الاقتصاد على رأس الأولويات

تعد الإمارات نموذجاً ناجحاً في تنويع الاقتصاد، حيث نجحت في تعزيز القطاعات غير النفطية. وقد بدأت هذه الجهود مع تأسيس اتحاد الإمارات عام 1971، وتم تعزيزها عبر استراتيجيات طويلة الأمد مثل «رؤية الإمارات 2021» و«مئوية الإمارات 2071».

وركزت الإمارات على تطوير قطاعات مثل السياحة، حيث أصبحت دبي، على سبيل المثال، مركزاً عالمياً للجذب السياحي. كما عززت التجارة والخدمات اللوجستية عبر موانئ ومطارات متطورة. وفي مجال التكنولوجيا، تم إنشاء مدن ذكية مثل «مدينة مصدر» و«دبي للإنترنت»، مما جذب استثمارات عالمية.

كما قامت الدولة بالاستثمار في الطاقة المتجددة، مثل مشروع «شمس 1» ومجمع محمد بن راشد للطاقة الشمسية، وهو ما يعكس التزام الإمارات بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر. بالإضافة إلى ذلك، تم تطوير قطاعات التعليم، والصحة، والفضاء، حيث أطلقت الإمارات مهمة «مسبار الأمل» إلى المريخ.

كما أطلقت الإمارات حزماً تحفيزية للشركات الناشئة، كما قدمت حوافز ضريبية وتمويلاً للشركات الناشئة في القطاعات التكنولوجية والرقمية، مما يشجع ريادة الأعمال والابتكار. وأطلقت الدولة كذلك العنان للشراكات بين القطاعين العام والخاص.

وذلك بهدف تمويل مشاريع البنية التحتية والقطاعات الناشئة، مثل المدن الذكية والنقل المستدام، وهو ما يلعب فيه القطاع الخاص دوراً كبيراً، كما عملت الإمارات على تطوير البنية التحتية الرقمية، حيث يتم استثمار مليارات الدولارات في تطوير البنية التحتية الرقمية.

مما يدعم نمو قطاعات مثل التجارة الإلكترونية والخدمات المالية الرقمية. واهتمت دولة الإمارات كذلك بتمويل البحث والتطوير، حيث يتم توجيه استثمارات كبيرة نحو مراكز البحث والتطوير، خاصة في مجالات الطاقة المتجددة، والذكاء الاصطناعي، والفضاء.

وأولت الدولة تعزيز التعليم والتدريب أولوية قصوى في خططها، حيث تعد برامج تطوير المهارات في التكنولوجيا والاقتصاد الأخضر جزءاً أساسياً من استراتيجية الإمارات لبناء كوادر بشرية قادرة على قيادة القطاعات الناشئة.

لذلك يمكن القول بأن حكومة الإمارات تعمل دائماً على إعادة تقييم عمليات إدارة مواردها المالية بطرق مبتكرة لتحقيق النمو المستدام. فمن خلال تنويع الاقتصاد، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتعزيز الابتكار، تضع الدولة نفسها في موقع ريادي عالمي.

حاصله علي كلية الاعلام جامعة القاهرة أعمل في الصحافة منذ 2019 امتلك خبرة في الصحافة الإلكترونية وهوياتي الرسم والسباحة أحب الإطلاع على كل جديد في الحياة.

إرسال التعليق

You May Have Missed