وفاة عمار بوقس: رمز التحدي الذي حول إعاقته إلى سلسلة من الإنجازات الخالدة


شهدت الأيام الأخيرة فقدان أحد رموز الإرادة والنجاح، حيث انتقل إلى رحمة الله الدكتور عمار بوقس المعروف بلقب “قاهر المستحيل” عن عمر يناهز 37 عامًا،لقد كان عمار بوقس شخصية فريدة جسدت معنى التصميم والإصرار، إذ تمكن بفضل إرادته القوية من التغلب على مرض نادر يُعرف باسم “ويردنيغ هوفمان”، وهو نوع من ضمور العضلات الشوكي،لقد أثبت للعالم من خلال تجربته الحياتية أن الإعاقة ليست عائقًا يمكن أن يحول دون تحقيق الأهداف والطموحات.

من هو عمار بوقس

وُلد الدكتور عمار بوقس في عام 1986 في ولاية ويسكونسن الأميركية،منذ طفولته، واجه تحديات جسيمة بسبب المرض الذي أثر سلبًا على حركته، ولكنه لم يستسلم لظروفه بل استخدمها كحافز لدفع نفسه نحو النجاح والتميّز،بدأ مسيرته التعليمية ضمن مدارس عادية واستمر في النضال من أجل الحصول على التعليم الجيد،بعد انتقاله إلى السعودية، أثبت مجددًا قدرته على التفوق، حيث تخرج بتقدير امتياز من المعهد العلمي التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود،وبفضل تصميمه، واصل تعليمه في جدة حيث تخصص في الإعلام والعلاقات العامة وأثبت كفاءته بحصوله على المركز الأول على مستوى الجامعة.

إنجازاته في مجال الإعلام

تجلى تأثير عمار بوقس ككاتب صحفي وإعلامي مؤثر من خلال عمله في العديد من الصحف الكبيرة مثل “المدينة” و”عكاظ”، حيث كان له دور بارز في تسليط الضوء على قضايا ذوي الإعاقة ودعم حقوقهم،لم يكتف بذلك بل عمل أيضًا كمتحدث رسمي في الاتحاد السعودي لرياضة ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث عمل جاهداً للدفاع عن حقوق هذه الفئات وتعزيز فرصهم في المجتمع،لقد كانت مسيرته الإعلامية مثالاً يحتذى به في المثابرة والعطاء، حيث أظهر من خلالها قدرة لا تصدق على نشر الوعي والمساهمة في النهوض بالحقوق الاجتماعية.

تأسيس جمعية الإرادة للموهوبين من ذوي الإعاقة

في عام 2018، قام عمار بوقس بتنفيذ إحدى أكثر إنجازاته إلهامًا من خلال تأسيس “جمعية الإرادة للموهوبين من ذوي الإعاقة”،جاء ذلك بعد أن أطلق “مبادرة عمار” لدعم الموهوبين من ذوي الإعاقة في عام 2014، وهو مشروع يهدف إلى اكتشاف وتطوير المهارات والمواهب الكامنة لدى ذوي الإعاقة وتوفير بيئة مناسبة لهم لتحقيق إمكانياتهم في مجالات متعددة،وكان مؤمنًا بأن الإعاقة الجسدية لا تعني الإعاقة في الإرادة أو الطموح، وبهذه الرؤية المتقدمة أسهم بشكل كبير في تحسين أوضاع هذه الفئة الهامة في المجتمع.

سبب الوفاة والرحيل المفاجئ

توفي الدكتور عمار بوقس بعد صراع طويل وحزين مع مرض “ويردنيغ هوفمان” الذي أثر على صحته، وقد نعاه المثقفون والرياضيون والمجتمع بشكل عام، حيث عبروا عن حزنهم العميق لفقدان هذه الشخصية الملهمة،رغم معاناته مع مضاعفات المرض، كان دائم النشاط في المجتمع، مشاركاً في الأنشطة العامة وتقديم الدعم لذوي الاحتياجات الخاصة، مما يعكس قوة إرادته وعزيمته القوية.

تأثير عمار بوقس وإرثه الملهم

ترك الدكتور عمار بوقس إرثًا يستحق التأمل والاعتبار، فقد ألهم الكثير من ذوي الإعاقة، وأصبح قدوة حقيقية لكل من يواجه تحديات صحية صعبة،وودع محبوه، مخاليفون مثله، “قاهر المستحيل” بكلمات مؤثرة تعبر عن تقديرهم وإعجابهم بروحه القوية ومشواره الناجح الذي أضاء الطريق للعديد من الأشخاص،إنجازاته المتعددة في قطاع الإعلام وجمعية الإرادة توضح أن التحديات يمكن التغلب عليها بالإرادة، وأن الإلهام لا يعرف حدودًا.

وداعًا يا قاهر المستحيل

توفي عمار بوقس تاركًا وراءه إرثًا يُلهم الجميع ويحفزهم على السعي نحو تحقيق أحلامهم،بعد إجراء صلاة العصر في جامع الرويس، تم نقل جثمانه إلى مثواه الأخير في جدة، حيث ودعه محبوه برسائل مؤثرة، تعبيرًا عن أثره العميق في قلوبهم،برحيله، فقد المجتمع السعودي شخصية فريدة تجسد قيم التحدي والإصرار، وسيبقى ذكر عمار بوقس رمزًا يُحتذى به للإرادة في مواجهة جميع الصعوبات.