بين الحرية والفوضى – الأسبوع

بين الحرية والفوضى

امجد عبد الحليم

الحرية حق طبيعي لكل فرد، لكن حين تُمارس بلا قيود أو ضوابط تتحول إلى أداة للفوضى، فالحرية المطلقة حين تتجاهل حقوق الآخرين وقيمهم التي ترسخت في وجدانهم تصبح فوضي مطلقة، وتعرض قيم المجتمع للانهيار. وكما أن التعبير عن الرأي حق أساسي مكفول لكل إنسان فإنه إذا استُخدم للإساءة أو التحريض أو محاولة طمس هوية الآخرين وفرض واقع غير حقيقي بقوة وسطوة انتشار الميديا يتحول إلى تهديد للسلم المجتمعي.

لن يسمح أحد تحت اسم الحرية أن يخرج علينا البعض علي مواقع الفيديو والتواصل بداعي الشهرة وركوب التريند ليعمم حالات فردية وسلوكيات شاذة على المجتمع بأسره، ما زال التعميم فاسدا حين نتحدث عن مجتمع يتخطى الـ 100 مليون شخص، مجتمع له من القيم والموروثات والأعراف ما يميزه عبر تاريخه الطويل الممتد.

إن احترام قيم المجتمع لا يعني تقييد الحرية، بل يعني تمام ممارستها بما يتوافق مع المبادئ الأخلاقية والقوانين، وتحقيق هذا التوازن الذى يُعزز التعايش السلمي بين الأفراد، ويُحافظ على الهوية الأصيلة للشعب، وفي الوقت نفسه يُتيح مساحة للإبداع والتطور لا يمكن إنكار أهميتها. لسنا دعاة جمود ولكن ندافع عن قيم وموروثات تربينا عليها ولا يجوز إغفالها تحت اسم الحداثة وحرية التعبير.

يظل احترام قيم المجتمع من أهم الركائز الأساسية للحفاظ على تماسكه واستقراره. فالمجتمعات تُبنى على منظومة من القيم التي تُحدد معايير السلوك المقبول وتنظم العلاقات بين الأفراد، لذلك يجب تحقيق توازن بين الحرية الشخصية واحترام قيم المجتمع لضمان عدم تحول الحرية إلى فوضى، فالحرية ليست انطلاقًا بلا قيود بل هي مسؤولية تُمارس في إطار يحترم حقوق الآخرين ويحافظ على استقرار المجتمع وأمنه ومستقبله.