المحكمة الجنائية الدولية تؤكد على استمرار تحقيقاتها في الجرائم ضد الإنسانية دون تراجع

 

في خطوة لافتة، دانت رئيسة المحكمة الجنائية الدولية، اليابانية توموكو أكاني، خلال خطاب ألقته في الاجتماع السنوي للدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، الضغوط السياسية والتهديدات التي تعرضت لها المحكمة في الآونة الأخيرة.

وفي سياق حديثها، أبدت أكاني قلقها البالغ من التعاملات المستمرة مع المحكمة من قبل بعض القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي وصفت المحكمة بأنها “منظمة إرهابية”، في إشارة إلى التصريحات السلبية والتدخلات التي تعرقل عمل المحكمة.

تأتي هذه التصريحات في وقت حساس بعد إصدار المحكمة مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، حيث تواجه القيادة الإسرائيلية اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة.

هذه الخطوة من المحكمة الجنائية الدولية قد أثارت موجة من الانتقادات، ليس فقط من قبل إسرائيل، بل من بعض الدول الحليفة لها.

وفي تعبير عن موقف المحكمة الثابت تجاه محاولات تعطيل عملها، أكدت أكاني أن المحكمة لن تستسلم لأي تهديدات أو تدابير قسرية.

وقالت: “لن نرضخ للتدابير القسرية أو التهديدات أو التخريب. سنواصل سعيَنا لتحقيق العدالة والدفاع عن كرامة وحقوق ضحايا الفظائع دون خوف أو محاباة.”

وأضافت أن المحكمة ستمضي قدمًا في عملها، مُشيرة إلى أن هناك حاجة ماسة لتعزيز التدابير الأمنية لحماية مسؤولي المحكمة من التهديدات المتزايدة.

وقد لفتت رئيسة المحكمة الجنائية الدولية إلى أن المحكمة قد اجتذبت في الآونة الأخيرة اهتمامًا سياسيًا متزايدًا، خاصة في ظل القضايا الحساسة التي تتعامل معها، سواء تعلق الأمر بالجرائم في غزة أو حتى القضايا الأخرى التي تمس القادة والسياسات العالمية.

وفي هذا السياق، أعربت عن استنكارها للجهود التي تهدف إلى تسييس المحكمة، بما في ذلك التهديدات التي تضمن فرض عقوبات اقتصادية قاسية، وتحديدا من جانب الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعهدت سابقًا باتخاذ خطوات للضغط على المحكمة ومنعها من ممارسة عملها بحرية واستقلالية.

لا شك أن هذه التصريحات تأتي في وقت بالغ الأهمية للمحكمة الجنائية الدولية، التي أصبحت محط أنظار العالم في الآونة الأخيرة بعد إصدار مذكرات اعتقال بحق عدد من الشخصيات البارزة، منها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والمفوضة الروسية لحقوق الطفل ماريا لفوفا-بيلوفا، وذلك بتهم تتعلق بترحيل الأطفال الأوكرانيين قسرًا إلى الأراضي الروسية، وهي خطوة اعتبرها المجتمع الدولي جريمة حرب.

من جانب آخر، تبدو المحكمة الجنائية الدولية في موقف حساس وسط التوترات السياسية المتزايدة على الساحة الدولية، حيث تمثل مواقف بعض الدول الكبرى تحديًا خطيرًا لقدرة المحكمة على العمل بشكل مستقل، مما يثير أسئلة حول دورها في النظام الدولي المستقبلي.

في هذا السياق، ترى أكاني أن المحكمة يجب أن تظل محايدة في عملها، وأن تواصل القيام بدورها في محاكمة مرتكبي الجرائم الدولية، بغض النظر عن الضغوطات السياسية التي قد تمارس عليها.

وفي النهاية، يبدو أن المحكمة الجنائية الدولية ستواصل التصدي لمحاولات التأثير عليها من قبل القوى الكبرى، على الرغم من المخاطر التي تواجهها في ظل الضغوط السياسية والتهديدات التي قد تعرض استقلالها للخطر.