الدوحة – سيف الحموري – انطلقت أمس فعاليات مؤتمر الذكاء الاصطناعي في الإعلام الذي ينظمه معهد الجزيرة للإعلام في نسخته الثانية، على مدى يومين بفندق شيراتون الدوحة. يشارك في المؤتمر نخبة من المتخصصين والخبراء في الإعلام والتكنولوجيا، ويهدف إلى مناقشة دور الذكاء الاصطناعي في تحسين جودة الأخبار ودقتها، واستعراض أحدث الأدوات والتطبيقات المستخدمة في صناعة الإعلام، إلى جانب تقديم تجارب دولية ناجحة في توظيف الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار، كما يسعى المؤتمر إلى مناقشة التحديات القانونية والأخلاقية المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي، فضلا عن ذلك سيوفّر المؤتمر مساحة للنقاش حول تأثير الذكاء الاصطناعي على العاملين في المجال الإعلامي.
وقال الدكتور مصطفى سواق المدير العام لشبكة الجزيرة الإعلامية بالوكالة، إننا في النسخة الثانية من المؤتمر نسعى إلى التأثير العميق للذكاء الاصطناعي في مهنة الصحافة، مشيرا إلى أن شبكة الجزيرة، كانت ولا تزال رائدة في استعمال التقنيات الحديثة في مجال الإعلام، بما في ذلك أدوات الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته المتنوعة، حيث عملت الشبكة جاهدة على تطويع هذه التقنيات لخدمة رسالتها الإعلامية، إدراكا منها لأهمية هذا التطور ودوره الحاسم في تعزيز الأداء الصحفي وتحسين مختلف الممارسات الإعلامية..
وأضاف أن معهد الجزيرة للإعلام اضطلع بدور هام في هذا المضمار، بدءا بتنظيم النسخة الأولى من هذا المؤتمر، ومرورا بنشر عشرات المقالات ومقاطع الفيديو التي تعالج توظيف الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار، وصولا إلى تقديم برامج تدريبية متطورة، تعنى بتزويد الصحفيين بالأدوات العملية والمعرفة التقنية التي تمكنهم من استخدام هذه التقنيات بفاعلية ومسؤولية.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة، كبقية الأدوات التقنية التي استفادت منها مهنة الصحافة عبر الزمن، بل هو تحول عميق، يؤثر على راهن الصحافة ومستقبلها، ويضعنا أمام مسؤوليات جسيمة، تتطلب وعيا بالفرص والتحديات، وقدرة على التكيف مع هذا الواقع وفق مسار يضمن عدم المساس بقيم المهنة وأخلاقياتها. وأكد ضرورة أن ندرك جميعا أن هناك تحديات ومخاطر كبيرة في ثنايا هذه الفرص الهامة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي للصحافة والصحفيين، منها مثلا، تقنيات التزييف العميق (Deepfake)، وحملات التضليل الإعلامي المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تشكل خطرا كبيرا على مهنة الصحافة، وتهدد مصداقية المحتوى الإعلامي.
وأعرب عن أمله في أن يخرج المؤتمر بتوصيات عملية تساعد الصحفيين والمؤسسات الإعلامية على توظيف هذه التقنيات بنجاعة وفاعلية، مع الحفاظ على القيم المهنية والأخلاقية.
تحليل البيانات
وتناول أبران مالدونادو خبير في مجال الذكاء الاصطناعي وعوالم الميتافيرس وسفير أوبن إي أي «OpenAI» ، مستقبل الذكاء الاصطناعي وتأثيره على الإعلام وتحسين الكفاءة عبر تحليل البيانات وإنتاج المحتوى، وكذلك تأثيره العميق على صناعة الإعلام.
وقال «برزت هندسة الحوارات مع الذكاء الاصطناعي، أو ما يُعرف بـ”Prompt Engineering”، كواحدة من أهم الأدوات الجديدة في عالم التكنولوجيا والإعلام، حيث باتت تُشكل أساسًا للتواصل مع الآلات وتوجيهها بشكل فعّال، موضحا أن هذا الأسلوب يعتمد على تقديم تعليمات واضحة ومفصلة للذكاء الاصطناعي، مدعومة بأمثلة وتغذية راجعة لضمان تحقيق النتائج المرجوة. وفي مجال الإعلام، يتطلب هذا النهج تصميم إرشادات شاملة، تشمل تحديد النبرة والأسلوب المناسب، وتجنب التحيز، وضمان أخلاقيات المحتوى الإعلامي..
وقال إن هناك دراسات حديثة تظهر أن أكثر من 80 % من الأدوار الإعلامية التقليدية قد تكون مهددة بالأتمتة بسبب تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلا أن المهام الإبداعية مثل بناء العلاقات الصحفية ووضع الإستراتيجيات التحريرية ستظل بحاجة إلى العنصر البشري.وأكد أن المستقبل يتطلب تكاملاً بين الإنسان والآلة، حيث يعمل الصحفيون جنبًا إلى جنب مع تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز الإنتاجية والإبداع، مع الحفاظ على القيم الأخلاقية للمهنة الإعلامية.
الجلسة الأولى للمؤتمر، التي تناولت أحدث أدوات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في وسائل الإعلام، وتحدث فيها كل من الدكتور يسري مهذب مسؤول رقمي أول في منصة «جوجل» السحابية، وربيع سعد مدير أول لهندسة الحلول في شركة «سيسكو»، وشادي حداد المدير الإقليمي للبيانات والذكاء الاصطناعي والابتكار في شركة «مايكروسوفت» ودانيال هير المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «زيوتاب»، وفينيسيوس فاسكونسيلوس مستشار أول ورئيس ممارسات الإعلام في شركة /IBM/. وتناولت الجلسة أحدث أدوات الذكاء الاصطناعي التي أنتجتها كبرى الشركات التكنولوجيا للتعريف ببرامج الذكاء الاصطناعي الرائدة، عبر مداخلات قدمها المشاركون، تناولت أحدث تطبيقات وأدوات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في مهنة الصحافة، من واقع خبراتهم.
الجزيرة والذكاء الاصطناعي
أما الجلسة الثانية، فتناولت «توظيف الذكاء الاصطناعي في شبكة الجزيرة الإعلامية»، بمشاركة كل من السيد رمزان النعيمي مدير دائرة الإبداع في شبكة الجزيرة الإعلامية، والسيد عاصف حميدي مدير الأخبار في قناة الجزيرة، والسيد ديفيد هوستيتير مدير دائرة تطوير المنتجات في شبكة الجزيرة، والدكتور محمد بن نعمون خبير الذكاء الاصطناعي في شبكة الجزيرة.
وسلط المشاركون في الجلسة الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في تطوير العمل الإعلامي في الشبكة، من خلال استعراض التطبيقات والأدوات الذكية المستخدمة في قنوات الشبكة وقطاعاتها المختلفة، بالإضافة إلى دوره في جمع الأخبار ومعالجتها ونشرها، وخطط الطوارئ المتبعة، لمواجهة أي عارض تقني، أو خطأ قد ينجم عن استخدام هذه التكنولوجيا.
وتخلل اليوم الأول من المؤتمر، جلسة خاصة بعنوان «حوار مع الفنار»، شارك فيها كل من الدكتور أحمد المقرمد المدير التنفيذي لمعهد قطر لبحوث الحوسبة، والدكتور محمد الطباخ عالم رئيسي في معهد قطر لبحوث الحوسبة، واستعرضا منصة «فنار» وهي منصة ذكاء اصطناعي مبتكرة تسعى إلى دعم وتعزيز اللغة العربية، وتم تطويرها من قبل معهد قطر لبحوث الحوسبة التابع لجامعة حمد بن خليفة.
وسلط المتحدثان الضوء على كيفية عمل المنصة، والتحديات التقنية والثقافية التي واجهتها خلال مراحل التطوير، بالإضافة إلى مناقشة القضايا المرتبطة بمستقبل الذكاء الاصطناعي العربي.
ويستعرض المشاركون في المؤتمر، ثلاثة بحوث من برنامج «زمالة الجزيرة» لعام 2024 التي قدمت رؤى متعددة حول كيفية استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي في تطوير ممارسات الصحافة في المستقبل، تضمن المؤتمر معرضاً تقنياً يشارك فيه عدد من الشركات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي في تطوير منتجاتها وخدماتها.