ابوظبي – ياسر ابراهيم – الأربعاء 15 يناير 2025 03:19 صباحاً – انطلقت أعمال القمة العالمية لطاقة المستقبل 2025، التي تستضيفها شركة مصدر في مركز أبوظبي الوطني للمعارض (أدنيك) في إطار أسبوع أبوظبي للاستدامة، لتستهل ثلاثة أيام من الجلسات الحوارية رفيعة المستوى التي تتيح للحضور الاطلاع على أحدث المنتجات المبتكرة مع فرصة للمساهمة في قيادة العالم نحو مستقبل أكثر استدامة.
وشهد اليوم الأول جلسة حوارية متميزة ضمن مؤتمر «الطريق إلى 1.5 درجة مئوية» أدارتها إيزابيل أوبراين، رئيسة تحرير مجلة بريفيتاس والمؤسسة المشاركة لجمعية النساء في صحافة الأعمال.
وذلك بمشاركة سيدات بارزات سلّطن الضوء على الدور الكبير لهنّ في القيادة وريادة الأعمال دعماً لجهود إزالة الكربون من أنظمة الطاقة، فضلاً عن التشديد على أهمية المساواة بين الجنسين لمعالجة للتحديات البيئية الملحّة.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قالت بينا شارما، الرئيس التنفيذي والشريك المؤسس لشركة سي سي يو إنترناشيونال: «يُعتقد بأن 50 % من التقنيات المطلوبة لتحقيق الحياد الصفري -كاحتجاز الكربون على سبيل المثال- إمّا لم تُخترع بعد أو لا تزال في مراحلها الأولية في الجامعات ومراكز الأبحاث.
لذلك فإن عدم حثّ السيدات على المشاركة في تطوير مثل هكذا تقنيات يعني المخاطرة بفقدان 50 % من تلك التقنيات المحتملة، إذا لا يمكننا بلوغ الحياد الصفري بدون مشاركة جميع أفراد المجتمع».
ويُلزم اتفاق باريس للمناخ 2016 الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة بإجراء عمليتي مراجعة، كل واحدة على مدى خمس سنوات حتى 2025، ما يعني تقديم الدول والشركات لأحدث مساهماتها المحددة وطنياً إلى أمانة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ للمرة الأولى منذ عام 2020 هذا العام.
وفي حين أن الحد التدريجي من الانبعاثات الوطنية والتكيف مع آثار تغير المناخ وفقاً لأفضل العلوم المتاحة هو من الأهداف الأساسية للمساهمات المحددة وطنياً، كان أثر المساهمات الجديدة على زيادة الطموحات الكلية والفردية في هذا الصدد من أبرز مواضيع جلسات «الطريق إلى 1.5 درجة مئوية».
وقالت ناديا روشدي، رئيسة قسم المناخ في جمعية الإمارات للطبيعة – الصندوق العالمي للطبيعة: «من المفترض أن تكون المساهمات المحددة وطنياً بمثابة إشارة للمجتمع بأكمله للبدء بالعمل والمساهمة في الحدّ من الانبعاثات الكربونية، إذ لن نستطيع تحقيق هذه المساهمات على أرض الواقع بدون نهج مجتمعي شامل.
وندرك اليوم الحاجة إلى عالم خال من الانبعاثات، لكننا نحتاج أيضاً إلى المزيد من التخطيط والطموح والعمل لضمان ترجمة المساهمات المحددة وطنياً إلى اقتصاد حقيقي، حيث لا نستطيع الحديث عن التنمية الاقتصادية بدون التطرّق إلى المناخ».
من جانبها، قالت غِوى نكت – المديرة التنفيذية لمنظمة غرينبيس: «تأتي المساهمات المحددة وطنياً بعد عام هو الأكثر دفئاً على الإطلاق مع مزيد من الكوارث المناخية والارتفاع المستمر بدرجات الحرارة، ما يُسرّع الحاجة إلى جهود إزالة الكربون بسرعة في جميع القطاعات. كما ينبغي أن تعكس المساهمات المحددة وطنياً مساعي «اتفاق الإمارات» في إطار مؤتمر الأطراف كوب 28، لتحفيز التحوّل بعيداً عن الوقود الأحفوري».
نهج اقتصادي مبتكر
وخلال مؤتمر المياه، ألقى المهندس أحمد الكعبي، وكيل وزارة الطاقة والبنية التحتية المساعد لقطاع الكهرباء والمياه وطاقة المستقبل، كلمة رئيسية دعها فيها إلى ضرورة الإدارة الفعالة لموارد المياه والطاقة والغذاء لضمان الاستدامة على المدى الطويل، وشرح بالتفصيل كيف تعالج دولة الإمارات التحديات الحالية والمستقبلية من خلال النهج الاقتصادي والمبتكر.
وأوضح الكعبي: «دفعت ندرة الموارد المائية الطبيعية والطلب المرتفع على المياه دولة الإمارات إلى وضع قضية المياه على رأس أجندتها الوطنية، وتركز السياسات الحالية لقطاع المياه في الإمارات على تطوير مصادر إمدادات المياه المستدامة، والتي يمكن تحقيقها من خلال التوسع في تكنولوجيا تحلية المياه، وزيادة استخدام مصادر الطاقة المتجددة في قطاع المياه، والاستثمار في التقنيات التي تزيد من الكفاءة وتزيد من إعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة».
أما في منتدى مستقبل النقل، فقد شهدت المنصة الرئيسة إلى جانب معرض تيسلا سايبر تراك سلسلة من الجلسات المتميزة، تطرّق بعضها إلى المركبات ذاتية القيادة وما يبدو عليه المستقبل بالنسبة للسيارات الكهربائية.
وتناولت الجلسة الافتتاحية موضوع إيجابيات وسلبيات المركبات الكهربائية، بما فيها نسبة انبعاثات النقل التي تعادل حوالي 50 % من إجمالي الانبعاثات على مستوى العالم، والتي لا تمثل المركبات الكهربائية سوى 7 % منها فقط من انبعاثات المركبات ذات العجلتين وما بين 10 إلى 12 % من المركبات ذات الأربع عجلات.
وأشار فيصل سلطان، نائب الرئيس والمدير الإداري لشركة لوسيد موتورز في الشرق الأوسط، إلى التحديات والفرص التي توفرها سوق المركبات الكهربائية، مثل المنافسة الشديدة والتمويل وأهمية الاستفادة من سلاسل التوريد الحالية، مشيراً إلى عوامل التغيير المهمة من الابتكارات المستقبلية مثل تكنولوجيا البطاريات والقيادة الذاتية.
وقال سلطان: «تقدم المركبات الكهربائية الكثير من المزايا من حيث المتعة والكفاءة، لكن نودّ في لوسيد التركيز على الكفاءة»، وذلك قبيل استعراض سيارة لوسيد إير بيور الجديدة لعام 2025، مضيفاً:
«نمتلك اليوم المركبة الأكثر كفاءة في العالم مع أطول عمر بطارية، وسنواصل العمل على تقليل حجم البطارية. وهذا هو المكان الذي سنعمل فيه على تعزيز كفاءة المنتجات، وهو ما نأمل أن يؤدي إلى خفض الأسعار وزيادة قابلية الاستخدام».
من جهة أخرى، كشفت «جلوبال سي إم إكس» عن توسعها في دولة الإمارات وتأسيس صندوق عالمي مخصص لمشاريع الطاقة المتجددة والبيانات الخضراء خلال القمة.
حيث كشفت الشركة الرائدة في مجال العلاقات الحكومية والطاقة الدولية رسمياً عن هذا الإعلان بالتزامن مع اتفاقية التجارة الحرة التي وقعتها الإمارات العربية المتحدة وأستراليا مؤخراً، والتي تتيح فرص استثمار خارجية جديدة في الطاقة المتجددة والوقود الأخضر وتقنيات البيانات الخضراء.
محفظة استثمارية
وأعلنت الشركة عن أول محفظة استثمارية في سلسلة من محافظ الاستثمار التي تضم مشاريع الطاقة المتجددة والبنية التحتية في أستراليا، حيث تبلغ قيمة المحفظة الافتتاحية 500 مليون دولار أمريكي.
وتتكون هذه المحفظة من أصول تخزين الطاقة ومحطات الطاقة الافتراضية ومشاريع الطاقة الشمسية على نطاق المرافق، وكلها مصممة للاستفادة من إطار اتفاقية التجارة الحرة لتسهيل تدفقات الاستثمار.
وفي هذا السياق، قال تريفور دوشارم، الرئيس التنفيذي لشركة «جلوبال سي إم إكس»: «تتمثل مهمتنا في فتح باب للفرص التحويلية للمستثمرين والحكومات الدولية، فضلاً عن توفير منصة للنمو والابتكار المستدامين.
ويؤكد هذا الصندوق التزامنا بتعزيز الرخاء الاقتصادي على المدى الطويل مع معالجة التحديات العاجلة المتمثلة في تغير المناخ وأمن الطاقة.
وتتمتع الشركة بمكانة فريدة تمكنها من سدّ الفجوة بين الأسواق وتسهيل الاستثمارات القابلة للتمويل في كل من الإمارات العربية المتحدة وأستراليا، لتمثل هذه المبادرة خطوة مهمة إلى الأمام في تعزيز التقنيات المستدامة والشراكات الاقتصادية على مستوى العالم».
وبمناسبة «يوم الابتكار» الخاص بالوكالة الدولية للطاقة المتجددة في الشرق الأوسط، اجتمع الخبراء وصناع السياسات وغيرهم من الجهات المعنية لمناقشة استخدام التقنيات الرقمية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء والبلوك تشين والتوائم الرقمية لتعزيز التحول الدولي للطاقة المتجددة، ودعم هدف مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول 2030.
كما ركزت الفعالية، التي أقيمت تحت شعار «الحلول الرقمية للتحول في مجال الطاقة»، على التحديات والفرص المتاحة للحلول الرقمية لإنشاء مجتمعات أكثر استدامة ومرونة على مستوى العالم. واستمع الحاضرون إلى مدى التفاوت الكبير بين البلدان المتقدمة والجنوب العالمي، وخاصة الوصول إلى الحلول التقنية المتقدمة وتوافر البيانات.
وقال فرانشيسكو لا كاميرا، المدير العام للوكالة الدولية للطاقة المتجددة: «يجب أن تتحول أنظمة الطاقة في العالم بسرعة نحو الاستدامة لتلبية الطلب المتزايد على الطاقة وأهداف المناخ الطموحة.
وتُعد الرقمنة عامل تمكين وتسريع رئيسي لهذا التحول، لكن التحول الرقمي ليس حلاً يناسب الجميع. ومع تسارع وتيرة التحول الرقمي، يجب ألا تؤدي التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي إلى توسيع الفجوة بين الاقتصادات المتقدمة والناشئة، بل أن تعمل كأداة لسد هذه الفجوة».
اجتماعات مثمرة
وأخيراً، صرّحت لين السباعي، المديرة العامة لشركة «آر إكس الشرق الأوسط»، ورئيسة القمة العالمية لطاقة المستقبل: «نرحب بالزوار والوفود من جميع أنحاء العالم في أبوظبي.
وقد شهد اليوم الأول الكثير من النقاشات والاجتماعات المثمرة إلى جانب استعراض باقة من أحدث المنتجات المبتكرة التي من شأنها رسم ملامح القطاع. ونتطلع إلى رؤية نتائج بقية الإضافات الجديدة للقمة بما فيها فعالية كليكس للذكاء الاصطناعي ومؤتمر المدن المستدامة ويوم الابتكار الخاص بالوكالة الدولية للطاقة المتجددة والذي قدم بعضاً من حلول المناخ المذهلة».
وتجدر الإشارة إلى دورة هذا العام من القمة العالمية لطاقة المستقبل تأتي بالتعاون مع العديد من الشركاء الاستراتيجيين، وهم شركة مصدر ومجموعة تدوير ومدينة مصدر وشركة نكستراكر وهيئة كهرباء ومياه دبي وشركة مياه وكهرباء الإمارات.