ومتى ينفجر الفيس بوك؟

ومتى ينفجر الفيس بوك؟

طلة

هل سينفجر الفيس بوك أيضًا؟! فوجئت بهذا السؤال من ابنتى الصغيرة، فى البداية اعتقدت أنها لم تفهم طبيعة ما حدث فى لبنان بالضبط وبدأت أشرح لها أن الذى انفجر هو أجهزة البيجر التى كان يحملها كثير من اللبنانيين خاصة من أعضاء حزب الله. ولا يحتاج المرء أن يكون ذكيًا ليدرك أن الموساد الإسرائيلى هو وراء هذا العمل الخسيس، فأينما وجدت الخسة فالموساد هو الفاعل الوحيد لها. قاطعتنى ابنتى قبل أن استرسل فى الشرح وقالت لى: أنا فاهمة ما حدث ولكن هل يمكن ايضًا أن ينفجر الفيس بوك وغيره من وسائل التواصل الاجتماعى فى وجوهنا يومًا ما مثلما حدث لتلك الأجهزة.
أجبتها بأنها لو كانت تقصد الانفجار المادى بمعنى أن يفتح صاحب الاكاونت صفحته على الفيس بوك فينفجر الجهاز فى وجهه فكل شيء جائز مع التقدم الرهيب فى التكنولوجيا، لكن إذا كانت تقصد الانفجار المعنوى فهو قد وقع بالفعل متمثلًا فى هذه الشباك العنكبوتية الخطيرة التى نسجت شباكها حولنا بإحكام شديد وأصبح من الصعب الفكاك منها، حيث يندر أن تجد إنسانا على وجه الأرض إلا من رحم ربى لا ينام قبل أن يمسك موبايله لتصفح السوشيال ميديا ربع أو نصف او ساعة وربما أكثر وكذلك يفتح عينه من النوم ليبدأ نفس التصفح ربما حتى قبل أن يقوم من على سريره ليمارس طقوسه اليومية. إنسان هذا العصر يدخل دورة المياه بالموبايل ويتناول إفطاره –إن وجد – وهو يتصفح السوشيال ميديا وإن لم يجد إفطارًا فربما لا يصدر عنه رد فعل عنيف عكس لو وجد النت مقطوعا مثلا أو فوجئ بخلو باقته من الرصيد، هنا ينتفض ويثور ويفعل المستحيل ليعود النت من جديد ليعود هو للسوشيال ميديا تصاحبه فى المواصلات، عامة كانت أو خاصة، ثم فى مكتبه لو كان لديه عمل أو وظيفة ثم يعود بها من جديد مارًا بنفس المراحل حتى يصل لبيته ولا يترك التليفون من يده مطلقًا إلا عند النوم وربما لو استيقظ ليلًا لأى سبب يفتح الموبايل يتصفح! وهو نفس حال جميع أهل البيت الواحد الذين فرقتهم السوشيال ميديا حتى وإن اجتمعوا تحت سقف واحد وربما فى غرفة واحدة لا تتجاوز مساحتها مترين فى مترين.
الموضوع جد خطير وبعض التليفونات التى تقدم تقريرًا أسبوعيا لحاملها عن ساعات تصفح للسوشيال ميديا تحمل ارقامًا مزعجة لصاحبها يجب أن يأخذها على محمل الجد ليقاوم هذا الغول ولو تدريجيًا. لذا أعتبر أن هذا الانفجار هو أخطر من انفجار أجهزة البيجر واللاسلكى فى يد اشقائنا اللبنانيين وإن كان كلاهما يأتى فى إطار استهداف الناس خاصة الشباب منهم فى كل زمان ومكان، حيث إن تلك العادات السيئة فى استخدام السوشيال ميديا، بل وإدمانها، ليس شأنًا عربيًا خالصًا بل هو أزمة عالمية حقيقة يعانى منها العالم كله.
نعم الانفجار قد حدث من زمان والذين يستهدفوننا من خلال هذه الوسائط حققوا أهدافهم بنجاح باهر، لم تعد السيطرة على العالم حاليًا تتم بغزو الجيوش واحتلال الاراضي، هذه موضة قديمة، الاحتلال حاليًا يستهدف العقول ضاربًا فى طريقه قلوبنا فى مقتل ولعلنا نفيق.
انتهيت من كلامى من ابنتى الصغيرة التى بدا عليها الضجر مما أقول، فما إن انتهيت إلا ووجدتها تسارع للموبايل تعوض ما فاتها خلال الدقائق التى شغلتها فيها عنه!
 

 

[email protected]