في مبادرة إنسانية تحمل رمزية عالية، تبرّع البابا فرنسيس قبل وفاته بالسيّارة البابوية التي استخدمها خلال زيارته التاريخية إلى بيت لحم في أيار/مايو 2014، لتحويلها إلى عيادة طبية متنقلة تخدم أطفال قطاع غزّة، في ظل أزمة إنسانية متفاقمة يعيشها أكثر من مليون طفل نازح يفتقرون إلى الحد الأدنى من الغذاء، المياه النظيفة، والرعاية الصحية.
و أوكل البابا مهمة تنفيذ هذه المبادرة إلى مؤسسة كاريتاس – القدس، لتكون حلقة الوصل في إيصال الدعم إلى القطاع المحاصر.
المعابر المغلقة تعرقل المبادرة
لكن وعلى الرغم من استكمال تجهيز السيارة بالمعدات الطبية اللازمة، لم تتمكّن المبادرة من بلوغ هدفها، بسبب إغلاق معبر رفح بين مصر وغزّة والقيود الأمنية المفروضة على المعابر من الجهة الإسرائيلية.
وأكّد هاروت بيدروسيان، مسؤول الإعلام في كاريتاس – القدس، في تصريح لـ«آسي برينسا»، أنّ التنسيق مع الجهات الرسمية مستمر، إلا أن العقبات على الأرض تحول دون دخول السيارة، موضحًا:
“المعابر ما زالت مغلقة، ولا يبدو أنّ ذلك سيتغير في المستقبل القريب”.
معاناة يومية ومساعدات محدودة
بحسب بيدروسيان، فإنّ إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع يتم بشكل جزئي، لكنّه يخضع لنقاط توزيع عسكرية ولا يلبي الحاجة الفعلية، خاصة في ظلّ ما وصفه بـ”الفوضى العارمة”.
وأشار إلى أن الحصول على تصاريح من السلطات الإسرائيلية يُعدّ تحديًا كبيرًا، إذ إن العملية شاقة وطويلة، في حين أن المعابر المصرية “أسهل نسبيًا”، لكنّها مغلقة حاليًا أيضًا.
ضحايا في مراكز توزيع المساعدات
في الأيام الأخيرة، تفاقمت التحديات على الأرض مع ورود تقارير عن إطلاق نار على أحد مراكز توزيع المساعدات في غزّة.
وأكدت مصادر محلية، بينها منظمة أطباء بلا حدود والهلال الأحمر، أن جنودًا إسرائيليين أطلقوا النار على مركز يتبع لمؤسسة إغاثية، ما أدى إلى مقتل 31 شخصًا على الأقل.
في المقابل، نفت المؤسسة وقوع أي حادث، وأكدت أن عملية التوزيع سارت “بسلاسة ومن دون مشاكل”.
سيارة البابا… في انتظار ممر إنساني
ما زالت سيارة البابا فرنسيس – المحمّلة بالأمل والتضامن – عالقة خلف الحدود، في انتظار ممر إنساني يفتح لها الطريق إلى الأطفال الذين صُمّمت لأجلهم. وبين البيروقراطية والسياسة، تبقى الحاجة الإنسانية صرخة مفتوحة تبحث عن استجابة حقيقية.

0 تعليق