أثار تكليف رئيس الوزراء وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى بتوفير ٥٠ مليون جنيه للشركة المنفذة للأعمال بقصر ثقافة السويس، من احتياطى الموازنة، على أن تتحمل باقى التكلفة، التى تبلغ ٥٠ مليون جنيه أيضا، وزارة التنمية المحلية ومحافظة السويس، الجدل حول القصور المعطلة فى أنحاء الجمهورية وبدأ المواطنون يناشدون من أجل إعادة الحياة لقصور الثقافة بمحافظاتهم التى تعانى من الإهمال أو الإغلاق.
وكان فصل التيار الكهربائى عن قصر ثقافة قنا جرس إنذار للوسط الثقافى فى مصر للحديث عن أزمات عديدة تعصف بقصور الثقافة، وكان الدافع لفتح العديد من النقاشات حول المشكلات التى تمر بها الهيئة، وقرار الفصل وإغلاق القصر يوضح الفجوة الكبيرة بين الالتزامات المالية والواقع الثقافى الذى يعانى من الإهمال بعد تراكم المديونيات التى وصلت لـ ٩ ملايين جنيه منذ عام ٢٠١٩.
وهو ما دفع «الفجر» لمعرفة تفاصيل الأزمة ولماذا لم يتم دفع تلك المديونية خلال الخمس سنوات الماضية رغم تتابع الوزراء ورؤساء الهيئات والأقاليم، وقيام شركة الكهرباء خلالها بإرسال تحذيرات عديدة للمسئولين بضرورة سداد المديونيات المتراكمة حتى اضطرت لتنفيذ قرار القطع، وهل هناك قصور أخرى تعانى من نفس الأزمة، ووفقًا للبيان الذى صدر عن القصر فكانت هناك محاولات لحل الأزمة بأقصى سرعة ممكنة.
ومن جانبه أكد عماد فتحى رئيس إقليم جنوب الصعيد، فى تصريح خاص لـ «الفجر» أنه تفاجأ بقرار إغلاق القصر ولكن تم السعى على الفور من قرار قطع الكهرباء لحل الأزمة مع الكهرباء وبالفعل عاد القصر للعمل من جديد بعد التفاوض مع الكهرباء، مشيرًا إلى أن القصر يعمل بكامل طاقته الآن.
وعن سبب تراكم المديونيات لتلك السنوات برر رئيس الإقليم أن السبب الحقيقى هو مشاكل فى الورق الذى كان يتم تقديمه للمالية، فلم يتم التنسيق من البداية بشكل صحيح، ولكن تم تدارك المشكلة وحلها فى أسرع وقت.
وبالرغم من محاولات أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، المستمرة للتواصل مع أصحاب الشكاوى التى تصل لوزارة الثقافة خاصة من الموظفين، إلا أن هناك مازالت أزمات فى هيئة قصور الثقافة تحتاج لاهتمام منه ومن رئيس هيئة قصور الثقافة، فملف قصور الثقافة ملئ بـالاستغاثات والشكاوى التى تحتاج للتحقيق فيها، ولكن تعتبر أزمة انقطاع الكهرباء هى أحدثها، ولم يكن قصر ثقافة قنا فقط هو الذى عانى منها ولكن بعد البحث وجدنا أن مكتبة المعادى التابعة لقصور الثقافة تعانى نفس الأزمة ولكن دون حل حتى الآن.
وصرح مصدر بهيئة قصور الثقافة -رفض ذكر اسمه- بأن مكتبة المعادى لا تؤدى عملها بشكل منتظم بسبب انقطاع التيار الكهربائى عنها منذ ثلاثة شهور، وأعاد المسئولية المباشرة على عاتق مديرة المكتبة التى تتراخى فى إجراءات إعادة التيار الكهربائى مشيرًا لأن بطء الإجراءات والروتين هما أكبر العراقيل التى تعطل عودة العمل بالمكتبة خاصة أن الموظفين أعجبهم حالة الكسل التى سادتها منذ ثلاثة شهور.
وبالرغم من تقديم عدة شكاوى منه وزملائه باعتبارهم أعضاء نادى أدب المعادى لإعادة التيار الكهربائى الذى أدى لتوقف الندوات والصالون الذى يقام أسبوعيًا، كان الحل من مديرة المكتبة أنه تم نقل الصالون إلى حى الأسمرات الذى يبعد عن المعادى بمسافة طويلة جدًا مما يزيد من أعباء الكتاب والمثقفين، فالمسؤلية المباشرة على مدير عام الفرع ومدير الموقع، موضحًا أن الفاتورة لا تتعدى الـ ٦ آلاف جنيه سنويًا لكل هذه الأزمة ولكن التباطؤ والتراخى هما سبب تفاقم الأزمة، بجانب أن هناك قرارًا أن تقوم المالية بخصم مخصصات الكهرباء من الموازنات وتتعامل الكهرباء مع المالية بشكل مباشر، ومن الغريب ألا يتم تطبيق القرارات فنجد مديونيات على قصور الثقافة دون أى مبرر واضح مع تعتيم المسئولين على توضيح أسباب التأخير فى الدفع.
ولم تتوقف الأزمة إلى عدم تسديد فواتير الكهرباء فقط ولكن امتدت لنجد قصورًا مغلقة لسنوات عديدة دون أسباب واضحة، حيث أكد عبدالحافظ بخيت رئيس نادى الأدب المركزى لمحافظة سوهاج وعضو اتحاد كتاب مصر وأمين عام أدباء مصر الأسبق، أن قصر ثقافة سوهاج مُعطل منذ أكثر من أربع سنوات بحجة التطوير، مشيرًا أن الحركة الثقافية بمحافظة سوهاج معطلة بالكامل لأن القصر كان مركز الموظفين للفرع بالكامل، فمنذ إغلاقه وتعانى سوهاج شللًا تامًا فى كل الأنشطة.
وأوضح رئيس نادى الأدب أنه قام بمخاطبة كافة الجهات المعنية وغير المعنية بالأمر، حتى وزير الثقافة نفسه لحل الأزمة ولم يتم حلها خلال أربع سنوات تتعرض فيهم محافظة سوهاج للاغتيال الثقافي، مشيرًا إلى أن وزير الثقافة وعد بحل الأزمة على أن يتم توجيه المستثمرين لترميم القصر وإدارته، ولكن لم نر أى تنفيذ على أرض الواقع، بجانب توقف العمل نهائيًا من قبل العمال بالقصر.
وأضاف عضو اتحاد الكتاب أن رواد الأدب فى سوهاج يعتمدون على مكتبة الرفاعى التابعة للمجلس المحلى كمنفذ وحيد للفعاليات الثقافية، مطالبًا بإعادة الروح لأهل سوهاج وحل مشكلة القصر وإعادة افتتاحه فى أقرب وقت.
وبالرغم من توجيهات وزير الثقافة بسرعة افتتاح قصر ثقافة «أخميم» فما زال القصر مغلقًا حتى تاريخ نشر التقرير، ويعانى أهالى أخميم من غياب الثقافة بشكل كبير، ويناشدون بسرعة عودته للحياة بعد إغلاق تخطى العام ونصف العام بحجة التطوير.
وأشار علاء رزق الأمين العام الأسبق لإقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد إلى أن قصر ثقافة منشية ناصر من أهم قصور الثقافة فى مصر ولكنه يعانى من إهمال شديد، رغم أنه تم تطويره من قبل الشركة الألمانية وكان يضج بالفعاليات الثقافية منذ سنوات عديدة إلا أنه الآن تحول لقصر مهجور بسبب غياب المرافق عنه، فدورات المياه بلا مياه بسبب تراكم الفواتير وعدم سدادها، موضحًا أن القصر يمتلك مسرحًا كبيرًا يسع ٢٠٠٠ شخص ويشبه محكى القلعة، وبالرغم من ذلك لا يمكن إقامة حفلات به ودعوة زوار لأنهم لم يجدوا مياهًا للشرب أو لدورات المياه التى تحتاج لصيانة لكنها تهالكت منذ عدة سنوات.
وأضاف رزق أن الأزمة ممتدة منذ ٦ سنوات وقام بمناشدة العديد من الجهات لعودة المرافق للقصر حتى تتم إعادة النشاطات الثقافية بالشكل الصحيح لها الذى يتوافق مع المناطق التى يغطيها القصر الذى مثل فى فترات منارة العلم والثقافة لمواهب عديدة ساهم فى شهرتها وظهورها فى الإعلام وحصولها على فرص عديدة، أما الآن فتحول إلى ظلام وغياب تام.
وقال الكاتب أسعد سليم فى تصريح خاص لـ «الفجر» إنه «لا يمكن للمرء أن يتخيل محافظة دمياط العريقة بلا قصر ثقافة، حيث إن دمياط التى أنجبت الكثير من المثقفين البارزين أمثال فاروق شوشة وبنت الشاطئ وأحمد الشهاوى وسمير الفيل وآخرين لا يسع المقام لذكرهم أصبحت منذ سنوات طوال بلا مكان للمثقفين يجمع شملهم وأفكارهم، فقصر ثقافتها مهدم وتحت الترميم منذ أمد بعيد ولطالما نادينا بإعادة افتتاحه لكن لا مجيب حتى الآن».
وأضاف الكاتب أن الثقافة تلعب دورًا بارزًا لا يمكن تجاهله أبدًا فى بناء الأوطان والمجتمعات ونحن بدورنا دولة ناهضة تحتاج بجانب المكونات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية المكون الثقافى الذى لا بديل عنه لمستقبل مشرق نتمناه جميعا، مشيرًا إلى أن الفنون هى التى تذهب النفوس، وتنير العقول، وتثرى الروح، لذلك فإن وجود كيانات ثقافية متنوعة ومتعددة لهو واجب وطنى على كل فرد أن يسعى لوجوده وانتشاره بكل السبل، لذلك لا يمكن أن نترك شبابنا لتيارات مختلفة تتجاذبهم دون أن نؤهلهم ثقافيًا وفكريا حتى يستطيعوا تجاوز الأفكار المضللة والحركات المستترة التى تبطن غير ما تظهر. وناشد سليم كافة المسئولين ببذل المزيد من الجهد وإعادة افتتاح قصر ثقافة دمياط القديمة بأقصى سرعة حتى نتدارك ما فاتنا ونكون بحق فى الطريق الصحيح للجمهورية الجديدة.