بدأت تتكشف في إسرائيل منذ أول من أمس، الجمعة، تفاصيل ليست كاملة بعد حول “حرب جنرالات” في أعقاب تسريب رسالة استقالة نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أمير برعام، التي اعتبرت أنها تلمح لرئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، بأن عليه هو الآخر أن يستقيل قريبا.
واستقالة هليفي قريبا، ربما خلال شهر أو شهرين حسب التوقعات، ليست سرا. فرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يسرائيل كاتس، يدفعان في هذا الاتجاه، لكن الصحف الإسرائيلية الصادرة اليوم، الأحد، بدأت تكشف عن علاقات إشكالية داخل قيادة الجيش، بين هليفي وبين الجنرالات.
وأشار المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، يوسي يهوشواع، فإنه “في الأيام التي ستلي تقديم هليفي استقالته، وهذا اليوم يقترب بعد إعلان برعام، ستُفتح أفواه مسدودة كثيرة، والرائحة التي ستخرج منها لن تكون عطرة”.
وأضاف أن هليفي سمع بنفسه انتقادات شديدة وجهها له كل من قائد المنطقة الوسطى المنتهية ولايته، يهودا فوكس، وقائد الفيلق الشمالي “الذي دُفِع إلى الاستقالة”، ساعر تسور، وقائد شعبة القوى البشرية، يانيف عشور، وقائد شعبة التنصت المنتهية ولايته، عيران نيف، وقائد سلاح البرية المنتهية ولايته، تَمير يدعي، “وهذه قائمة جزئية ولا تشمل قادة فرق عسكرية وجنرالات شاركوا في اجتياح قطاع غزة. وجميعهم معا يرسمون صورة خطيرة ومكفهرة ومقلقة”.
ووصف يهوشواع استقالة برعام بأنها “حدث دراماتيكي وغير مسبوق. فلم يعبر نائب لقائد الجيش أبدا عدم ثقة كهذا بالجندي رقم واحد، وخاصة في ذروة حرب نازفة جدا. ورغم أن العلاقات بين هليفي وبرعام لم تكن جيدة أبدا وهليفي رأى به أنه خلف مفروض عليه (في المنصب)، لكن الحرب دهورتهما إلى أعماق سحيقة، واستقالة برعام كشفت عن القليل منها”.
ويشعر برعام أن هليفي سعى خلال الحرب إلى إبعاده عن دائرة اتخاذ القرار المصغرة، التي شملت قائد شعبة العمليات وقائدي المنطقتين الجنوبية والشمالية في الجيش.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم، أن برعام طلب في الصيف الماضي الاستقالة من منصبه، حسبما جاء في رسالة استقالته التي قدمها إلى هليفي. “وبناء على طلبك وبالتنسيق مع وزير الأمن، مددت ولايتي في المنصب لنصف سنة أخرى، وحتى شباط/فبراير المقبل، لأنني اعتقدت أنه من الجدير والصواب الاستجابة لطلبك بسبب شدة الحرب”.
ووفقا للمحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، فإن برعام قدم استقالته بعد أن أدرك أن تدوير مناصب في الجيش سيستغرق وقتا طويلا، كما أن هذه الاستقالة “تعقد بشكل أكبر مكانة هليفي”، لأن الأخير لن يتمكن من تعيين نائب جديد له ولن يتمكن من التأثير على رئيس أركان الجيش القادم، لأن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، يسرائيل كاتس، لن يسمحا له بذلك لأنهما سيسعيان لتعيين رئيس أركان يكون مواليا لهما، “الأمر الذي يفاقم الأزمة في الجيش”.
وأضاف هرئيل أن “القيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية، برئاسة نتنياهو وقيادة هليفي ورئيس الشاباك، رونين بار، فشلت فشلا ذريعا في مجزرة 7 أكتوبر وفي الأحداث التي أدت إليها. ومن الناحية العامة والأخلاقية، يتعين على أي أحد كان ضالعا مباشرة في ذلك أن يتنحى وألا يستمر في المنصب حتى نهاية ولايته”.
لكنه أشار إلى أن “حرب الجنرالات” تخدم مصلحة نتنياهو، الذي “يرفض الاعتراف بمسؤوليته. وهو ووزراء الليكود يحاولون أن يحبطوا بكافة الوسائل تشكيل لجنة تحقيق رسمية، بينما هليفي وبار تحملا مسؤوليتهما عن الفشل، لكنهما لا يسارعان إلى تنفيذها (بالاستقالة)”.
وتابع هرئيل أن طريقة نتنياهو للاستفادة من “حرب الجنرالات” تشمل توجيه الاتهامات في جميع الاتجاهات من أجل “طمس الادعاءات بالإخفاق ضد نتنياهو والمقربين منه”.