الصبح أخبار – المعمودية لها معانى روحية ورموز واسرار

تحتفل الكنيسة بعيد الغطاس، أي معمودية السيد المسيح، ونجد معاني روحية عميقة في سر المعمودية والرمزية، فالمعمودية هي الخليقة الجديدة؛ فعندما ندخل في جرن المعمودية، يفصل الله النور عن الظلمة. 

قال الراهب الفرنسيسكانى بولس رزق، ينال الإنسان سر المعمودية بعد إعداد تام واستعداد لسر المعمودية. وعندما يدخل حجرة المعمودية، التي ترمز للدخول إلى الفردوس الذي طُرد منه آدم، نرجع إليه مع سر المعمودية. تُبنى هذه الحجرة من 8 جوانب، حيث يُرمز الرقم 8 ليوم القيامة، إذ قام المسيح من القبر. تمثل صورة 7 أيام صورة هذا الدهر، ورقم 8 يرمز إلى الحياة الأبدية. نجد هذه الحجرة أمام الكنيسة كما في إيطاليا (فرينوسا) أو داخل الكنيسة، وتكون لها ثمانية جوانب. اليوم ال 7يحمل صورة مؤكدة لغفران الخطايا، ومن هنا ندخل في اليوم الثامن الأبدية.

وتابع فى تصريحات ل “الفجر” المعمودية هي باب الأسرار، أي العودة إلى الفردوس، وبسبب خطية الإنسان الأول، وعندما نخلع ثياب الشخص المتقدم إلى العماد، يبدو في نظر القديس كيرلس صورة خلع الإنسان العتيق وأعماله. والقديس غريغوريوس النيسي، مخاطبًا أولئك الذين قبلوا عنادهم: “اخلعوا الإنسان العتيق مثل ثوب متسخ واقبلوا ثوب عدم الفساد الذي يهبه لكم المسيح”. ويشير الثوب القديم إلى البشرية الفاسدة؛ إن ثوبك، وهو رمز الموت، يجب أن يُنزع، وبالمعمودية يجب أن تلبس رداء عدم الفساد والمعمودية تمثل الولادة الجديدة والدخول إلى حياة روحية جديدة. 

واكمل، المياه تُرمز إلى التطهير من الخطايا القديمة وبدء حياة جديدة في المسيح. والمعمودية وسيلة للعودة إلى حالة البراءة والنقاء الأولى التي فقدها الإنسان الأول (آدم) بسبب الخطية. يُرمز لها بالدخول إلى الفردوس الذي طُرد منه الإنسان. إن العُرى التي تحدث أثناء العماد ترمز ليس فقط للتعري من الموت، بل هي أيضًا عودة إلى حالة البراءة الأولى، وهذه هي وجهة النظر التي يؤيدها القديس كيرلس: “ياللعجب! لقد كنتم عراة أمام أعين الجميع دون الشعور بأي حرج أو خجل، وهذا يرجع إلى أنكم تحملون في قرار نفوسكم آدم الأول، ذلك الذي كان عريانًا دون شعوره بالخجل”.ويرمز طقس الثوب الأبيض إلى أحد الجوانب المتعلقة بنعمة العماد. إن هذه الثياب البيض تُشير في نفس الوقت إلى طهارة الروح ونقائها وعدم فساد الجسد.

وعمل الروح القدس في تقديس مياه المعمودية. “لقد رأيتم المياه ولكن ليست كل المياه تُشفي لو لم ينزل الروح القدس على تلك المياه”. والحمامة ترمز إلى الروح القدس، وإن رمز الحمامة عند نوح يقابلها من الناحية الأخرى الغراب الذي يرمز إلى الشيطان. ونجد التدبير الإلهي لإنقاذ البشر بالمعمودية وعمل الروح القدس. ويأخذ ديديموس الإسكندري هذا النص ذاته لترتليان ويزيد عليه: “إن الثالوث غير المنقسم والذي لا يُعَبَّر عنه، وهو ينظر منذ الأزل إلى سقوط الطبيعة البشرية، في الوقت نفسه، أوجد من العدم مادة المياه فأعد للبشر الشفاء الذي يُغطى من خلال المياه. وهذا هو السبب في أن الروح القدس، وهو يَرفُ على وجه المياه، يظهر لنا، مُقدسًا لها، وماتحًا إياها، من هذه اللحظة خصوبتها في الولادة. كما ينبغي لنا أن نربط هذا بحقيقة هامة، وهي أن لحظة عماد يسوع، قد حل الروح القدس على أمواج الأردن واستقر عليها. 

 وترمز حمامة الروح القدس أنها تذكرنا حسب المعنى الحرفي للنص بروح الله الذي كان يرف على وجه المياه الأولى. ويحل الروح القدس على المياه ليقدسها ويجعلها وسيلة للشفاء والولادة الجديدة، يُرمز إلى هذا الحدث بحلول الروح القدس على مياه الأردن أثناء عماد يسوع.

لماذا تُغطس في الماء؟عندما نقرأ في نص الكتاب المقدس “فلتفض المياه زحافات ذات نفس حية” (تكوين 1: 20)، فخلقت الزحافات الحية. لقد حدث هذا عند بداية الخليقة، وأما بالنسبة لك فقد احتجز الماء ليُخرجك الماء إلى النعمة، كما أخرجت تلك المياه الكائنات الحية إلى الحياة الطبيعية. عليك أن تَحْذُو بالمعمودية، فإن البحر شكل للمعمودية، حيث أنه أنقذ الشعب من فرعون، مثلما تفعل المعمودية من عبودية الشيطان. إن البحر قد قتل العدو، وكذلك في المعمودية تحطم عداوتنا لله. لقد خرج الشعب من البحر سالمًا معافى، ونحن أيضًا نخرج من الماء كأناس أحياء من بين الأموات. وعندما يقترب الشعب من ماء الميلاد الجديد، مثلما يهربون شعب بني إسرائيل من مصر التي هي الخطية، فإنهم هم أنفسهم يتحررون ويخلصون. أما الشيطان وأعوانه، وهم أرواح الشر، فيندحرون.

ونجد رمزية عمود السحاب لسكنى الله في العهد القديم هو الذي كان يصاحب اليهود أثناء خروجهم. إن هذا العمود كان العلامة الظاهرة لحضور الله في وسط شعبه. وعندنا ندخل في جرن المعمودية نموت مع المسيح ونقوم معه وهي علامة العبور من الخطيئة إلى الحياة. من يجتاز هذه المياه يموت، بل يقوم مرة أخرى، ويصبح هيكل للروح القدس. وعمود النار كان يتقدمهم، أما عمود السحاب فكان يتبعهم كظل الروح القدس. إنكم ترون كيف أنه بالروح القدس والماء يظهر بوضوح شكل المعمودية. عمود النار ليلًا مع شعب بني إسرائيل وفي العهد الجديد هو الكلمة ويقول لنا يسوع المسيح في الإنجيل “انا نور العالم ومن يتبعني لا يمشي في الظلمة”.  وفي الصلوات نجد  وضع الزيت على جبهة الطفل، وفي العهد القديم علامة الدم على الأبواب لتعد الملاك المهلك جانبًا. بهذه الطريقة تكون علامة الصليب. ومن خلال سر المعمودية نصبح خليقة جديدة مع يسوع المسيح.