الصبح أخبار – بيئياً… البَرّ لا يَسُرّ

كتب ناصر المحيسن – الكويت في الأحد 12 يناير 2025 11:30 صباحاً – نفايات و«صبّات أسمنتية» وأثاث مستعمل وأكياس بلاستيكية، ومسارات عشوائية للسيارات، أضعفت التربة وقضت على الغطاء النباتي.

هذا ما رصده ناشطون تحدثوا لـ«الراي»، عن قلقهم للحالة التي وصل إليها «البرّ»، والانتهاكات التي يقوم بها بعض المخيمين، وسط مطالبات بضرورة التحرك لإنقاذ البيئة البرية والحفاظ عليها، ونشر الوعي بين مرتادي البر لضمان الاستدامة البيئية.

الصيرفي والشيخ خليفة خلال افتتاح الفعالية

تدمير

بداية، حذر الناشط البيئي شبيب العجمي من الحالة التي وصل لها البرّ، لافتاً إلى أن «التدمير طال أجزاءً كبيرة من البيئة البرية في الكويت، الأمر الذي أثر سلباً على المساحات الخضراء والنباتات والشجيرات».

وطالب العجمي عبر «الراي» بـ«تكثيف الرقابة وتشديد العقوبات على كل من تسول له نفسه العبث بالبيئة الصحراوية التي تشكل معلماً أساسياً من معالم الكويت»، منتقداً «قيام البعض برمي المخلفات ورماد الفحم في الصحراء، وعدم وضعها في حاويات القمامة المخصصة لها». وناشد الجهات المسؤولة لـ«تشديد الرقابة على شركات النظافة المسؤولة عن تنظيف البر».

زحف الرمال

بدوره، أكد الناشط البيئي سعد الحيان أن «أماكن التخييم أصبحت صحراء قاحلة ومدمرة للتربة، وأدت لجرفها، ما تسبب بزحف الرمال على الطرقات بفعل الرياح».

وحذر الحيان، في تصريح لـ«الراي»، من «تدمير الغطاء النباتي، والقضاء على الحيوانات البرية بسبب عشوائية التخييم وطرقه وأساليبه، حيث أصبح الاستمتاع في الصحراء تدمير كل ماهو جميل في ظل الإصرار على جلب كل المستلزمات المدنية والتمدن ووضعها في مخيمات البر».

واعتبر أن «الحل يحتاج تنظيم وقيام الجهات المسؤولة بدورها الرقابي والتنظيمي والقيام باستخدام أحدث ما توصلت له الإدارة الحديثة في الرقابة والتنظيم».

ممارسات ضارة

من جهته، قال الناشط براك الهندال إن «ثمة عدة أمور يفترض مراعاتها أثناء التخييم، من بينها عدم التخييم في مجرى مياه الأمطار والسيول، ومراعاة اتجاه الرياح عند استخدام الفحم وإشعاله، حتى لا تتسبب في اندلاع الحريق. كما أن بعض المخيمين لا يقومون بإعداد التمديدات الكهربائية بالشكل الصحيح ما يتسبب في الكثير من التلف لممتلكاتهم».

ولفت إلى أن «بعض المخيمين لا يقومون بعمل أماكن خاصة لتصريف المياه شبه النظيفة أو المياه الرمادية، فضلاً عن تدمير الغطاء النباتي وتدمير جحور الحيوانات البرية المستوطنة والتي يحل عليها البشر ضيوفاً، فتراهم يقومون بتخريب تلك البيوت وهدمها».

وبين الهندال لـ «الراي» أن «هناك بعض الممارسات الضارة مثل ركوب الدراجة النارية، وإشعال النار مباشرة على الأرض دون وضعها على (مواقد مخصصة)»، مضيفاً «أتمنى تغيير فترة بداية إقامة المخيمات إلى بعد الوسم، حتى تشبع وترتوي الأرض من مياه الأمطار، وتتمكن النباتات من الإزهار في شتى المناطق الصحراوية المخصصة للتخييم».

واعتبر أن «الحفاظ على الحياة البرية بات مسؤولية الجميع، الأمر الذي يجعل المهمة ملقاة على كاهل كل من ينصب الخيام في البر، وعليه مراعاة الحياة البرية والحفاظ عليها والاهتمام بها، وليس كما يفعل البعض حين يقدمون على هدم مخابئ الحيوانات البرية واقتلاع النباتات وإشعال النيران فيها».

مبارك الهاجري: المسارات العشوائية لطرق السيارات… تُضعف التربة

– «علوم الأرض»: لا للتخييم في المناطق ذات الطابع التاريخي والجيولوجي

مبارك الهاجري

دعا رئيس الجمعية الكويتية لعلوم الأرض الدكتور مبارك الهاجري إلى «الابتعاد عن التخييم في المناطق ذات الطابع التاريخي والجيولوجي، من أجل المحافظة على هذه المواقع لأهميتها كإرث طبيعي جيولوجي مع ضرورة وضع قوانين لحمايتها من التدمير».

وحول أبرز ممارسات التخييم التي تضر بالتربة والبر والبيئة بشكل عام، بيّن الهاجري أنها «تشمل المسارات العشوائية لطرق السيارات في البر تعمل على تفكك وضعف التربة، ما يساهم في تدمير، فضلاً عن الاحتطاب الجائر للأشجار والشجيرات الحولية والموسمية الذي من شأنه أن يضر بالتوازن الطبيعي البيئي للصحراء الكويت، بالإضافة إلى رمي القمامة وعمل سياج رملي حول المخيمات وصب قواعد أسمنتية على التربة».

وحذر من أن «الأنشطة البشرية المصاحبة لإقامة المخيمات أثرت في البيئة الصحراوية وسببت تشوها لسطح الأرض وغيرت الملامح الطبوغرافية، كما دمرت الغطاء النباتي وساهمت في القضاء على الحيوانات البرية».

وشدد على «ضرورة نشر الوعي وثقافة احترام البيئة و تحمل المسؤولية في المحافظة عليها»، لافتاً إلى أن «القوانين التي تضمن الحفاظ على البيئة موجودة لكنها تحتاج جدية للتفعيل».

وأشار إلى أن «مساحة البر تمثل ما لا يقل عن 90 في المئة من إجمالي مساحة البلاد التي تبلغ 17818 كيلومتراً مربعاً، ورغم صغر تلك المساحة إلا أنها غنية بالأشكال الأرضية والسمات الطبوغرافية فنجد في ربوعها الأودية والمنخفضات والحافات الصخرية والتلال والسهول الحصوية والكثبان الرملية والسباخ».