كتب باسل النجار – الثلاثاء 14 يناير 2025 05:03 مساءً – حال الخليج ـ مسقط
شارك سعادة محسن بن حمد الحضرمي وكيل وزارة الطاقة والمعادن بمؤتمر مستقبل التعدين في العاصمة السعودية الرياض، بمشاركة وفد رفيع المستوى يضم المهندس مطر بن سالم البادي، الرئيس التنفيذي لشركة تنمية معادن عمان، وعدداً من المسؤولين في وزارة الطاقة والمعادن وشركات التعدين في سلطنة عمان، يعد المؤتمر منصة دولية مرموقة تجمع بين الحكومات والشركات العالمية والمؤسسات البحثية والخبراء في قطاع التعدين، حيث يناقش أحدث التطورات التقنية والفرص الاستثمارية المتاحة.
وفي تصريح لسعادته، أكد أن: “إن مشاركة سلطنة عمان في هذا المؤتمر تأتي ضمن حرصنا على مد أواصر التعاون وبناء العلاقات مع دول العالم، بهدف تطوير قطاع المعادن كركيزة أساسية لتحقيق التنويع الاقتصادي وتعزيز التنمية المستدامة، وتسعى سلطنة عمان من خلال هذه المشاركة إلى استقطاب الاستثمارات العالمية، وتبني أحدث التقنيات المبتكرة، وتمكين الكفاءات الوطنية، وتشجيع الصناعات التحويلية المرتبطة بالقطاع لتعظيم القيمة المضافة وتحقيق أهداف رؤية عمان 2040.
وأضاف سعادته” تمتلك سلطنة عمان ثروات معدنية غنية ومتنوعة تشمل النحاس، والكروم، والنيكل، والسيليكا، والليثيوم، والعديد من المعادن ذات القيمة الاقتصادية العالية، مما يجعلها وجهة واعدة للاستثمار الإقليمي والعالمي، وتدعم هذه الموارد بنية أساسية متطورة وسياسات تشجع على الابتكار وتعزيز الشراكات الاستراتيجية مع الشركات الرائدة، لبناء قطاع تعدين قوي قادر على المنافسة عالميًا.
كما أشار سعادته “إننا في سلطنة عمان نؤمن بأن الابتكار وتعزيز الشراكات الاستراتيجية هما الركيزتان الأساسيتان لتحقيق التميز في قطاع التعدين، ودفعه ليصبح مسهمًا رئيسيًا في الصناعات المستقبلية، مثل تقنيات الطاقة النظيفة، والبطاريات، والسيارات الكهربائية، كما نلتزم التزامًا راسخًا بمبادئ الاستدامة من خلال تبني تقنيات متطورة تقلل من التأثيرات البيئية، وتحقق الكفاءة في العمليات التعدينية، بما يعكس رؤيتنا لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة تعود بالنفع على الأجيال الحالية والمستقبلية”.
وأكد سعادته “إن مشاركتنا اليوم ليست سوى بداية لطموحات أكبر وشراكات أعمق، نسعى من خلالها لتحقيق إنجازات ملموسة تعزز من مكانة دولنا عالميًا، وتسهم في بناء اقتصادات قوية ومستدامة تلبي تطلعات شعوبنا وتواكب تطورات العصر”.
من جانبه أوضح المهندس مطر بن سالم البادي، الرئيس التنفيذي لشركة تنمية معادن عمان:
“تمثل مشاركتنا في مؤتمر التعدين الدولي امتدادًا لالتزامنا المستمر بدعم وتطوير قطاع التعدين في السلطنة، وتعزيز مكانتها كوجهة استثمارية رائدة، نحن نعمل على تسليط الضوء على الفرص الاستثمارية الواعدة التي يوفرها هذا القطاع، بدءًا من الاستكشاف، مرورًا بتطوير المشاريع التعدينية في الشق العلوي، وصولاً إلى تعزيز الصناعات التحويلية لتحقيق التكامل في سلسلة القيمة وتعظيم الفائدة من موارد السلطنة.
في مجال الاستكشاف، نعمل على طرح منطقة الامتياز 11-B للاستثمار والشراكة مع مستثمرين استراتيجيين. تمتد هذه المنطقة على مساحة 84.5 كيلومتر مربع غرب ولاية صحار، وقد أحرز فريق الاستكشاف لدينا تقدمًا ملموسًا عبر سلسلة من الدراسات الجيولوجية المتعمقة، والمسوحات الجيوفيزيائية، وعمليات الحفر التي كشفت عن مؤشرات مشجعة لرواسب النحاس.
أما في الشق العلوي، تستهدف شركة تنمية معادن عمان من خلال هذا المؤتمر شراكات استراتيجية لتنفيذ مشروع تعدين الكوارتز السيليكي بطاقة إنتاج تصل إلى 3 ملايين طن سنويًا، لتلبية الطلب المتزايد على هذه المادة في الأسواق الصناعية.
وفي قطاع الصناعات التحويلية، فتسعى الشركة إلى تطوير مشاريع استراتيجية تشمل إنشاء مصهر النحاس ومصنع السيليكون المعدني، إضافة إلى مشاريع الفيروسيليكون والدولوميت بجودة عالية. تهدف هذه المشاريع إلى تعظيم القيمة المضافة من موارد السلطنة الطبيعية وتعزيز مكانتها كمركز عالمي للصناعات التعدينية.
إننا ندرك أهمية الشراكات الاستراتيجية مع المستثمرين المحليين والدوليين لتعزيز نمو قطاع التعدين، وتتيح مشاركتنا في هذا المؤتمر فرصة مثالية لتبادل الخبرات وبناء العلاقات مع الشركاء المحتملين، واستعراض الإمكانيات التي تزخر بها السلطنة كمركز استثماري واعد، كما إننا نؤمن بأن هذه الجهود ستسهم في تحقيق رؤية عمان الاقتصادية القائمة على الابتكار، النمو المستدام، والتنويع الاقتصادي.”
ولتعزيز الاستثمار في سلطنة عمان وتحقيق الاستدامة في قطاع التعدين، اتخذت وزارة الطاقة والمعادن عددًا من الخطوات المهمة، أبرزها:
1.تحديث الإطار القانوني والتنظيمي حيث تم تطوير منظومة التشريعات بما يواكب أفضل الممارسات العالمية لتعزيز الشفافية والجاذبية الاستثمارية، من خلال وضع إطار مالي مرن يشمل إتاوات تنافسية تتراوح بين 5% و10%، وتخفيض تكلفة الإيجار السطحي خلال مرحلة الاستكشاف.
2.تخصيص مناطق استثمارية ذات جدوى اقتصادية عالية بما يسهم في استغلال الموارد الطبيعية بشكل أمثل وتعزيز القيمة المضافة، مستفيدةً من بنية أساسية متطورة تشمل موانئ عالمية ومناطق صناعية متكاملة.
3.إطلاق منصة رقمية متكاملة لإدارة عمليات الاستثمار وتسهيل الإجراءات، مما يمكّن المستثمرين المحليين والدوليين من الوصول إلى الفرص الواعدة بكل سهولة وشفافية.
4.وضع دليل شامل للصحة والسلامة المهنية يضمن الالتزام بأعلى معايير الصحة والسلامة المهنية في الأنشطة التعدينية، مما يسهم في حماية العاملين والحفاظ على الاستدامة البيئية.
5.إطلاق برامج تدريب وتأهيل متخصصة تهدف إلى تطوير الكفاءات الوطنية وتعزيز قدرات العاملين في القطاع، بما يواكب احتياجات السوق وأحدث التطورات التقنية العالمية.
تُجسد هذه الخطوات التزام السلطنة بتهيئة بيئة استثمارية محفزة ومستدامة تُعزز من مكانة قطاع التعدين كأحد ركائز النمو الاقتصادي.
نظام مناطق الامتياز: نموذج للاستثمار الواعد
في هذا الإطار، خصصت وزارة الطاقة والمعادن العديد من مناطق الامتياز للاستثمار من خلال التنافس على هذه الفرص، حيث تم توقيع اتفاقيات تعدينية تشمل 21 منطقة امتياز للاستكشاف والتنقيب عن مختلف الخامات مع شركات محلية وعالمية، ويُقدر إجمالي الاستثمارات المتوقعة من هذه المناطق بحوالي 37 مليون ريال عماني ( حوالي 96,2 مليون دولار أمريكي)، منها 14 منطقة مُنحت لشركة تنمية معادن عمان لتطوير موارد مثل النحاس، والكروم، والسيليكا، والخامات الصناعية الأخرى، كما تم طرح 6 مناطق امتياز جديدة للمزايدة، تحتوي على خامات مثل الكروم، والنحاس، والمنجنيز، والجرانيت، والمعادن المصاحبة الأخرى، في إطار الجهود المستمرة لتعزيز الاستثمار واستدامته.
قطاع النحاس: عودة الإنتاج بعد توقف عقد كامل
ومن الإنجازات اللافتة في هذا القطاع خلال العام المنصرم، استئناف إنتاج النحاس بعد توقف دام عشر سنوات، حيث تم تصدير أول شحنة من مركزات النحاس من عدة مناجم في سلطنة عمان، ويُتوقع أن تصل الطاقة الإنتاجية إلى حوالي 150 ألف متر مكعب سنويًا، بنقاء بنسبة نقاوة تتراوح بين 18% و22%، مما يفتح آفاقًا جديدة للاستثمار والإنتاج، ويؤكد على الإمكانات الواعدة لقطاع التعدين العماني.