منذ بضعة أيام وفي تطور غير متوقع، أعلن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة عقب فترة طويلة من التوترات والصراع، ورغم الترحيب الدولي، ما زالت الرؤية السياسية على المدى البعيد للقضية الفلسطينية غارقة في الضبابية، كما هو الحال مع العديد من الأزمات في المنطقة السياسية. وبينما بدأت بعض الدول، مثل سوريا ولبنان تلتقط أنفاسها تدريجياً بعد سنوات من الصراعات، وتلوح بوادر أمل الحلول مشابهة في العراق واليمن وليبيا، هنا يبرز للأذهان سؤال محير حول الرابط ذو الصبغة الاستراتيجية الذي يجمع بين هذه التحولات؟ وما هي أدوار القوى الدولية والإقليمية المتحكمة بمسارات هذا المشهد السياسي المتشابك التعقيد والمحتوى على طلاسم سياسية في المنطقة؟ ففي الآونة السابقة كانت الأزمات تتراكم دون حلول ملموسة، مما أدى إلى تراجع الآمال في تحقيق السلام الواقعي، ولكن التطورات الأخيرة تشير إلى إمكانية التغيير، أن المتفحص قد يجد أن سوريا قد عانت خلال السنوات الماضية من فترة قاتمة بسبب صراع طويل الأمد أثقل كاهل شعبها وأدى إلى انهيار شبه كامل للأمل. وبالرغم من ذلك، بدأت مؤخراً تظهر بوادر تشير إلى إمكانية إعادة بناء سوريا من جديد.
فعلى الرغم من الدمار الهائل الذي خلفته الحرب، بدأت عملية إعادة الإعمار تتبلور شيئاً فشيئاً، مدعومة بتفاهمات دولية وإقليمية تسعى إلى وضع حد لهذا الفصل المؤلم وإعادة البلاد إلى مسار الاستقرار والتنمية. وفي لبنان، يبدو أن الأوضاع تسير نحو مرحلة جديدة تحمل في طياتها فرصاً إيجابية، بعد انتهاء هيمنة «حزب الله» الذي ظل مسيطراً على المشهد السياسي لفترة طويلة.
وعلى الرغم من التحديات المتشابكة التي يواجهها العراق، يلوح في الأفق تفاؤل متزايد يعزز الأمل في مستقبل مستقر، ومزدهر، مما يفتح الباب أمام فرص جديدة لتحقيق السلام بعد عقود من الصراعات. كما تشهد الساحتان اليمنية والليبية مؤشرات إيجابية نحو تحقيق تسوية سياسية، بعد أعوام طويلة من النزاعات الداخلية.
وبوهلة فاحصة، يلاحظ الباحث السياسي أن الرابط الجوهري الذي يربط هذه التحولات هو تحرك القوى الدولية والإقليمية بحذر، اذ تعرف ان مصالحها الاستراتيجية معرضة للخطر في حال استمرار الصراعات، إذ يمثل ذلك تهديداً مباشراً لاستقرار النظام العالمي.
في هذا السياق، يبرز تحول حيواستراتيجي شامل يعيد تشكيل خريطة المشهدين الإقليمي والدولي، حيث تعمل القوى الكبرى على استغلال مواقعها الجغرافية وأهميتها السياسية لتعزيز نفوذها في مراكز القرار العالمي.
ومن خلال إعادة ترتيب موازين القوى، تسعى هذه الدول إلى تحقيق توازن يلبي مصالحها الاستراتيجية، مع الحفاظ على دورها المحوري في رسم مستقبل المنطقة العربية.
أما غزة، فالوضع يكتنفه الغموض والتساؤلات، إلا أن هذا الاتفاق قد يكون خطوة أولى نحو هدوء نسبي إذا استمرت الجهود بثبات نحو حلول مستدامة.
ويبقى السؤال: هل تمهد هذه التحركات السلام الحقيقي في الشرق الأوسط أم تعكس تغييرات تكتيكية على المسرح الدولي؟ في خضم هذه الاحداث، يظل الأمل قائماً في أن تكون هذه التطورات بداية لمرحلة جديدة تركز على التنمية والأمن، حيث تتضافر السياسة والجغرافيا لتحقيق مستقبل مزدهر للمنطقة.
في الختام الله نسأله أن يعيد الطمأنينة والسلام الى ربوع أوطاننا العربية، وأن تتحقق الآمال في استقرار أمني واقتصادي شامل يعم البلدان العربية جميعها.
اقرأ أيضاًمصطفى بكري عن اتفاق وقف إطلاق النار: غزة تنتصر.. ومصر وقطر مارستا دورهما المحوري
بعد 15 شهرا من العدوان.. كارثة غزة تحديات إعادة الإعمار تعمِّق المأساة الإنسانية الضحايا حوالي 156 ألف قتيل وجريح.. والأنقاض تتجاوز الـ42 مليون طن
نائب بالشيوخ: مصر قدمت جهودا حثيثة لدعم القضية الفلسطينية وحريصة على إعادة إعمار غزة