أسبوع الآلام , يعد يوم الأربعاء من أكثر الأيام درامية في حياة السيد المسيح، وهو يحمل في طياته مزيجًا من الهدوء الإلهي من جهة، والمؤامرة البشرية من جهة أخرى. في هذا اليوم، اعتزل المسيح عن الجموع ليقضي وقتًا خاصًا مع تلاميذه، بينما كانت السلطات الدينية تضع اللمسات الأخيرة لخطة تسليمه وقتله، بمساعدة أحد أحبائه – يهوذا الإسخريوطي.

. هدوء المسيح في بيت عنيا: لحظة راحة قبل الألم
بعد أن أنهى السيد المسيح تعاليمه العلنية بسلسلة من الأمثال (متى 25)، قضى يوم الثلاثاء في عمل مكثف، وانتهت تلك الأعمال بحلول مساء ذلك اليوم. أما الأربعاء، فكان يوم راحة روحية قضاها مع تلاميذه في بيت عنيا، حيث جلس معهم بهدوء يهيئهم نفسيًا وروحيًا للأحداث العظيمة القادمة، وأخبرهم للمرة الأخيرة عن موعد صلبه القريب . لقد كانت لحظة مؤثرة، خيّم فيها الحزن والقلق على التلاميذ الذين أحبوا معلمهم بشدة، باستثناء واحد منهم كان قد سلّم قلبه بالفعل للظلمة.

خيانة يهوذا أحداث أربعاء أسبوع الآلام : عندما يبيع التلميذ معلمه
يهوذا الإسخريوطي، التلميذ الوحيد من اليهودية، كان قد أُعطي أمانة الصندوق نظرًا لكفاءته، لكنه سمح للطمع أن يتسلل إلى قلبه. ومع الوقت، ازداد إحباطه من نهج المسيح الذي رفض أن يكون ملكًا أرضيًا. وعندما علم أن المسيح ماضٍ نحو الصلب، قرر أن يخرج بأقل خسارة، فذهب إلى رؤساء الكهنة وعقد صفقة لتسليمه مقابل ثلاثين من الفضة، ثمن العبد حسب الناموس. دخل الشيطان قلب يهوذا لأنه وجد فيه الاستعداد الكامل للخيانة. ولم تعد هناك شرارة رجاء في داخله كما كانت في بطرس، لذا لم يُصلّ الرب من أجله كما فعل مع سمعان.
المرأة التي سكبت الطيب: نقيض الخيانة بالحب
وفي ذات اليوم الذي خان فيه يهوذا سيده، جاءت مريم أخت لعازر وسكبت قارورة طيب على قدمي المسيح ومسحته بشعرها، في مشهد فريد من الحب والتقدير، وكأنها تستعدنه للموت والدفن. هذا التصرف أظهر التباين الصارخ بين شخص أحب المسيح بكل قلبه، وآخر باعه لأجل فضة زائلة. لذا تحرص الكنيسة في صلوات أربعاء" target="_blank"> البصخة على قراءة هذه القصة، لتجعل كل مؤمن أمام خيارين واضحين: طريق الحب والتضحية مثل مريم، أو طريق الخيانة والطمع مثل يهوذا.

يوم الأربعاء في أسبوع الآلام
يوم الأربعاءهو يوم تأمل عميق في قرارات البشر واختياراتهم. المسيح اختار أن يعتزل ليُعد أحبائه، بينما اختار البعض أن يُتمّوا مؤامرتهم. وبينما سادت محبة مريم، سادت خيانة يهوذا. هو يوم صمت فيه المسيح، لكن صوت قرارات الناس تكلم بوضوح. وعلى كل مؤمن أن يقف في هذا اليوم أمام نفسه ليسأل: إلى أي جانب أنتمي؟ وهل قلبي مفتوح للرب أم للظلمة؟